(1)  بين يدي مولانا الاشتياق

    أخرسٌ هو عشقي لك،أصمٌّ هو عشقكَ لي،كي لا أجنُّ يروي لساني لأصابعي أملاً في أن تنبت آذاناً صاغية لورقي الذي كلما قرأته أزهر ربيعه وأثمرت حروفه.

 

(2) خطّ الشّوق

  ترى كيف يبدو الشّوق لو أردت الكتابة به إليكَ؟ لابدّ أنّه سيكون بخطّي هذا نفسه،له ارتجافاته ذاتها،وانحناءاته عينها.أنا مَنْ تكتب لكَ بخطّ الشّوق.

 

(3) الهبوط في أرض الاشتياق

    الآن هبطتُ في مطار أرض الاشتياق،هي ليلةٌ دافئةٌ ماطرةٌ،وإن كانت درجة الحرارة منخفضة جداً،ولا نقطة مطر في السّماء أو الأرض! لكن هذا ما أشعر به.كلّ شيء هنا في عينيّ متدثّر بالدّفء،أشعر بالرّضا الحارّ في جنباتي والمطر في أعماقي متسربل بوجه سيد المطر.

     وجوه المسافرين كانت بملامحكَ،السّماء كانت ترعد مثل صوتكَ،تحليق الطّائرة مثل سيركَ المزهوّ.

(4) الزّمن بين يدي مولانا الاشتياق

    ترتبكُ روحي العاشقة في حضرتكَ ياسيد المطر،نظرةٌ منك تردّني طفلة،وأخرى تجعلني أنثى أعماقها تغلي،وثالثة تنزلني القبر،وتحبسني فيه في دنيا العدم.الزّمن في حضرتكَ يصبح مباغتاً يعجز عن أن يعطيني أمام النّاس مبرّرات مقبولة لنوبات جنوني وشطحاتي وطفولتي وموجات كآبتي وفرحي الخارجة عن سيطرتي!

 

(5) خصالُ شعركَ

     تفرّستُ طويلاً في شرايين رقبتكَ ورأسكَ وأوردتها وأوتارها،ورسمتُ مقاطع وجهك بتأنٍ فرح، ولهوتُ  بخبث مع خصل شعركَ،حتى أخال أنّني عددتُ شعرات رأسكَ شعرة تلو الأخرى،وقبّلتها بعدالة دون أن أغفلَ شعرة منها.ظباء شاردة هي خصال شعركَ،هي تجيدُ التّخايل أمامي،والهروب منّي،وأنا أجيد العدو خلفها.

 

(6) هتافٌ في أرض الاشتياق

  أنتَ طفلٌ يلعب بالنّجوم والشّهب،ولا يدرك خطورة لعبة الزّمن ومآل حرق الفرص التي لا تعوّض!

 

(7) في حضرة المطر

 

   أعترفُ أنّني في حضرتك ياسيّد المطر أعيشُ حالة ذهنيّة وشعوريّة غريبة؛مداركي كلّها وقلبي وذهني وأحاسيسي تتوجّه نحو شيءٍ واحد،وهو أنتَ.

  في حضرتكَ أغدو بوصلة لا تتّجه إلاّ نحوكَ،وخلاف ذلك فهو هباء وزبد وسراب لا أتذكّره،ولا أراه،ولا أسمعه،ولا أشعر به.

 

(8) لعبة التشويق

لعبة التّشويق مثيرة وشهيّة،لكن إلى حدٍ ما،وإلاّ فإنّها تصبح لذّة آثمة في تعذيب مَنْ تعشقكَ.

 

(9) الزّمن في أرض الاشتياق

  أتعرفُ ياسيد المطر كيف يصبح الوجود،وتغدو الذّات عندما يتلخّص الكون والبشر والزّمان في شفتيّ رجل تشتهيهما،وتدخّر لهما أعمق قبلة عشق؟

 إنّه يصبح حاجة ملحّة غامرة خارجة عن الزّمن والعقل،هي لحظة جامدة متوقّفة عند الاشتهاء وقرع الرّغبة وجموح العشق والتّمنّي.شفتاك أطولُ رحلة يقطعها قلبي الحافي في دربكَ.

 

(10) أرض الانتظار

   أنتَ طفلٌ عابثٌ يسرقه البحر وأصدافه عن موعده في الرّبوة مع طفلة تملأ راحتيها بقبل حارّة له،فينساها،وتغرب الشّمس،وهو يراكض السّنونوات دون أن يدركها.

 

(11) سيد المطر

 سيد المطر أسدٌ في قلب فراشة،كائن أسطوريّ وُلد في قصيدة،دليل على أنّ للملائكة سلالة في الأرض،موسم من مواسم زهور الخلود،زمن توقّفت عنده الأزمان كلّها،عندما يتكلّم يصمت الرّجال،وترهف النّساء أسماعهنّ له،هو مدن سحر لم يسكنها بشر،ماء مقدّس لم يغسل جسد عذراء،جموح بدائيّ مغلّف ببتلات الورد،غضب طفوليّ لا تخمده إلاّ همسة افتنان،طلاسم أوغاريتيّة من فكّها عرف معنى العشق.سيد المطر بوابة دهريّة موصودة منذ الأزل مَنْ فتح مصراعيها أصابته لعنة الحبّ الأبديّ.وإنّني لملعونة به.

 

 (12) احتراق

أيٌّ عشق صوفيّ يتحدّثون عنه في أرض الاشتياق؟!

ماذا عرف سكّانه من العشق مقارنة بعشقي لكَ؟

  ما أسهل الكلمات!

 ما أصعب الاحتراق!

 

 (13) الضّياع في أرض الانتظار

 ماذا فعل بي العشق؟ لقد أخذني إلى طريق لا عودة منه. عالمي غدا بكَ ياسيد المطر دون خرائط  أو اتجاهات،حسبي دربٌ واحدٌ تسير الخطا فيه إليكَ.

 

 

(14) الكتابة في أرض الانتظار

 بحرٌ هي أرض الاشتياق.كلُّ مَنْ فيها يجدّف بقاربه المملوك وبأمنياته المشتهاة اللاهثة أمامه نحو ساحله المنشود،وأنا بقلمي اليتيم أجدّف نحوكَ،وأبتغي ساحلكَ،كلّ ما أفعله هو أن أكتبَ لكَ بدل أن أغدو زبد بحر بلا أقدار.

 

(15) مسافة اشتياق

 عندما تفصلنا جبال وسهول وحدود وحرس وبنادق والآلاف الكيلو مترات أستطيعُ أن أكلّمكَ،أن أراقصكَ،أن أشتمّكَ،أن أحضنكَ،أن أحلم بكَ دون خوف.أمّا عندما تفصلنا مسافة اشتياق عمرها متران أو خمسة تصبح الأمنيات اللذيذة محرقة،ويغدو وجهكَ المقدّس أبعد نقطة في الكون عنّي.

 

(16)  انشغالات أرض الشّوق

 كلُّ ما يفعله البشر هنا في هذه الأرض لا قيمة له.فعلي الوحيد الذي له قيمة،وهو الكتابة إلى سيد المطر.

 

 

(17)  أفقٌ حارٌّ وأرضٌ باردةٌ

كيف أفهمُ قلبي الملتبس بعشقه أنّ عليه أن يصمت وهو إلى جانبكَ؟كيف ألزمه بأن يعيش في منطقة وسطى بين الاشتهاء والزّهد؟ طوبى لقلبي الشّهيد الذي يبعث مرّة تلو مرّة بصوتكَ الفردوسيّ.

 

(18)

اللهاث في أرض الاشتياق

   أعياني الرّكض خلف نظراتكَ وابتساماتكَ وخطواتكَ وأنفاسكَ ياسيد المطر.لعنة أرض الاشتياق أنّني مهما ركضتُ،واجتهدتُ لا أصل إليكَ.أنتَ أرضٌ متباعدةٌ باستمرار،وأنا شوق ملتهبٌ من أزمان.فمن ينتصر التّاريخ أم الجغرافيا؟

 

(19) وجهك المحرّم ووجهي الخطيئة

  وجهكَ محرّمٌ عليّ إن حلمتُ به،وجهي خطيئة إن نظرتَ إليه.ما ألذ الحرام! ما أطهر الخطيئة!

(20) يدكَ الكريمة

   وحدها يدكَ الكريمة عليّ المتمرّدة عليكَ،هي الأقرب إليّ دائماً،هي من تكون في أقرب المسافات مني ومنكَ.هي من أراقب حركاتها،وأرسل إليها ألف قبلة،عددتُ شعراتها الاستوائيّة،حفظتُ وديانها وعروقها ونوافر شرايينها.سلام ليدك حتى موعد الحضن.

 

(21) ابتسامتكَ

    ابتسامتكَ تثبتُ أنّ القلب قد يقهقه في بعض الأزمان،وأنّ قانون الجاذبيّة تولّد عنها،وأنّ ثغراً سحريّاً مثل ثغركَ قادر على ابتلاع الكواكب والمجرّات وأزهار الرّبيع في الشّتاء،وقادر كذلك على إمطار النّاس بالياسمين والزّهور واستيلاد جيش من الأبناء الأقمار وخلق البشر على هيئة سعادة راقصة وأزمان فرحة لا تنقضي.