هل يفكر التونسي ؟سؤال يطرح على الكثير منا باعتبار اهميته ومدى فعله على الفرد والجماعة في الحياة العامة بشكل شامل وامكانيات تاثير ذلك على المجالات التي نتحرك داخلها ان كان ذلك سلبا او ايجابا . 

 

وعندما نتطرق الى مجال التفكير فان هذا يحيلنا على مجالات واسعة من اهمها  تحديد دور العقل وامكانيات اعماله من اجل ان يكون دافعا الى البناء والتقدم وتطوير الفعل لا الاجهاز عليه .....وقد ارتبط التفكير دائما بالقوة الخلاقة الكامنة فينا والتي من شانها ان توظف في الغالب ايجابا في اي قطاع من القطاعات التي يشتغل او    عليها الفرد ان كان اشتغالا فكريا او يدويا او غيره .

والحاجة الى التفكير ضرورية لتقدم المجتمعات والاقوام والامم . وقد كرم الله تعالى صاحب الفكر النير والعقل السليم ورفع من منزلة الانسان الذي عهدت اله امانة التاسيس والفعلوالعمل والكد والبذل واستغلال ما هوجود على البسيطة  من خلال فوله قوله تعالى " ويتفكرون في خلق السماوات والارض "( سورة ال عمران ) .

كما يعتبر التفكير والابداع من اعلى مراتب الادراك للعقل . ذلك ان  الله تعالى ميز  الانسان بالعقل المدرك والملهم والواعي بما يوجد امامه من ايات ومعجزات وامكانيات  متاحة من اجل اعمال الفكر فيها والاشتغال عليها اشتغالا ايجابيا يقول الله تعالى كذلك في هذا الباب " ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس . وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون " .  

و باعتبار ان " المادة الشخمة"هي الاساس في ارتقاء الشعوب فقد اهتم العلماء والدارسون والساسة بهذا الجانب  منذ بدء البشرية وافردوها باهتماتهم وتحاليهم العميقة من اجل الاستلهام واخذ العبر .وقد ركز عليها العديد من الساسة في عصرنا الحالي مقارباتهم الاتصالية والخطابية ومن بين هؤلاء في تونس وجدنا اسماء من اهمها " الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي اكد على قيمة  هذا العنصر ومدى فاعليته وضرورة استغلاله   فهو  الاساس و  المفتاح الذي    يسهم  في حل الاشكاليات العالقة والتي تتصل اساسا بعمليات التنمية والخروج من التخلف .وكم من امة  كان لاعمال التفكير  الايجابي  اداة الوقود والانطلاق للخروج مما كانت عليه من بؤس وفقر وامية وانعدام للمرافق الاساسية ولنا في ذلك  امثلة للامم  التي وظفت العقل ونجحت من خلاله في كل المجالات  .

 وللتفكير دلالات وتعريفات :  من اهمها الادراك والوعي وشدة الاحساس واعمال الفكر  والخيال والمعرفة الجادة لمقتضيات الحاجات و  الامور من اجل السعي الى امتلاك المهارات لاستعمالها  لما فيه خير البلاد والعباد بتوظيف  واع ورشيد للامكانيات الموضوعة امام صاحب الفكر  الذي يشترط فيه ان يكون عقلانيا ورصينا وحكيما على خلاف بقية الاجناس التي هي للحيوان اقرب .

 

والفكر في غالبه تمهيد لطريق النجاح به تفتح كل السبل للعمل والاستنباط   وافادة الاخرين اينما كانوا وتقام باعماله المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفكرية في كل شبر من ارض الوطن بعيدا كل البعد عن الجهويات او التوظيفات السياسية الضيقة التي تجعل من فضاء البلاد رقعة للعبث بهاا وتعطيل لمصالحها بتعلات واحجية وحجج ما انزل الله بها من سلطان اضافة الى جعل العديد من القطاعات الاستراتيجية والحيوية في تونس العوبة يتلهى بها او يتزايد عليها من قبل جهات معلومة وغير معلومة  من خلال مطلبيات مادية او معنوية كان بالامكان معالجتها بوسائل اخرىوبتقنيات مستحدثة  اكثر علمية وتداولا ونجاعة . وهي  اشكال للتعبير معتمدة في دول اكثر منا قوة   وعلينا الاستفادة منها في تونس .اانه من غير العقل والمنطق السليم المتوفر لدى الانسان  ان تتعطل مؤسسات التربية باجمعها وبمنظوماتها والياتها والامكانات البشرية التي وظفت فيها من اجل العمل وتحقيق النتائج والارتقاء بالاداء المعرفي  .... الاف مؤلفة من التلاميذ هي اليوم خارج اطار التدريس وفضاءاته من اجل مطالب متعددة ومن بينها الجانب المادي و  هي مشروعة ومنطقية في المطلق لكن مرفوضة عمليا باعتبار ان مؤسسة التدريس والمدرس مقدسة في بلادنا لدى الاولياء والمجموعة الوطنية . وعلى من هو منظوى داخل هذه المنظومة ان يعطي المثال الجيد من خلال اعمال الفكر والتفكير للناشئة لا ان يكون الطرف السلبي .

 

ان الامثلة على عدم الاستفادة من الفكر في تونس كثيرة ومتعددة والبلاد بصدد دفع فاتورة غالية الثمن على كل الاماد ....القصيرة .والمتوسطة .والطويلة ...قطاعات معطلة داخل مؤسسات استراتيجية في العديد من المجالات الحيوية ولعل من ابرز امثلتها ما يعرفه قطاع الفسفاط من تلاعب واستخفاف من قبل العديد من الجهات لعدم الدراية في التناول او لحسابات سياسوية او اعتبارات اخرى .

 

ان هذا المجال الحيوي وغيره ولخلل ظاهر او باطن لدى اصحاب القرار يضرب في الصميم من جراء خلل مشتركلدى اصحاب القرار  في عدم اعمال العقل والتركيز على التفكير وسوء في استنباط الحلول المناسبة والبدائل الضرورية عند معالجة الازمات 

 

ان الامم التي تتخلى عن تفكيرها هي امم مالها الفشل والضياع ولا مستقبل لها امام المتغيرات العالمية المتسارعة والتي نشاهدها كل يوم وفي كل الميادين ومن اهمها المجالات المعرفية والتكنولوجية  

 

كما ان االشعوب التي لا توظف تفكيرها من اجل استغلال مكامن الثروات هي شعوب قدرها الزوال وبالتالي بقاؤها عالة على الغير وبالامكان العبث بها وتوظيفها انى شاء المسيطر عليها   وتبقى دائما تابعة... لان المغلوب كما يقول العلامة عبد الرحمان بن خلدون يقتدي بالغالب في كل شئ. ..