البداية كانت بالثورات الملونة بعام 2001 و حتى 2005م و التى اشتعلت بجورجيا و بيلاروسيا و اوكرانيا و صربيا و كادت ان تمتد لباقى الدول البلقان و القوقاز، الى ان ذهبت تلك العواصف للشرق الاوسط ببداية عام 2011م لتاخذ فى طريقها تونس و ليبيا و مصر و سوريا و اليمن، ففى الموجة الاولى للثورات الملونة كانت واشنطن تسعى لفرض سيطرتها الكاملة على كافة قارات الارض بعد حالة خمول طويلة للدب الروسى و فى الموجة الثانية للثورات الملونة كان تعزز قوة اسرائيل وسط دول تتفكك و تتناحر فيما بينها ام فى الموجة الثالثة و التى اشتعلت فى كييف الاوكرانية و الان بمقدونيا فنحن امام ساحة جديدة للصراع بين موسكو و واشنطن فى وسط ملعب موسكو .

 

فبعد تبلّيسي و دمشق و كييف و طرابلس تفتح واشنطن ساحة معركة جديدة للمواجهات المباشرة بينها و بين موسكو بالعاصمة المقدونية سكوبيه، و كالعادة تأتى تصريحات سفير الولايات المتحدة بمقدونيا كضربة البداية، و

المميز فى الساحة المقدونية انها ستكون مزج من الحالة السورية و الاوكرانية معا، فبها مسلمو البانيا و بها طابور لا يستهان به من المطالبين بالانضمام للاتحاد الاوربى و شعارات الديمقراطية و الحرية و اسقاط الحكومة الحالية دون سبب واضح، و كالعادة لم تتأخر عدسات المصورين و المراسلين المهتمين بالحرية و الديمقراطية عن مقدونيا التى سمحت لروسيا بتمرير خط انابيب غاز مشروع التيار الجنوبى مؤخرا، و هو الامر الذى اعترضه حلفاء العم سام بالقارة العجوز .

كما ان الامين العام لحلف شمال الاطلسى الناتو ينس شتولتنبرج كان متواجدا على خط الاحداث بمقدونيا من بداية المشهد و بالتحديد من الفصل الاول للربيع المقدني الذى أفتتح يوم احتفال روسيا بعيد النصر أى يوم 9 مايو الجاري بعد اشتباكات دامية بين الشرطة و محتجين راح ضحيتها 8 من رجال الشرطة و 14 من المحتجين، بجانب عدد ضخم من الجرحى . و هى المواجهات التى اعادت للذاكرة احداث 2001م و التى استمر الصدام بها بين الشرطة و المحتجين لمدة ستة اشهر .

فبعد ان استعد  زعيم المعارضة و رئيس حزب الاشتراكى الديمقراطي زوران زايف للدخول بمرحلة التسوية مع رئيس الحكومة نيقولاي غرويفسكي  فجاءة و على غرار الحالة المصرية فى يناير 2011م، يرفض زوران زايف المصالحة او بالاحرى المصلحة و يهتف الاستقلال التام او الموت الزؤام، نعم كما ذكرنا من قبل ان احداث كييف كانت بداية العواصف التى ستضرب البلقان و تعيد ترسيمه من جديد .

و يأتى ذلك المشهد بالتزامن مع تهيئة اسرائيل للمناخ العام لخوض حرب مجددة ضد حزب الله، فجنوب نهر الليطانى اصبح هو هدف المرحلة المقبلة لدى تل أبيب و لكن هى الاخرى تنتظر الوقت المناسب لضربة البداية و هى باتت قريبة جدا .

 

 

فادى عيد

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]