أدت مجموعة من القرارات والتصرفات غير الحكيمة إلى زيادة احتمال قيام حرب أهلية في ليبيا، ومن هذه القرارات قرار المؤتمر الوطني بإقالة رئيس الحكومة علي زيدان، وقرار رئيس المؤتمر «42» بتحرير الموانيء النفطية، وقبل ذلك شحن الناقلة الغامضة مورنينغ غلوي بالنفط بطريقة غير شرعية، مما أدى إلى تحشيد قوات مصراته في سرت، وتحشيد قوات برقة في الوادي الأحمر، وقد تنجح مجالس الحكماء المجتمعة في بنغازي من تجنيب البلاد من حرب أهلية طاحنة، خاصة بعد احتجاز البحرية الأمريكية لناقلة النفط قرب قبرص، مما سيؤدي إلى إضعاف موقف الجضران، ويكشف الكثير من الأمور الغامضة التي ساعدت الناقلة على دخول ميناء السدرة والخروج منه. وإذا قامت الحرب الأهلية فلن تكون حربا جهوية بين الشرق والغرب، أو الغرب والجنوب، وهي سمة الحروب الأهلية في تاريخ ليبيا، فعندما تتمرد أي منطقة وتخرج عن سيطرة باشا طرابلس، يرسل حملة تتولى السيطرة على المنطقة المتمردة ومعاقبة قادتها وشيوخ قبائلها، ولكن هذه المرة ستتخذ الحرب بعدا أيديولوجيا ممزوجا ببعد قبلي. موقف الزنتان الرافض لتحرير الموانيء النفطية بالقوة العسكرية منع تقسيم ليبيا بين غرب وشرق، ويساند هذا الموقف معظم قبائل الغرب باستثناء المناطق المحسوبة على الإسلاميين، وفي مقدمتها مصراته ومناطق شرق طرابلس، وبعض المليشيات في الزاوية وزوارة. سيتجنب أمازيغ الجبل هذه الحرب إلا إذا اقتربت من مناطقهم، بينما ستشارك فيها زوارة في صف الإسلاميين، خاصة وأن رئيس المؤتمر المتحالف مع الإسلاميين ينحدر من زوارة، وستجد قبائل النوايل والصيعان التي خاضت اشتباكات مع زوارة مجبرة على الوقوف مع التيار المدني ضد الإسلاميين، كما ستقف قبائل ورفلة، ترهونة، ورشفانة مع الزنتان مثلها مثل كل قبائل الجبل ماعدا قبيلة المشاشية المعادية للزنتان، إلا إذا تدخلت بقية القبائل وضغطت من أجل المصالحة بينها وبين الزنتان. ستقف القبائل في زليتن والخمس والساحل على الحياد، خوفا على مصالحها وهي المحصورة بين مصراته وشرق طرابلس، وغالبا ستكون طرابلس هي ميدان المعركة الكبرى، حيث ستقسم مثل بيروت بين طرابلس الغربية وطرابلس الشرقية، وسيكون خط التماس قريبا من شارع بن عاشور وزاوية الدهماني وعين زارة، ولهذا السبب لم تسلم الزنتان مطار طرابلس لأنه سيكون الرئة التي تتنفس من خلالها طرابلس الغربية، وستقف سوق الجمعة ومعيتيقة وفشلوم وتاجوراء مع الإسلاميين.

إذا تحركت قوات درع المنطقة الوسطى المحسوبة على مصراته شرقا ستكون المعركة بينها وبين قوات برقة في الوادي الأحمر، وقد تصل المعارك إلى سرت واجدابيا، وستكون مدينة بنغازي مسرحا لمعارك بين قوات الصاعقة وقوات حفتر المتمركزة في المرج وكتيبة حسين الجوفي المتمركزة في شحات، ضد أنصار الشريعة، وراف الله السحاتي، وكتيبة 17 فبراير، وستقف قبائل برقة جميعها ضد الإسلاميين من المغاربة غربا إلى العبيدات شرقا، التي سيقع عليها العبء في تحرير درنة من أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة، وهكذا ستضرر أهم المدن الليبية وهي طرابلس وبنغازي ودرنة من هذه الحرب أكثر من غيرها. ستتردد قبيلة الزوية في إعلان موقفها فهي منافسة لقبيلة المغاربة التي ينتمي إليها الجضران، ومعادية لقبيلة التبو التي تحالفت مع الجضران، ولكنها وبسبب خلافات تاريخية ستكون أقرب إلى الإسلاميين، وهو نفس الموقف الذي ستتخذه قبيلة أولاد سليمان المعادية للتبو، أما بقية قبائل فزان والجفرة فعلى الأرجح ستقف ضد الإسلاميين. ستجتذب هذه الحرب جميع القوى الإقليمية وحتى بعض القوى الدولية، وستكون مصر وتونس والجزائر مساندة للتيار المدني، وقد تعود طائرات الناتو إلى سماء ليبيا بقرار من مجلس الأمن أو استنادا على القرار السابق بالتدخل في ليبيا لحماية المدنيين، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي أرسلت رسالة واضحة إلى بريطانيا بأن ليبيا من حصتها وتقع في مجال نفوذها، بعد سيطرة البحرية الأمريكية على الناقلة «مورنينغ غلوري».

 

صحيفة فبراير الليبية