مشهد جديد ينضاف إلى مسلسل الصراع الليبي مع تصاعد الحديث عن دخول روسي على الخط دعما للجيش الوطني الليبي في مواجهة الغزو التركي المتصاعد والذي ياتي بتواطئ من حكومة الوفاق التي تسيطر عليها جماعة "الاخوان"،والذي حول العاصمة الليبية طرابلس الى قاعدة تركية تغرق في بحر من مرتزقة وارهابيي أردوغان الذين يمثلون خطرا على ليبيا والمنطقة.

وفي ظل المشهد القاتم الذي رسمه الغزو التركي للاراضي الليبية وعدوانه الصارخ دعما للمليشيات والعناصر الارهابية في طرابلس،تتجه روسيا -احدى أبرز القوى العالمية حضورا في الملف الليبي- الى التدخل من بوابة دعم الجيش الوطني الليبي في مواجهة تحالف كبير من المليشيات والمرتزقة والارهابيين المدعومين من تركيا.

وتناقلت وسائل إعلام روسية وأخرى ليبية، خبراً عن تحذير بيت الرئاسة الروسي "الكرملين"، السبت 23 مايو/أيار 2020، من الاعتداء على الجيش الليبي، وأن أي اعتداء عليه يعتبر اعتداء مباشر على روسيا.كما أكدت تلك الوسائل على دعم روسيا للجيش الليبي، ومساندتها في دعم القضية الليبية لمواجهة التدخلات العسكرية التركية في الأراضي الليبية.

ويبدو أن الاتصالات الروتينية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان،لم تنجح في التغطية على الخلافات الثنائية التي خرجت إلى العلن وكشفت عن وجود قلق روسي جديّ من إرسال أنقرة لقواتها ومرتزقتها الى طرابلس التي تهيمن عليها الميليشيات والعناصر الارهابية المطلوبة محليا ودوليا.

وكان المكتب الإعلامي للرئاسة الروسية "الكرملين"،أفاد في بيان له الإثنين الماضي بأن محادثة هاتفية جرت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، ناقشا فيها الوضع في في ليبيا وأعربا عن قلقهما بشأن تصاعد الاشتباكات في هذا البلد".ولوحظ ضرورة استئناف مبكر لهدنة غير محددة وحوار بين الليبيين على أساس قرارات مؤتمر برلين الدولي في 19 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، والتي وافق عليها مجلس الأمن الدولي بقرار رقم 2510".

كما جرت محادثة هاتفية بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، صباح الخميس،حيث تمت الاشارة إلى أهمية التوقف الفوري للأعمال العدائية واستئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة بمشاركة إلزامية من الأطراف الليبية لحل الأزمة على أساس قرارات مؤتمر برلين التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي.بحسب وزارة الخارجية الروسية.

وكان مؤتمر برلين الذي عُقد في يناير الماضي، وشاركت فيه تركيا، خلص إلى توقيع بيان يلزم الأطراف والدول المعنية بالأزمة الليبية على عدم التدخل أو تسليح الأطراف المتحاربة،كما شدد مؤتمر جنيف، الذي عقد عقب ذلك، على ضرورة وقف التدخلات الخارجية، ووقف إطلاق النار في ليبيا تمهيدا للعودة للمسار السياسي.

لكن النظام التركي أصر على المضي قدما في نقض تعهداته وتحدي المجتمع الدولي،وتقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق. والعام الماضي، وقّع الطرفان اتفاقا للتعاون العسكري، وأرسلت تركيا بعدها قوات ومقاتلين مرتزقة من الفصائل السورية المتحالفة معها إلى ليبيا، لمواجهة الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر الذي يشن منذ أبريل الماضي حملة من أجل طرد الميليشيات المتطرفة من العاصمة.

وبدأت تركيا بنشر قوات في ليبيا في يناير الماضي وزعم الرئيس التركي حينها أنّ تركيا أرسلت 35 جنديا فقط إلى ليبيا دعما لحكومة طرابلس، وزعم أنّ جنوده لن يشاركوا في المعارك.لكن واقع الأحداث على الأرض كشف مخططات أردوغان لتحويل ليبيا الى ملاذ جديد للعناصر الارهابية التي تنقلها أنقرة من سوريا الى ليبيا والتي باتت تمثل تهديدا اقليميا ودوليا.

ومؤخرا تمكنت المليشيات المسلحة بدعم من المرتزقة والتدخل التركي المباشر بالبارجات والطيران المسير والاسلحة المتطورة،من قلب الموازين في معارك العاصمة حيث احتلت عددا من المدن على غرار صبراتة وصرمان والعجيلات اضافة الى احتلال قاعدة الوطية التي تسعى أنقرة لتحويلها الى أكبر قاعدة لها في المنطقة وهو ما سيمكنها من مد أذرعها ونفوذها.

وتتزامن تحذيرات الكرملين مع تقارير اعلامية تحدثت عن دعم روسي مفترض للجيش الوطني الليبي.حيث كشف تقريرٌ نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أنّ خبراء الأمم المتحدة يحقّقون في وصول طائرات حربية روسية إلى ليبيا لدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.وقالت الـ"فايننشال تايمز" إنّ وصول شحنة الطائرات الحربية الروسية إلى ليبيا يثير المخاوف من تصعيد في حرب الوكالة بين كلّ من تركيا وروسيا، كاشفة عن عن وصول 8 طائرات لدعم حفتر، بحسب ما نقل مسؤولون ودبلوماسيون اطلعوا على مجريات التحقيق.

ورأت الصحيفة في تقريرها أنّ الكرملين يصعّد من دعمه للمشير حفتر، ممّا قد يفتح الباب أمام مواجهة مباشرة بين روسيا وتركيا التي تدعم الطرف المضاد أي "حكومة الوفاق الوطني" التي يرأسها فايز السراج.ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي، لم تكشف عن اسمه، أنّ "سوريا تلعب مرة أخرى في ليبيا".

وكانت وكالة "بلومبيرغ" نقلت، عن وزير داخلية "حكومة الوفاق الوطني"، فتحي باشاغا، قوله  إن ثماني مقاتلات روسية على الأقل وصلت إلى شرق ليبيا، قادمة من قاعدة جوية روسية في سوريا، للمشاركة في حملات جوية ينتظر أن يقوم بها الجيش الليبي، وذلك بالتزامن مع ما صرح به قائد سلاح الجو الليبي صقر الجاروشي، الذي أكد بأن حملة جوية واسعة لم تمر على ليبيا في تاريخها ستبدأ في الأوقات القادمة، والذي أكد أن كل المواقع والمصالح التركية هي أهداف شرعية للقوات الجوية الليبية.

وقال الجروشي في تصريحاته، إن "الساعات القادمة ستكون مؤلمة جدا على المعتوه وأتباعه في ليبيا"، وذلك في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.وأكد في هذا السياق أن "جميع المواقع والمصالح التركية في جميع المدن المحتلة في ليبيا، هي هدف مشروع لمقاتلات سلاح الجو التابع للجيش الليبي"، موجها في نفس الوقت تحذيرا وصفه بالأخير إلى "المُغرر بهم والمنضمين إلى الميليشيات، بأن يُسلموا أنفسهم وإلا ستتم إبادتهم".

ويتمتع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر بعلاقات جيدة مع الجانب الروسي،ففي يناير 2017، كانت هناك زيارة قام بها حفتر إلى حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف"، وذلك خلال عبورها المياه الإقليمية الليبية في طريق عودتها من سوريا إلى روسيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية حينها في بيان لها أن المشير حفتر، تواصل مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وبحث معه محاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. كما ذكر البيان أنه تم تسليم حفتر، في ختام الزيارة شحنة من الأدوية الأساسية الضرورية للجيش الليبي والمدنيين.

ومثلت الزيارة حينها دفعة رمزية للمشير خليفة حفتر الذي نجح عقب ذلك في بناء علاقات قوية مع موسكو،وهو ما كشفت عنه الزيارات الرسمية التي قام بها حفتر لروسيا واجتماعه مع كبار السياسيين الروس. وفي مطلع فبراير 2017، أعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، إرسال 72 من جنودها المصابين إلى روسيا الاتحادية لتلقي العلاج لأول مرة.

الحديث عن دور روسي قادم ياتي في ظل تصاعد المخاوف من تأثيرات الغزو التركي لليبيا،حيث حذرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، السبت،من أن الاحتلال التركي في ليبيا يمثل تهديدا مباشرا لأمن القارى الأوروبية. وأشارت المجلة، إلى أن هذا التسلل التركي لا يحمل في طياته انتهاكا للسيادة الليبية فقط، بل أنه يهدد أوروبا بشكل كبير، محذرة من أن "سيطرة رجب طيب أردوغان على مقاليد الأمور في ليبيا سيكون له تداعيات وخيمة.

وأوضحت أن "ليبيا نقطة انطلاق للاجئين الأفارقة نحو أوروبا، وأن تمكن أردوغان منها سيدفعه لابتزاز أوروبا بملف اللاجئين".وسبق ان هدد أردوغان أوروبا بأكبر مخاوفها حال سقوط حكومة الوفاق، حيث حذر من اشتعال موجة هجرة غير قانونية من ليبيا.وقال أردوغان في مقال كتبه في صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إن سقوط الوفاق يعني مواجهة أوروبا مجموعة جديدة من التهديدات الأمنية، داعيا الاتحاد الأوروبي للسير على خطاه ودعم حكومة الوفاق.

وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،في وقت سابق من الغزو التركي للأراضي الليبية،حيث أكد أن إنهاء الصراع في ليبيا "بات أمرا مهمّا وحاجة مُلحة"، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، تم خلاله التعبير عن انشغالهما ومخاوفهما من تزايد التدخلات الأجنبية في ليبيا، وذلك في رسالة واضحة إلى النظام التركي واصراره على اغراق ليبيا بالمرتزقة والارهابيين.

وتتزايد المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار في ليبيا كان آخرها مطالبة الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي رئيس البرلمان العربي بوقف فوري لإطلاق النار في ليبيا في رسائل وجهها، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس ورئيس مجلس الأمن الدولي بإلزام مجلس الأمن الدولي كافة الأطراف المتصارعة في ليبيا بالوقف الفوري لإطلاق النار.

وأعلن الجيش الليبي، الأربعاء، عدة مبادرات بمناسبة عيد الفطر المبارك، بينها تخفيف "المظاهر المسلحة" في طرابلس، ووقف إطلاق النار أحادي الجانب، إلا أن حكومة الوفاق وبأوامر من تركيا رفضت الهدنة وواصلت هجماتها على المدن الليبية المؤيدة للجيش لكنها تلقت هزائم فادحة على أسوار ترهونة كما وقعت في كمين للجيش الليبي في منطقة معسكر اليرموك أسفر عن أسر 12 من مرتزقة أردوغان وعددا كبيرا من القتلى.



وجاء ذلك مع اعلان القائد العام خليفة حفتر، السبت، إن "كل تركي وكل مرتزق" على الأراضي الليبية، هو "هدف مشروع" للجيش الوطني الليبي.وأضاف خليفة حفتر: "جنودنا يواجهون الاستعمار التركي الغاشم والطامع في ثروات الليبيين.. وسنواصل القتال حتى نرد المستعمر ذليلا مدحورا".وتابع: "نخوض حربا مقدسة مفتوحة على كل الجبهات وهدفنا هو النصر".


وتؤكد هذه التطورات،أن الساحة الليبية مقبلة على تصعيد عسكري خلال الأيام المقبلة قد يكون أشد عنفا وضراوة.ويرى مراقبون أن المكاسب التي حققتها حكومة الوفاق عبر التواطئ مع الغزو التركي هي مكاسب مؤقتة وأن المعارك لم تحسم بعد.ويشير هؤلاء الى أن مطالبة قيادات في الوفاق وأخرى اخوانية بتسليم الثروات النفطية لأنقرة كشف بشكل واضح أسباب الغزو التركي لليبيا القائمة على نهب البلاد وجعلها ايالة تركية من خلال أذرعها الاخوانية.