مدينة ترهونة التي تبعد عن العاصمة طرابلس 88 كم إلى الجنوب الشرقي وتعد أكبر المدن التي تقاتل إلى جانب الجيش الليبي كما ينحدر منها اللواء السابع مشاة الذي يملك عتادا عسكريا كبيرا كل ذلك جعلها في مركز اهتمام قوات الوفاق التي سعت عديد المرات للسيطرة عليها بشن هجمات باءت جميعها بالفشل لكنها أدت لتدهور الوضع الإنساني بالمدينة.

ففي هذا السياق، يؤكد وزير الدولة لشؤون المهجرين والنازحين في حكومة الوفاق الوطني يوسف أبوبكر جلالة في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" أن الاشتباكات والعمليات العسكرية حول مدينة ترهونة أدت إلى نزوح أكثر من ستمائة عائلة توزعت على مدن الخمس وزليتن والقربوللي وقصر الأخبار وغيرها من المدن الآمنة في المنطقة الغربية مضيفا أن لجان الأزمة في هذه البلديات والمدن تقوم بواجبها في مساعدة النازحين بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وأهل البر والخير والإحسان من التجار ورجال الأعمال وصندوق الزكاة.

** معاناة إنسانية

تدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة عبر عنه عضو مجلس النواب عن ترهونة د. محمد عامر العباني في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" بالقول إن المدينة شهدت حصارا مطبقا  وانقطاع في الاتصالات والكهرباء بالإضافة إلى حرمانها من المواد الغذائية والأدوية والمحروقات وغاز الطهي وشح المياه كما أنها تعرضت في مرات عدة لوابل من الصواريخ التي أطلقتها قوات الوفاق مستهدفة الأحياء السكنية ما أدى لسقوط جرحى بالإضافة لتضرر المباني والممتلكات الخاصة بالمواطنين.

رأي العباني أيده محمد الصادق المكلف بالمكتب الإعلامي للواء التاسع بشعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي الذي تحدث لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" بمزيد من التفصيل عن الأوضاع الإنسانية بالمدينة مؤكدا أنها محاصرة اقتصاديا من قوات الوفاق من خلال منع الوقود، والسلع التموينية، والنقود أو الميزانية النقدية، وذلك منذ معركة اللواء السابع، والآن زاد الحصار اختناقا بمدينة ترهونة حيث تم قطع الكهرباء، كما يتم استهداف شاحنات الوقود في بني وليد بالطيران المسير، مضيفا بالنسبة لأزمة المياه، فإن أغلب أهالي وسكان مدينة ترهونة لا يعتمدون بشكل رئيسي على مياه النهر الصناعي، ويسعون للاكتفاء الذاتي بإنشاء آبار خاصة.

وأضاف الصادق أن هذا الحصار الخانق وخاصة قطع الكهرباء، له نتائج وأثار كبيرة سبلية حيث تعرضت الأدوية نتيجة لارتفاع الحرارة وانقطاع الكهرباء إلى التلف، كما أن مستشفى الكلى في مدينة ترهونة قلص من عدد أيام وساعات الجلسات حيث أصبحت جلسات غسيل الكلى خلال أيام محددة وبذلك فإن مرضى الكلى لم يعد لديهم جلسات كافية، كما أن الأدوية التي فسدت أو هلكت لم تتمكن المستشفى من استجلاب أحدث منها، حيث تتعرض السلع التموينية والأدوية إلى القصف بشكل مستمر، مطالبا الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، بالتدخل ونقل الصورة والمعاناة التي تحدث لمرضى غسيل الكلى في ترهونة.

** هجمات متواصلة على المدينة:

تدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة هو ترجمة عملية لمحاولات قوات الوفاق المستميتة للسيطرة عليها لكن أكثر هذه المحاولات ضراوة كان في نهاية أبريل الماضي حيث أكد المتحدث باسم الجيش أحمد المسماري، أن التشكيلات المسلحة التابعة للوفاق حاولت  الهجوم على المدينة من 7 محاور في عملية شاملة اشتركت فيها طائرات مسيرة تركية وقوات تركية برية، ودفعوا بكل ما لديهم ولم يستطيعوا حتى الاقتراب من أطراف المدينة أو من الحيز الإداري لها.

وأضاف المسماري أن ترهونة "مدينة عصية على السقوط رغم أنهم يستميتون للسيطرة عليها لقطع الإمداد عن القوات المسلحة" مردفا "نعي كل أهداف الميليشيات ولدينا كل التقديرات التعبوية اللازمة لتفادي هذه المخططات".

وأوضح المسماري أن حديث وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، حول إمكانية طرد قوات الجيش من مدينة ترهونة مجرد "محاولة لرفع الروح المعنوية للميليشيات الإرهابية المقاتلة معه"، بالإضافة إلى أنها "محاولة لإيجاد فرصة وحافز أكبر للتدخل التركي في العملية القتالية".