هل نحن فعلا خير أمة أخرجت للناس ؟ للأسف يبدو أننا صرنا حملا ثقيلا على كاهل البشرية ،، قبل أعوام كان حكامنا ومسؤولونا ومثقفونا وإعلاميونا وواعظونا والعاديون من قومنا يتحدثون عن شراسة الصهاينة وظلم اليهود وعدوانية إسرائيل وبشاعة ما يرتكبه الكفْار من جرائم في حق العرب والمسلمين ،وكانت منظمات وجمعياتنا وإذاعاتنا وصحفنا ومجلاتنا تقدم الشر على أنه إسرائيلي والخير والسلام على أنهما عربيان ، والتقوى والشرف والإيمان والفضيلة على أنها صفات إسلامية 

اليوم تبدّلت الصورة ، لم يعد هناك من يتذكر صور قتلى صبرا وشاتيلا ولا مخيم جنين ولا إستهداف محمد الدرّة ، ولم يعد هناك من يتحدث عن بشاعة جرائم الصهاينة ، فقد تبيّن أن من بني جلدتنا من هم أكثر إجراما من الوحوش ذاتها وليس فقط من الإسرائليين ،بل وإتضح أن الصهاينة ملائكة مقارنة بما يبديه بعض العرب والمسلمين من أساليب مبتمرة  في الإجرام 

لهذا يعود لنا نحن العرب والمسلمين « الفضل » في نشر ثقافة الذبح من الوريد من الوريد 

وثقافة التكبير على الضحايا قبل ذبحهم وهم يلهجون بالشهادتين 

وثقافة فصل الرؤوس عن الأجساد وتحويلها الى كرات يتسلى الشباب بركلها بالأقدام بعد تعب الجهاد المقدّس 

نحن من قدّم مشاهد سلخ جلود الأحياء وهم يصرخون 

نحن من إستعمل المثاقب الكهربائية في ثقب رؤوس وصدور الأسرى 

نحن من أدخل فوهات البنادق في فروج النساء وأدبار الرجال 

نحن من نشر ثقافة أكل أكباد وقلوب الضحايا 

نحن من يذبح الأسرى كما يذبح صاحب الدواجن طيور السمّان 

نحن من علّم الناس إغتصاب الرجال والنساء في السجون السرية 

نحن من «يحلّل» الضحية بالسكين بعد قتله بالرصاص 

نحن من يحلل نهب وسرقة أملاك الغير تحت مسمى الغنيمة 

نحن من يستحل هتك اعراض النساء تحت شعار السبي 

نحن من نسمي القاتل اذا قتل مجاهدا وإذا قُتل شهيدا 

والبريء إذا قتلناه شهيدا 

ونساء الغير إذا أسرناهن سبايا وملك يمين 

وأملاك الغير إذا حصلنا عليها غنائم 

نحن من ندعي أننا نمتلك الحقيقة كاملة وأن الله كلفنا بمأمورية الإشراف على علاقة عبيده به 

نحن من خلق الله بيننا أقواما يزداد إيمانهم كلما تناولوا الحشيش أو حبوب الهلوسة ، فيسمعون في دواخلهم أوامر الشيطان ، ويحسبونها أوامر الله ، 

نحن من بات لنا قوم يستعينون بالعدو لضرب الشقيق 

نحن  من بيننا أناس  يسعدون لدمار دول شقيقة ولمقتل شعوب شقيقة

نحن من لا زلنا نتوارث الحقد والراهية والتشفي وروح الإنتقام أبا عن جد 

نحن من إذا تراخت قبضة الدولة خرجت من دواخلنا الوحوش تنهش كل حي 

نحن من إذا تراجع القانون أنكشفت نزعة الإجرام فينا 

نحن من إذا سقط النظام رقصنا للفوضى والخراب 

نحن من ندعي الديمقراطية وفي داخلنا العفاريت لا تعرف غير الإقصاء والإلغاء 

نحن الديكتاتورية ذاتها ، نتحدث عن الهوية العربية الإسلامية ،ولا نضيف أن الديكتاتورية كانت دائما عماد هذه الهوية 

نحن من قتلنا الصحابة والأولياء والزعماء والقادة والقديسين ومارسنا الخيانات وبعنا الأوطان ولا نسير نسير على نفس المنهج 

نحن من حوّلنا الدين الى أداة للتسلط والهيمنة والنهب والإستحواذ ، فكذبنا على الله ورسوله والمؤمنين وزورنا التاريخ وغدرنا بالحقيقة 

ولنا أن نرى ما يحرى حولنا في كل مكان : في ليبيا في سوريا في العراق في اليمن في لبنان في تونس في مصر في السودان في الصومال وحيثما إنخفضت هامة الدولة والقانون 

ويقولون : خير أمة للناس 

لا أعتقد ذلك أبدا