لم تذق الادارة الامريكية طعم الراحة ولم يهنأ لها بال منذ تفجير قنصليتها في بنغازي المتزامن مع ذكرى احداث سبتمبر الاليمة الذي أدّى الى مصرع سفيرها وآخرون وادى الى سقوط وزيرة الخارجية, ومنذ ذلك الحين  تسعى جاهدة ليلا ونهارا لاعتقال منفذي الهجوم, فالإدارة الامريكية ترى انها اهينت في بلد ساعدته على الاطاحة بنظامه الذي كان يحارب التنظيمات الارهابية فلم تتعرض اي سفارة او شركة اجنبية بالبلد لأي اعتداء طوال فترة حكمه.

خطر تنظيم القاعدة أصبح على أبواب الغرب,وجها لوجه, لا شك ان امريكا ومعها الغرب قد اختاروا المكان والزمان لمحاربة التنظيم ولكن على ارض الغير وفي زمن يعتبر جد حرج لدولة لم تفق من ازمتها بعد, تتجاذبها تيارات عديدة مختلفة المشارب(داخلية وخارجية) ساعدت في تدهور الاوضاع الامنية وتوقف العمل بكافة المشاريع التي كانت تهدف الى توفير السكن وبعض المرافق الخدمية الاخرى.

الادارة الامريكية وبعد تزايد الضغوط عليها من الكونغرس وضعت خططا لتنفيذ بعض العمليات التي من شانها القضاء على المجموعات المسلحة ومنها نقل قوات برية متواجدة بالمنطقة (اسبانيا)الى داخل ليبيا. عديد الاعمال التخريبية قامت بها العناصر الاسلامية المتشددة وخاصة في شرق الوطن, الغريب في الامر ان الحكومة المؤقرة لم تشر بأصابع الاتهام الى هذه العصابات رغم ان الغرب يؤكد بان تنظيم القاعدة متواجد بالمنطقة, لا شك ان ذلك الاتهام مبني على تقارير استخباراتية غربية والتي تتواجد بكثافة بليبيا عقب سقوط النظام, والسؤال هو لماذا لا توجه حكومتنا العتيدة اصابع الاتهام كما يفعل الغرب ؟ هل هي محاولة لاستمالة تلك العناصر ومحاولة دمج افرادها ضمن الجيش الوطني او القوة الامنية للدولة ام هي محاولة للتهدئة الى ان تتجهز القوة اللازمة لفرض الامن ام هي محاولة لإيهام تلك العناصر بان الدولة لا تناصبهم العداء ليشعروا بنوع من الطمأنينة فيزدادوا عددا وعدة ومن ثم يكونوا لقمة سائغة للغرب وأمريكا على وجه الخصوص للقضاء عليهم.

والسؤال هو الى متى يظل البلد تحت ضغوط هؤلاء ويقدم كل يوم ارواحا جديدة اضافة الى الذعر وعدم الاطمئنان بين المواطنين وما يتبع ذلك من عدم رغبة الشركات المنفذة للمشاريع المتعطلة في العودة لاستكمال تلك المشاريع,ونظل ننفق الاموال الطائلة (الميزانيات الهائلة)المخصصة للإعمار في امور اخرى لا تعود بالنفع على المواطن وتمر السنة تلو الاخرى لا اقول نراوح مكاننا بل نهدم بأيدينا ما تبقى من مرافق عرجاء تعمل بأدنى طاقتها.

ولأننا لا زلنا تحت الفصل السابع فإن السيد ليون يهدد بالتدخل(قوات حفظ السلام) في ليبيا في حال عدم نجاح مؤتمر جنيف وتشكيل حكومة وحدة وطنية ما يعني أن الإدارة الأمريكية تسعى بكل قوتها إلى إعطاء الإخوان ما فقدوه في الانتخابات البرلمانية,حكومة التوافق الوطني لن تقوم بأي شيء يذكر لصالح الشعب بل ستسعى جميع الأطراف إلى تحقيق مصالحها الخاصة التدخل العسكري سيؤدي إلى تواجد القوات الأجنبية والأمريكية على وجه الخصوص بالبلد ونكون أشبه بالعراق وعندها لن يتم إخراجهم(الأمريكان) منها ويتحقق حلمهم في الوصول بل السيطرة على شواطئ طرابلس(ليبيا) كما جاء بنشيد بحريتهم (من قاعات مونتيزوما إلى شواطئ طرابلس نحن نخوض المعارك في الجو والأرض والبحر لأجل بلادنا) وقد تعود إلى سابق قواعدها! قال احد الكتاب الغرب عن ظلم ساسته (القتل هو الرياضة الوطنية لدينا ,نحن قتلنا عشرات الآلاف بواسطة آلات القتل في كل من أفغانستان والعراق ,قتلنا آلاف في الصومال وباكستان واليمن بواسطة الطائرات بدون طيار,قتلنا العديد من السجناء والفقراء ونقعنا أنفسنا في الدم البشري وقمنا بحمامات الدم على ارض أجنبية وعلى أرضنا*) لقد ملّ الشعب الليبي التواجد الأجنبي على أراضيه, فهل تعي الحكومة مخاطر ما يجري بالبلد وتعمل لأجل راحة المواطن كما تعمل أمريكا لأجل نفسها.    

*Chris Hedges “murder is our national sport” truth dig, posted 12.05.2013