يصر الجيش الليبي على التأكيد بأنّ معركة "طوفان الكرامة" التي أطلقها منذ أبريل من العام الماضي، تهدف إلى ما أسماه "تحرير العاصمة من المليشيات والجماعات الإرهابية". في مقابل ما تنفيه حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السرّاج من وجود أشخاص أو تنظيمات إرهابية منضويّة في صفوفها.

كما تصرّ حكومة الوفاق على تكييف المعركة بأنها معركة ضد "الشرعيّة الدّولية" وضد "مدنيّة الدّولة". فالمجلس الرئاسي وحكومته يستمدان وجودهما من اتفاق الصخيرات، الذي ينص على اعتبارها الجسم التنفيذي في الدّولة والتي يجب أن تحصل على تأييد البرلمان الذي اعتبره الاتفاق الجسم التشريعي الشرعي الوحيد في البلاد. 

غير أنّ هذه الحكومة لم تحصل على تأييد البرلمان الذي رفض اعتمادها، بالتالي لم تحصل على الشرعيّة السياسيّة المحليّة، مكتفية في كلّ مرّة بتعليق يافطة أنها الحكومة "المعترف بها دوليًا" في وجه كل خصومها ومنتقديها.

تلك الشّرعية ذات "الساق الواحدة" هي أيضًا التي ارتكزت عليها حكومة الوفاق في توقيع الإتفاق الأمني مع تركيا والذي أصبحت بموجبه الأخيرة تقدّم بشكل علني كلّ أشكال الدّعم العسكري للمليشيات المسيطرة على العاصمة وجزء من مدن الغرب الليبي.

هذه الشّرعية الدّوليّة التي تلتحف بها حكومة الوفاق في وجه منتقديها وخصومها والمحروسة عسكري باتفاق أمني مع تركيا يعتبره كثيرون غير قانوني في أصله، والمدعومة بحجافل من المرتزقة السوريين الذي يتقاضون آلاف الدولارات من أموال الشعب الليبي.

إذن يبدو الصراع في ليبيا من وجهة نظر الوفاق كأنّه هجوم عسكري على حكومة شرعيّة، ترفع عاليًا شعارات مدنيّة الدّوبة في وجه "مشروع عسكري". في مقابل الجيش الذي يصرُّ على أنّ حربه هي ضد المليشيات والجماعات الإرهابية والتكفيرية ومقاتلي داعش والقاعدة.

** سعد الطّيرة قاعديٌّ يدافع عن "مدنيّة الدّولة":

رغم ما تحاول حكومة الوفاق نفيه من وجود جماعات وعناصر إرهابية في صفوفها، يخرج في كلّ مرّة واحد رموز هذه التنظيمات الجهاديّة والتكفيرية في أحد محاور القتال ضد الجيش الليبي مقاتلا الى صفوف المليشيات المنضوية تحت حكومة الوفاق.

آخر الوجوه التي ظهرت على مسرح الأحداث في ليبيا هو الارهابي سعد الطيرة الذي ظهر في أحد محاور العاصمة طرابلس وهو يقاتل مع حكومة الوفاق ضد قات الجيش الليبي. 

الطيرة ظهر في فيديو لقناة "ليبيا لكل الأحرار" التي تبث من تركيا بتمويل قطري، يعلنه القائمون عليها صراحة، أكّد وجوده في محاور القتال ضد الجيش الليبي. 

والإرهابي سعد عبد السلام الطيرة هو أحد قادة تنظيمي أنصار الشريعة ومجلس شورى مجاهدي درنة المصنفتين منظمتين إرهابيتين يتبعان لتنظيم القاعدة في ليبيا، وهو يقاتل إلى جانب قوات حكومة الوفاق ضد قوات الجيش الليبي في محاور القتال جنوب طرابلس.

الطيرة هو أحد أخطر العناصر الإرهابية المطلوبة محليا ودوليًّا لدى الأجهزة الأمنية، وهو من مواليد حي الساحل الشرقي بمدينة درنة شرق ليبيا عام 1977، ويُكنى داخل التنظيمات المسلحة بـ"أبي الزبير الدرناوي"، ويخوض المعارك ضمن صفوف كتيبة "أبو سليم" الإرهابية بقيادة سالم دربي ويعد عضوا وقائدا ميدانيا بارزا لدى الكتيبة.

وحارب الطيرة في التحالف الإرهابي في درنة رفقة المجرمين الإرهابيين المعروفين المصريين هشام عشماوي وعمر سرور، وقد ظهر في وقت سابق في إصدارات مصورة بثتها الجماعات الإرهابية بالمدينة، وهو يتوعد قوات الجيش الليبي بتنفيذ عمليات إرهابية.وتواجد الطيرة ضمن مجموعة "إبراهيم الجظران" كما تحرك بين مدن (الشاطئ – سبها) لفترة وانتقل إلى جنوب بني وليد ومنها إلى مصراتة، ومنها إلى تاجوراء، وأعلن عن تواجده مؤخرا في طرابلس ضمن المليشيات المسلحة في محور عين زارة ودخل في مواجهات عديدة ضد المواجهات ضد القوات المسلحة الليبية.

ظهور الطيرة وقبله العشرات من الارهابيين المتنميين لتنظيم القاعدة وحتى داعش، ينسف كل السرديات السياسية والاعلامية والدعائية التي تشيّدها حكومة الوفاق على فكرة دفاعها وتبنيها لـ"مدنيّة الدّولة" في مواجهة ما تسميّه "مشروعا عسكريا" ينفيه الجيش بتأكيد أن حربه ضد الجماعات التكفيرية والارهابية، وهو ما تؤكّده الوقائع فعلا. ظهور الطّيرة وهو القيادي القاعديّ والمتبني لأشدّ الأفكار الجهادية تطرفًا وارهابًا في محاور القتال ضمن قوات الوفاق، يجعل من سرديّة الدفاع على "الدّولة المدنيّة" تفقد، في نظر الكثيرين، كل مصداقيتها.