فقد انشغلت الناس طيلة الفترة السابقة عن ثورة 25 يناير ومنحت النظام الحاكم حينذاك مبررا لمد حالة الطوارئ فترة جاوزت الثلاثون عاما بالتمام والكمال واصطلي الجميع بنارها من ناحية أخري فان المراجعة الحقيقية ليست مطلوبة من الجهاديين وحدهم ولكنها مطلوبة أيضا من السياسيين والدينين والاجتماعين فضلا عن الاقتصاديين أنها خطيئة مجتمع بأسرة وليست خطيئة حفنة من الإفراد فهموا الإسلام بطريقة خاطئة وهاهم هاجوا وماجو وافقدوا الإسلام إنسانيته علي زعم أنهم يمثلون الإسلام والإسلام منهم براء أنها خطيئة نظم جائرة ومستبدة فاسدة وفاشلة لاهم لها إلا طلب العلو في الأرض والفساد لان وحدة الكيان والفكر الإسلامي ومن ثم فنحن لا نحتاج لأذن من احد لنخوض في شأن من شئون المسلمين والعبرة عي بالمنطق والدليل والبرهان لان الرابط الوهابي الذي جري التغافل عنة عمدا لأسباب تتعلق لتحالف المصالح بين النظم الحاكمة في المنطقة وضرورة إبقاء هذا التحالف حيا ليتثني لع القيام بالمهام الإستراتيجية الكبرى التي يسندها إليهم راعي الإرهاب الأول والأكبر في العالم بأسرة وهو أولايات المتحدة الأمريكية سابقا في أفغانستان وإيران وإلا في دول ما يسمي دول ثورات الربيع العربي الغش والاحتيال الذي تعرض له المسلمون لم يقتصر علي بيع رؤوس الانتحاريين من سماسرة الدين أصحاب العمائم المزيفة لكبار الطواغيت من اجل تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أنية فالصفقة الكبرى كانت تزوير الدين نفسه ليصبح حمال أوجه ويبقي أداة استخدمها البعض تارة للتحريف والإفساد في الأرض وتارة أخري لتهويد الخضوع والخنوع للظلمة المستبدين بعد فشل العنف أو الجهاد المقدس في تحقيق أهدافه مابين الموت البطئ في ظل أنظمة تحرم البشر من ابسط حقوقهم أو دوامة الموت وأعاصيره علي يد الطالبان والأخوان ومن علي شاكلتهم كانت ولا زالت مصيبة هذه الأمة في مرجعيتها الفقهية عندما استبدلت الذي ادني بالذي هو خير لاشك إن موجه العنف الأخيرة التي اجتاحت دول ما يسمي ثورات الربيع العربي لم تنشأ من فراغ حيث أسهم في إشعالها وتأجيجها مجموعة من العوامل من بينها بكل تأكيد انتشار مؤلفات وأفكار حسن البنا وكذلك الشيخ ابن تيمية هذه الأفكار الدموية والداعية للعنف المقدس وأمام الجماعة المظلومة الصابرة الثابتة – بإذن الله - مستقبل مديد من الظهور والتمكين بعد سلسلة الآلام التي صبّت عليها صبّا فلم تعمد إلى ردّ فعل أهوج ولا ثأر ولا انتقام كما تمنّى المبطلون والمرجفون ، فزاد ذلك في رصيدها من مقوّمات البقاء والنهضة والقيادة ، إضافة إلى رصيدها الثابت القديم المتجدد من الطهارة والأمانة ، فهي في جميع الظروف صاحبة سيرة جذابة وجوار رحب ، قد غسل الايمان العميق القوي صدور أبنائها فأعفاهم من الأحقاد والضغائن رغم مرابطتهم في الثغور لدحض الباطل وإفشال الانقلاب على الشرعية مهما طال الزمن ، وهي على عهدها الثابت الصريح الفصيح مع الاسلام لا تنال من عزائمها السياسات الخسيسة الرخيصة التي قطعت صلتها بالله تعالى وبالشعوب وآثرت الهوى على الهدى لترفع من شأن الفاشلين وعبيد الكراسي وتجرّ الأمة إلى العواقب الوخيمة ، والنصر لا يتمثّل فقط في بلوغ سدّة الحكم أو دحض المعتدي ومحقه بل قد يأخذ صورة ثبات الضحية ولو كلّفها حياتها ، وعدم ملاينة المعتدي ، وفي قصة أصحاب الأخدود الخبر اليقين ، وقد لقي خبيب بن عدي رضي الله عنه ربه شهيدا ولم يُثلج صدر ظالمه الجاهلي بكلمة فيها انتقاص من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكان هو البطل حقّا ، وفضّل سيد قطب رحمه الله أن يقاد إلى المشنقة ظلما وعدوانا على أن تخطّ يدُه كلمة تستعطف الطاغية المتجبّر ليعفو عنه ، فكان هو المنتصر حقا ، وذكره من ذلك الزمن عطِر عند المسلمين في أرجاء الأرض بينما طوى النسيانُ شانئه . كيف لعاقل إن يدرس ظاهرة واحدة حدثت علي ساحة ممتدة من أقصي الشرق إلي أقصي الغرب دون إن يبحث عن العامل المشترك بين هذا الامتداد الجغرافي الشاسع فتش عن العامل المشترك بين الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد والقاعدة وستري بوضوح إن الاسم ذاته يلمع ويتكرر وهو شيخ السلفية ابن تيمية ومن بعدة ابن القيم الجو زيه امتداد إلي نهاية حسن البنا الذي نخلص إلية إن حالة التخبط الفقهي الذي نعاني منه تلك الجماعات ليس قاصرا عليها وإنما هي آفة عامة كانوا هم من بين ضحاياها ونلاحظ ألان حرب الفتاوى التي تشعل بين كل حين وحين وصدور فتوى تثر الجدل بين أبناء آلامه بالفتوى التي أصدرها أخيرا ياسر برهامي طبيب الأطفال حول الرجل واغتصاب زوجته إمامة لم تقتصر حالة التخبط التي تعاني منها تلك الجماعات بعنف أو بدون عنف علي الشأن الفقهي فهم أينما ساروا يخبطون خبط عشواء الفكر هو القاعدة الأساسية لااي عمل سياسي داخل المجتمع المسلم الذي يمارس الطائفية والقمع علي الخلفية المذهبية أما عند زوال المبرر فلا مجال للتقية التي يمارسها الآن الجميع داخل المجتمع سواء التيار الإسلامي أو السياسي بل كافة التيارات والاخري داخل المجتمع الكل يتنصل من ماضية الذي شارك فيه بفاعلية أو سلبية من خلال نظم حاكمة جعلت من المجتمع عبيدا وهو الأسياد عليهم الجهل والنزق والاندفاع وراء أهواء الذات شكلت أهم العوامل وراء موجات الهجوم من بعد سقوطهم وقبل سقوطهم أيضا الجماعات في الوضع الاقتصادي التي شغلت الساحة منذ أربعينات القرن الماضي حينما قرر الأب المؤسس لتلك الجماعات حسن البنا هو العي لتأسيس دولته الإسلامية إن تلك الجماعات والتنظيمات سعن لإثبات صحة نسبها الزائف والمنتحل ادعت أنها الممثل الشرعي والوحيد ) لأهل السنة والجماعة – الفرقة الناجية الوحيدة الناجية من النار ) تلك الأكذوبة الخالدة وهي أكذوبة لأنة لا احد من هذه الفرقة ولا غيرها بالمكانة الجزم بنجاته من النار وهي خالدة لأنها من صنع و ابتكار المؤسسات الكهنوتية التي أرادت ونجحت في تزييف وعي الإتباع ودفعهم لانقياد الاعمي للمؤسسة منهم من البحث الحر عن الحقيقة خارج الأسوار رغم إن هذه المؤسسة باعت الدين والإتباع للسلطة وأهلها بثمن بخس ودراهم معدودة أما وقد اتضح لزعماء الجماعة الدينية أن لا تراجع عن الإرادة الشعبية وأن وجودهم في الحكم صار نوعاً من الماضي الذي لا يمكن استعادته فقد صاروا يأملون في أن يؤدي استمرار أتباعهم في الاعتصام إلى تراجع الدولة عن قرارها في تقديمهم إلى القضاء باعتبارهم مرتكبي جرائم في حق الشعب المصري.

صار على الجماعة الدينية إن تدرك أن حجمها لا يؤهلها إلا لتكون جزءاً من نسيج الحياة السياسية في مصر، وإذا ما كانت لا تزال تنظر إلى هذا الأمر بطريقة متعالية فان عليها أن تدفع الثمن الذي يجب أن يدفعه كل شخص أو جماعة تقرر الخروج على القانون. إن تصحيح المفاهيم وتوضيح الحقائق وإجلاء المبهم أمام الرأي العام هي مسئولية أبناء الحركة الإسلامية القادرين على الفرز بين المقدس الثابت والبشرى المتغير. ولعل الدور الذي يجب أن تلعبه مؤسسات الدولة المصرية وعلى رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بالإضافة إلى الحركة السلفية الصحيحة القادرة على الجمع بين أحكام الشريعة الغراء ومبادئها ومتغيرات الواقع ومتطلباته، يمثل الدور الأكثر أهمية في تلك المرحلة الخطيرة التي يحدث فيها كثير من الخلط بسبب الخطاب الإخوانى المنحرف عن جوهر الدين الإسلامي الصحيح بتبني الفكر التكفيري الذي يمهد الطريق للعنف والإرهاب، فالمعادلة القائلة بأن التكفير هو بداية التفجير يجب أن يعيها الجميع، وخاصة الشباب الذي يقع فريسة تحت شعارات الجهاد والشهادة في سبيل الله، في حين أن حقيقة الدين الإسلامي وجوهره أنه دين سلام للجميع ليس من أجل أن تعيش الإنسانية في عذابات وصراعات وقتل وعنف وإنما جاء لإسعاد الإنسانية جمعاء

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية