الأزمة ليست بسيطة كما تتصورونها .. إنها " كوكتيل ثورات متسلسلة " على مستوى الوجود الــ" عربي/ إسلامي " فكراً وحياةً وبكامل شموليتـ " ـها " ـه  " اجتماعي - سياسي – اقتصادي  – ديني – ثقافوي " .ويحتمل أن تكون هذه مرحلة تموضع مـصيرنا الـــ" عربي / إسلامي " .. !

الأزمة بدأت في سقيفة بني ساعدة  .. هناك تشيأ الخلاف وتصدع الوفاق واستخرجت الهويات .. فلم  يحسم الأمر وتنتهي أزمة خلافة " حكم "  العرب/ المسلمين بعد  " محمد- عليه سلام الله وصلاته "  في السقيفة يومها   .. بل لازالت لتفاصيل الحادثة  وحروف وكلمات ذاك الجمع  بتلك السقيفة ترديد وبرمجة وتفسير وتأويل واحْـياء " وما شابه " في كل يوم وبكل مكان انتصبت فيه مأذنة .. وتعددت السقائف كـتعدد الأهواء .. وتعدد المنقطعين عنهــ " هن " ــا كراهة لنتائجها أو اعتراض على " مونولوجــ " ــاتها  جملة وتفصيلاً ..!!

حوار السقيفة كان بداية  تشيأ منهج " دستور "  حكم  "عربي / إسلامي " .. ذو نكهة ديمقراطية خاصة " مع التحفظ " , أخذتنا تأويلات حادثتها عبر أزمان وأوطان  إلي حيث نقف اليوم ..وظل سؤالها " بالأمس " سؤالنا " اليوم " ومحور قضيتها هو محور قضيتنا " لم يتغير شيئ .. فقط اكسسوارات للمزامنة " .. !!

سيان أمر السقيفة وأمرنا اليوم ...  من يحكم " أبو بكر أم سعد  – عليهم رضي الله  " .. ومن ولي الأمر " انتماءاً / صفة " .. وكيف يطاع ومتى .. وكيف يأتي . . وكيف يغادر .. وبيد من يـُـسقط  ..!!؟ .

ورثنا الفرقة وحشوناها " أهواء وأغلاط وتآمر وخيانات وأطماع وفهم سيئ  "  ... هذا ما حدث ويحدث ..!!

سقيفة بني ساعدة حُـشِرت وتمركزت بساحة الفكر الــ" عربي / إسلامي " وتجايلت فيه .. وسقائف جيلها السادس عشر التي نعايشها اليوم  مقامة على أساسات ذات سقيفة بني ساعدة " العتيقة " , وروادها مبرمجون على ذات النسق لأوائلهم  " نفس ويندوز  التفكير مع الإضافات  " .. والشقاق الذي خَـبَـأ حينها بسبب التراحم والإيثار واجتناب نشوء الفرقة " حينها "وقلة المكاسب وقلة الطمع الدنيوي وكثرة الطمع الأخروي تجلي اليوم وتجسد مطالباً بالحكم باسم الله لأحياء الشريعة " حسب الهوى والفهم " ..!!

 كل براعتنا وقـفٌ على تذكر درب السقيفة .. وتكرار العودة إليها عمياناً ..!!

أيضاً .. حوار السقيفة كان منطلق تقسيم ونشوء وإصدار هويات متباينة .. مسلمون وراء أبوبكر الصديق " قرشيون " ومسلمون وراء سعد بن عبادة " أنصار " .. وكان إزدواج الهويات متعادل بين هوية إسلام قرشي وهوية إسلام أنصاري .. وتجاور رؤية  ومزايا وزعامات ومثالب قرشية مع رؤية مزايا وزعامات ومثالب أنصارية كان واقعاً منع الإندماج واستبعد الإنصهار .. ورغم البيعة لأبوبكر " عليه الرضى " ظلت الهويات تركض في الفكر وفي الأنفس وتتناسل وتتوالد في كل المواسم متدثرة بمنطق يناسبها ويوجدها وسط الشعاب الوعرة للفكر .. !

 سقيفة زمن " طورابورا " وشعابه الفكرية أنتجت هوي" ات " طورابورية " متسقة ومنطبقة عليه ومعه ..!!

طفت هويات سقيفة طورابورا   " طالبان – القاعدة – أنصار الشريعة – التكفيروالهجرة – التبلغ – بوكوحرام - داعش " على سطح الوجود الــ" أسلامي / عربي " مختزلة له " الوجود " ومتحدثة باسم الله والشريعة واحتكر حملتها الإسلام وسط مسلمين وحازوه عنهم .. وبعدما تجهزت فكرياً بخارطة السقيفة وقضيتها الأولى وتموضعت في نفوس ألفت صعاب " طورابورا "   أطلقت العنان لدعاة  حروب ردة " نوعية " ضد الهويات المضادة أو المختلفة أو بدواعي العودة لإسلام زمن السقيفة الأولى " سقيفة بني ساعدة " واحيائه ليس بذات الرؤى بل باجتهادات توافق الهوى الطورابوري  ..!!

غياب الشيخ " أسامة من لادن – رحمه الله " فتح السبيل إلي تكوين الهويات الطورابورية ونشوء فكر " طورابوري " متشدد حد التطرف  , يمتهن العنف ويتخذ من الانغلاق ورفض الحوار وسائل دعم لوجوده  المنقطع عن كافة المذاهب الإسلامية المعروفة ويوجه سخطه إلي السلطات المدنية ويتدثر بعداء أمريكا ويحتج به ويتخذ منه دعاية لتحقيق غاياته بتكوين سلطات طائفية على حساب وحدة الإسلام وتماسكه وقوة عقائده وقدسيتها ..!

الطورابوريون جميعاً يحاولون مشادة الإسلام .. ويعمدون إلي تجميده وقتل جوهره " الحسنى والرحمة والوفاق والاقتناع " وتمظهره " تحويله إلي هوية مظهرية وشعارات " .. ويفتحون درب غربته ليعود غريباً كما بدأ ..!!!

كاتب صحفي 

بني وليد / ليبيا