ليبيا غائبة عن وسائل الإعلام حاضرة فهي الدولة التي أفرز على أرضها الربيع العربي حكومتين تتصارعان على النفوذ والثروة ومضارب الأرض ,حكومة يرأسها عمر الحاسي أنتهت ولايته وولاية البرلمان وحكومة يرأسها عبدالله الثني يدعمها برلمان يتصارع مع برلمان أسبق , جيش وطني منقسم وعمليات عسكرية ومليشيات مسلحة صراعات دموية مسلحة وصراعات سياسية تٌطبخ بدهاليز الكواليس السياسية والضحية أبناء شعب وأحلام ثوار وثورة قامت من أجل العدالة والحرية والسلام والأمن وبناء ليبيا !

أثنان وأربعون عاماً من الإقصاء والتهميش وضرب وحدة الصف الليبي مارسها نظام معمر القذافي سنوات طوال لم يستطع الليبيون مع إنقسام الساسة وبروز طموحات بعضهم إلى السطح التخلص منها بعد نجاح الثورة وتلك هي معضلة الشعوب العربية الثائرة والغير ثائرة , ليبيا التي تنام وتصحو على أصوات الرصاص والمدافع وأزيز الطائرات الحربية تترقب بهدوء حذر ما يخبيه القدر المظلم من فواجع ومصارع , صراعات الساسة الطاغية حولت المشهد الليبي إلى صراعات دموية مسلحة بين فصائل وكتائب من جهة وبين أمراء وزعماء من جهة أخرى مطالب فئوية وأدلوجية وتخبطات على الأرض وكأن الجميع نسي تضحيات ثوار السابع عشر من فبراير وأحلامهم وأمانيهم .

الحكومة الليبية ذات الفرعين الأول برئاسة عبدالله الثني والمعترف بها عربياً والثانية برئاسة عمر الحماسي صاحبة الإعتراف الشعبوي ببعض المناطق الليبية زادتا الوضع الامني بليبيا سوءً وكارثة , فكل حكومة تحشد أنصارها وكل مليشيا تحمل أسلحتها متأهبة لتنفيذ الأوامر والتعليمات تحقيقاً لمصالح أطراف أو إنتقاماً من أطراف .

الواقع الليبي غارق في الفوضى الدموية والسياسية والأمنية دمار ودماء وحصار ثروة منهوبة مهربة ومرتزقة دخلوا إلى الداخل ومليشيات تنفذ بلا تفكير وسلاح منتشر بأعداد مرعبة  , أين عقلاء وحكماء ليبيا عن تلك المشاهد والصور فطالما تغنى العرب وقت أزماتهم بالعقلاء والحكماء فأينهم لا نرى لهم من باقية ..

الحكماء والعقلاء غارقون في الخلافات السياسية حتى الثمالة وبالتالي لا تعويل عليهم في هذه الفترة الحرجة من التاريخ الليبي الذي بات خارج سياق الحسابات التاريخية لضبابية المواقف وتصاعد الأحداث .

الأمم المتحدة دعت كل الأطراف لحوار بناء لتضع الحرب الغير مستساغه أوزارها لكن تلك الدعوات قوبلت بالتحفظ من قبل كل الأطراف وكأن الجميع يتخذ من القاعدة الهمجية البقاء للأقوى دستوراً يسير عليه ..

ليبيا التي باتت تتجه نحو الصوملة بطريقة مغايرة وتتجه نحو السيناريو السوري والأفغاني بصورة بشعة ومختلفة تنتظر من يوقف تلك المليشيات ويجمع شتات رفقاء سلاح الأمس فليبيا لا تحتمل تكرار المشهد الأفغاني والسوري اللذان كان من أشد المشاهد سخرية ودموية فرفقاء السلاح بذلك المشهدان تقاتلا ويتقاتلان فيما بينهم لأسباب سياسية وأدلوجية وفئوية ولأسباب الأنفه وحب الأنتصار وبسط السيطرة والنفوذ بالقوة وتلك إشكالية تواجه الثورات المسلحة وتواجه مشاريع التحرير والنضال الشعبي إتحاد ورفقه ومن ثم قتال وإقتتال ولا منتصر في النهاية  ...

ليبيا تنام على صوت الرصاص وتصحو عليه فإلى متى والمأساة الليبية مستمرة وإلى متى وكل طرف يتمسك بخيوط يظن أنها ستنجيه وتقوده إلى المعالي إلى متى يا من نسي تضحيات ثوار السابع عشر من فبراير فليبيا تموت في اليوم أكثر من ألف مرة آلماً وكمداً وحرقةُ على أرض ودماء وأحلام باتت جميعها تحت رحمة فوهة البندقية  .....