كما هي عادة "جماعة الإخوان" في استغلال أي حدث لترويج الشائعات وإثارة الذعر والفتن في ليبيا، من خلال ممارسة نشر الأخبار الكاذبة، عن طريق المنصات الإعلامية التابعة لها وذلك بالتأكيد بما يتوافق مع التعليمات التركية والمخططات القطرية.

المتابع لنشاط الإعلام الاخواني الذي يعمل من تركيا في معظمه وبتمويلات قطرية كبيرة جدا، يلاحظ التزامن الدقيق للأنشطة الإعلامية مع التطورات العسكريّة، ويلاحظ التناسق التام بين مختلف المواضيع التي تثيرها هذه المنابر في وقت واحد. هذا التزامن وهذا التطابق التام في نوعية وتوقيت المواضيع المتطرق إليها في منابر الإعلام الاخواني، يشير إلى وجود "غرفة" مركزية تدير "المعركة" الإعلامية بالتوازي مع حرب الميليشيات ضد الجيش الليبي. 

تركيا التي كانت تدير هذه المعركة العسكريّة بشكل غير مباشر، لم تعد تخفي ذلك بعد اتفاقية السراج واردوغان حول الحدود البحريّة وما تبعها من اتفاقيات امنية وصفقات كبيرة بأموال الليبيين لشراء الأسلحة والمرتزقة. كما أنها أصبحت منبرا رسميا للمنابر الإعلامية الإخوانية والجهادية تحت إشراف مؤسسات تركية بحثية واستخبارية تدير لعبة الإعلام الموجّه على ترددات المصالح التركيّة، وهو ما تكشفه تلك العلاقة القائمة -مثلا- بين إعلامي "حكومة الوفاق" التي تسيطر عليها الجماعات الإخوانية، ومركز سيتا للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي.

 ** «مركز سيتا التركي»

يعتبر مركز سيتا من أضخم المراكز وله عدة أفرع، مقره الرئيسي في أنقرة، وهو مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تأسس عام ٢٠٠٥ تحت هدف معلن وهو مساعدة الحكومة التركية في تحليل وفهم القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية التركية وغيرها من السياسات الخارجية الخاصة بالدول الأخرى، مع وجود شبهات استخباراتية في التجسس على دول المنطقة، فقد أكدت جمعية الصحفيين الأتراك في وقت سابق أن هذا المركز يعد تقارير بالتعاون مع المخابرات التركية.

** شائعات وتحريض

وتعد تركيا هي الراعي الرسمي لتمويل المنصات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان من أجل زيادة الانقسام والفتن والفوضى، ففي 2011 ظهرت عدة فضائيات ليبية تابعة لجماعة الإخوان بتمويل قطري ورعاية تركية، ومنها قناتان تم تصنيفهما ضمن الكيانات الإرهابية -داخل ليبيا- وذلك بعد معرفة اتجاهاتهما وأهدافهما المشبوهة، وتورطهما في تقديم الدعم الإعلامي للجماعات الإرهابية، والتحريض على القتل، وتأجيج أعمال العنف داخل ليبيا، كما كشفت صحيفة «واشنطن إكزامينر» في تقرير لها أن العلاقة بين الاستخبارات التركية والإرهابيين في ليبيا وثيقة للغاية، لافتة إلى أن جماعات الإخوان منذ 2011 إلى الآن، كلما تراجعوا عسكريًّا أمام الجيش الليبي قاموا استدعاء القوى الأجنبية لمساندتهم، عبر المنصات الإعلامية.

وعلى خلفية خسائر قوات الوفاق في محاور العاصمة أمام الجيش الليبي، خرجت منابر الإخوان التحريضية الداعمة والموالية لتركيا مؤخرا بأحدث شائعاتها لخلق حالة من الانقسام في الشارع الليبي وخاصة بين مؤيدي رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والقائد العام للجيش الليبي خليفة لإظهار حالة من الانشقاق الداخلي في بنغازي بما ينعكس على الشارع الليبي الداعم لهذه المؤسسات.

وظهرت تلك الدعوات أو الشائعات التحريضية من إعلام الإخوان بعد أيام من طلب قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر تفويضاً شعبياً أسقط بموجبه اتفاق الصخيرات، الأمر الذي بدا للعلن أن هناك تعارضاً بين قائد الجيش الليبي، وبين مبادرة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، التي أعلن خلالها عن خارطة طريق لإنهاء الأزمة في ليبيا في 23 أبريل الماضي، حيث استغل الإعلام الإخواني هذا الملف للتأويل في فحوى المبادرة والتفويض بين الطرفين، وإظهار أن هناك حالة من التناقض بين الاثنين بما يرجح أن هناك خلاف بين صالح وحفتر.

** رد الجيش والبرلمان

سريعا استشعرت الأطراف الليبية في الجيش الليبي ومجلس النواب بنوايا الإعلام الإخواني ومخططها التحريضي الجديد، فخرج صالح في مقابلة صحافية لتوضيح الأمر، ونفي مزاعم الإخوان بوجود أي خلاف بين مجلس النواب والقيادة العامة، كما تحدث عن أمور أخرى تناولت مبادرة "حفتر" وتوضيحات لخارطة الطريق.

وأعرب رئيس مجلس النواب الليبي عن أسفه أن بعض الليبيين اعتبروا أن هناك خصومة بين رئاسة البرلمان والقيادة العامة للجيش، مشدداً أن كل هذه الاجتهادات عارية من الصحة، مؤكدا على عدم وجود أي تناقض بين مباردة الجيش وبين المجلس، وأنه الطريق الصحيح للحفاظ على المكاسب التي تحققت تم بتطهير رقعة جغرافية واسعة من قبضة الإرهاب.

كما قال صالح، "من يعتقد بوجود خلاف بيني وبين القائد العام أو القيادة العامة هو شخص واهم"، داعيًا كل من يحاول الاستثمار في هذا الموضوع للتنحي جانبًا.

فشل بعد فشل تذوقه المنصات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان في ليبيا، فيما لا تزال حملات التحريض ونشر الأكاذيب وتزييف الحقائق ضد الجيش الليبي مستمرة.