توالت على تونس منذ سقوط نظام بن علي ، 12 حكومة منها من أمضى أشهر قليلة ثم تمت إقالتها أو استقالتها، وضع سياسي" مزر" ظلت البلاد ترزخ تحت تبعاته لعشر سنوات متتالية حيث ظل الوضع على حاله تتغير الحكومات و لا تتغير السياسات، فشل ذريع تلو الآخر في احتواء الأزمات الاجتماعية و الاقتصادية التي لا تتحسن أو تنتعش إلا باستقرار الوضع السياسي. لعنة سياسية تطارد التونسيين وسط ترقب كبير لما ستفرزه تشكيلة الحكومة الجديدة بقيادة هشام المشيشي الذي كلفه الرئيس التونسي قيس سعيد خلفا لإلياس الفخفاخ إثر استقالته على خلفية شبهة الفساد التي حامت حوله. فهل يفك المشيشي لعنة الحكومات التونسية.

يزداد الوضع العام في تونس "سوءا" وتعقيدا أولا لتأثره بالوضع العالمي و الأزمة الوبائية بكل تأثيراتها و مخلفاتهاو ثانيا لما تعانيه البلاد أصلا من أزمات داخلية أبرزها الأزمة السياسية التي كانت ساخنة جدا خلال شهر يونيو الماضي، الذي شهد استقالة رئيس الحكومة التونسية السابق إلياس الفخفاخ و تكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة 13، هشام المشيشي، إضافة إلى تقديم عريضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي و إلغائها بعد التصويت. تطلعات و آمال كثيرة يعلقها التونسيين على الحكومة القادمة.

أعلن رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، يوم الأحد الماضي ، أنه سيتم الشروع بداية من يوم غد الاثنين و طيلة الأسبوع في عقد سلسة مشاورات مع الكتل البرلمانية و مع ممثلي القوى السياسية، مؤكداً "أن الحكومة القادمة ستكون حكومة كل التونسيين".و قام رئيس الحكومة التونسية المكلف، هشام المشيشي، أمس،  بتعيين أعضاء الفريق الاستشاري والإعلامي، الذي سيتعامل معه طيلة فترة المشاورات التي سيجريها لتشكيل حكومة جديدة، كما التقى رؤساء 4 كتل برلمانية، كتلة حزب النهضة، الكتلة الديموقراطية، كتلة حزب قلب تونس كتلة إئتلاف الكرامة، في إطار مشاوراته لتشكيل الفريق الحكومي المقبل.

و أفاد رئيس كتلة حركة النهضة بأن لقاءه مع رئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، تمحور حول مسار تشكيل الحكومة بالإضافة إلى جملة من المواضيع السياسية العامة و الوضع العام بالبلاد. مضيفا في تصريح إعلامي أن اللقاء ليس سوى بداية التشاور. فيما وصف نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس، اللقاء بالايجابي، و اعتبر أن لا إشكال معه رغم أن الحزب لم يختره مؤكدا تفهمه لكونها حكومة رئيس الجمهورية التونسية. و قال القروي أن على الحكومة أن تسرع في التشكل و أن تنطلق في العمل و تبتعد عن الكلام لأن التونسيين سئموا الكلام ،معتبرا ان هشام المشيشي شخص ذكي و لن يقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها سلفه.

أما رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف فقد أفاد عقب اللقاء، بأنه قدّم تصورات الإئتلاف، السياسية والإقتصادية، إلى المكلّف بتشكيل الحكومة، هشام المشيشي. وأضاف في تصريح إعلامي، إنه يفترض أن تكون الحكومة الجديدة حزبية وأن تقوم على أساس المحاصصة، وتضم حزاما برلمانيا واسعا، " باستثناء من أقصى نفسه".

وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي التونسي، محمد عبو، في تصريح إعلامي عقب لقائه هشام المشيشي، "ما حصل مع الحكومة السابقة من ابتزاز وتصد لكل محاولات مكافحة الفساد يجب أن لا تتكرر"، معربا عن أمله في أن تتمكن الحكومة المرتقبة من تحقيق الأهداف المرجوة . كما دعا عبو المشيشي إلى التفكير بطريقة مختلفة عمن سبقوه والمغامرة بتمرير حكومة محترمة قادرة على فرض القوانين دون ابتزاز أي طرف من أجل النأي بنفسه عن تكرار ما حصل في السابق
 واعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أن تونس تعيش تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها مؤكدا أنه لم يتم التطرق أثناء اللقاء لمسألة مشاركة الأحزاب في الحكومة من عدمها .

تتواصل المشاورات التي يقودها، رئيس الحكومة المكلف السيد هشام مشيشي، اليوم الثلاثاء ،حيث التقى عددا من رؤساء الكتل البرلمانية وممثلي الأحزاب السياسية، بدار الضيافة بقرطاج بداية من منتصف النهار. و قال يوسف الشاهد، رئيس حركة تحيا تونس و رئيس الحكومة السابقة لحكومة إلياس الفخفاخ، عقب لقائه بالمشيشي مساء اليوم، "إن حزبه سيدعم حكومة هشام المشيشي، شريطة التزامها بالبرنامج الذي قدمته له الحركة". وأكد يوسف الشاهد أن على أي رئيس حكومة، "العمل على تنقية المناخ السياسي في البلاد، حتى يتمكن من العمل بأريحية".

تختلف الأراء و التصريحات لرجال السياسة و المجتمع المدني بين مساند لحكومة الأحزاب و مطالب بحكومة كفاءات مستقلة، و كانت تونس قد خاضت كلتا التجربتين دون تسجيل نجاح يذكر. تحديات كثيرة تنتظر حكومة هشام المشيشي وسط تأزم عام، سياسي و اقتصادي و اجتماعي، إضافة إلى عودة انتشار كورونا بالبلاد في ظل شغور بعض الوزارات من وزرائها الأصليين حاليا، قنبلة موقونة تتطلب فكا سريعا لشفرتها و انطلاقة جديدة للدولة التونسية التي عانت من الخيبات المتتالية.