بعام 2006م صرحت وزيرة الخارجية الامريكية وقتها كوندليزا رايس بانه يجب على واشنطن التعجل فى ترسيم الشرق الاوسط الجديد، و مع بداية عام 2011م بدئت ملامح الشرق الاوسط الجديدة و عواصف الفوضى الخلاقة تضرب فى دول المنطقة بلا هوادة، و بعد شهور قليلة من نشوب الثورات الملونة أكتشفت الشعوب حقيقة تلك الثورات، و ان الحقيقة تلك الشعوب لم تسقط أنظمة، و لكن اسقطو بلادهم نفسها، و أن تلك الدول سقطت فى بئر الفوضى و الدمار، و باتت كلا يوم تدفع تلك الشعوب الثمن من دمائها و ارواحها، و دعانا نلقى نظرة خاصة عن شبه جزيرة سيناء حتى الان تنزف كل يوم دما، دما طاهرا من ابناء جنود القوات المسلحة المصرية، فقد تعددت الحوادث الاخيرة التى يروح ضحايها العديد من أبناء الجيش المصرى، و لكن الحادثة المروعة الاخيرة التى حدث يوم الخميس 29 يناير من عامنا الحالى حملت دلالات و رسائل جديدة، و دعونا نبدء فى سرد المشهد و كما اردد و اقول دائما لو اردنا ان نرى المستقبل فعلينا قراءة الماضى جيدا جدا و ادراك ما يحدث فى الحاضر . فالخطورة تكمن عندما تكون رؤيتنا للمستقبل معدومة او ضبابية فالضباب الذى امام اعيننا  غالبا ما تكون خلفة رصاصة مصوبة نحونا . فكم من رصاصة اخترقت اجسادنا من قناصين و كم من طعم ابتلعنا و نحن غافلين .   

فبأواسط شهر يناير من عامنا الحالى التقى مسئولين بارزين من الـ CIAالمخابرات المركزية الامريكية بمدير المخابرات التركية هاكان فيدان بأسطنبول فى أجتماع مطول، و مع ذكر أسم مدير المخابرات القطرية أتذكر دائما تصريحات و غزل البيت الابيض فى هكان فيدان عندما قالو أنهم يرو فى وجه هكان فيدان رجل الشرق الاوسط الجديد، و بعد ذلك الاجتماع بأيام قليلة كان هناك وفد من التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون يزور واشنطن و يلتقى مسئولين الخارجية الامريكية و قيادات من الاستخبارات المركزية الامريكية و كان حديث الاجتماع أستكمالا للاجتماع الذى دار بين المخابرات الامريكية و هكان فيدانى بأسطنبول، متطابقا أيضا مع التوجه الحقيقى لمدير المخابرات القطرية الحالى احمد بن ناصر بن جاسم الذى يسير على نفس نهج غانم الكبيسي مدير المخابرات القطرية الاسبق، برغم قدوم أحمد بن ناصر منذ أسابيع قليلة للقاهرة للتحضير للمصالحة بين القاهرة و الدوحة قبل وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمة الله عليه .

و بيوم الثلاثاء 27 يناير أصدرت جماعة الاخوان بيان هو الاخطر و الاكثر تحريضا لها منذ نشاءة تلك الجماعة الشيطانية فى 22 مارس 1928م، فقد أستعرضت الجماعة فى ذلك البيان موجز عن تاريخها الارهابى المطول و طالبت أعضاء و كوادرها من صفوف الشعب و الاسر و المحبين للجماعة باستخدام العنف ضد الدولة، فهو البيان الذى حمل أعلان الحرب على الدولة بشكل رسمى دون أى تقية التى أعتاد أن يستخدموها أحفاد البنا .

و مع أواخر ساعات يوم الخميس 29 يناير أذاعت لنا قناة الجزيرة القطرية الوكيل الحصرى فى بث و أذاعة جميع العمليات الارهابية و التفجيرية بشبه جزيرة سيناء أكثر العمليات الارهابية التى نفذت ضد الجيش المصرى خسة و غدرا و التى راح ضحيتها أكثر من 30شهيدا و 46جريحا، و هى العملية التى تبنتها جماعة أنصار بيت المقدس التى بايعت مؤخرا تنظيم داعش و أتخذ لنفسه أسم ولاية سيناء .

كلمة واحدة هى التى تعبر عن المشهد الحالى بكل صدق، كلمة واحدة هى التى تعبر عن حقيقة ما تعيشه مصر و المنطقة ككل الكلمة التى قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي " أنها حرب وجود " . نعم مصر تخوض حرب الوجود ثمنا لعدم أنصياعها لخراف العم سام و لاعادة دفة الامن و الاستقرار للمنطقة كلها، و على الجميع أن يدرك ذلك و حجم التحديات التى تخوضها الدولة المصرية .

 

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]