بعد تصاعد أعمال العنف بالأيام الماضية في الضفة الغربية عبرت قوى اقليمية ودولية على رأسها إدارة بايدن عن "قلقها العميق" إزاء تصعيد أعمال العنف في الضفة الغربية، معتبرة أن الهجوم الذي شنه مستوطنون إسرائيليون على قرى فلسطينية "أمرا مقلقا".

ورغم الإدانة الدولية ودعوات لضبط النفس إلا أنه لا تبدو حكومة بنيامين نتنياهو التي تعد الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة العبرية عازمة على التراجع عن عمليات الاقتحام في الضفة، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل عمن يدفع باتجاه التصعيد في الضفة.

ويذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد اعتمد لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية على مسيرات من الجو لإستهداف مقاتلين لدى الفصائل الفلسطينية في الضفة، وذلك بعد يوم من إستعمال طائرة هليكوبتر حربية في مخيم جنين.

وقال بيان للجيش الإسرائيلي إنه قضى على ما وصفها "خلية مخربين قامت بتنفيذ عدة عمليات إطلاق نار نحو بلدات إسرائيلية في يهودا والسامرة".

وأضاف البيان أن قوات الجيش "رصدت بتوجيه دقيق لجهاز الشاباك قبل قليل سيارة مشبوهة كانت تستقلها خلية مخربين، وذلك بعد أن قامت بتنفيذ عملية إطلاق نار بمنطقة الجلمة قرب مدينة جنين".

ورغم أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد تركزت أساسا في مخيم جنين إلا أن العديد من المواطنين في المحافظة قد عبروا عن قلقهم من أن تتوسع دائرة الإشتباك لتشمل كامل المدينة، وهو ما سيؤدي لمزيد من الإقتحامات الإسرائيلية.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة فإن إشتعال الضفة الغربية يخدم بالأساس الحكومة الإسرائيلية الحالية الساعية لإضعاف السلطة وتصوير الضفة كمنطقة خارج السيطرة، وذلك في إطار المخطط الرامي لضمها، وتشريع المزيد من المستوطنات.

ويرى سوالمة أن الدعم الشعبي للمقاومة الفلسطينية لا يعني وجود تحفظات من استراتيجية عملها، لاسيما وأن الأعمال العسكرية في الضفة يعقبها ردا اسرائيلي قائم على منطق العقاب الجماعي، وذلك عبر إلغاء تصاريح العمل للفلسطينيين، وفرض المزيد من الحواجز بين محافظات الضفة، كي يتم على أثره شل الحركة التجارية بالكامل في الضفة الغربية.

ورغم تأكيد السلطة الفلسطينية أكثر من مرة عن تبنيها لخيار المقاومة الشعبية السلمية والضغط الدولي كخيار استراتيجي، يرى بعض المحللين أن تحركات الجهاد وحماس المدعومين من إيران، تأتي في إطار إضعاف السلطة الفلسطينية تمهيدا للإنقلاب عليها.

ففي حين تسعى حماس للتأكيد للوسطاء أن قطاع غزة خارج معادلة التصعيد في الوقت الحالي، لاسيما بعد رفضها الإشتباك مع الإحتلال في جولة التصعيد الأخير بين الجهاد وإسرائيل، فلا يتوانى قياديو حماس الى الدعوة للتصعيد والإشتباك في الضفة التي تعيش واقعا مختلفا عن القطاع.

لذلك يحذر خبراء فلسطينيون من حالة ركود جديدة قد تشهدها الضفة في ظل تواصل الإقتحامات اليومية لجيش الإحتلال، والتي تتسبب في شل حركة البضائع والأشخاص.

وهنا يؤكد الخبير الاقتصادي الفلسطيني ياسين دويكات على إنه في حال فرض الجيش الإسرائيلي حصارا جديدة على محافظات الضفة فإن ذلك سيمثل عقاب جماعي، سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني.

ويتابع دويكات :"أن آثار الحصار الذي تم منذ أشهر في نابلس أضرت بكافة مناحي الحياة اليومية والاقتصادية بالمدينة وما حولها". 

وأخيراً وليس آخراً أصبح المشهد المعقد في فلسطين يطرح تساؤلا هاما، وهو هل تنوي حكومة نتنياهو المتطرفة في الأيام القادمة إستغلال هجمات المستوطنين في الضفة لشل الاقتصاد الفلسطيني، ومن ثم خنق السلطة الفلسطينية وإحراجها أمام الشعب، أم هناك جولة عسكرية أخرى يحضر لها نتنياهو في غزة.