ليبيا التي نقاتل من اجها.. هي ليبيا الجميع.. هي الوطن الذي ضمنا جميعا.. هي الانسان الليبي.. هي الحارات التي احتضنتنا اطفالا.. هي مجموعة القيم المستمدة من عقيدتنا.. قيم الخير.. والحب.. والجمال. ليبيا التي نقاتل من اجلها.. هي الام الحنون.. هي طرابلس ودرنة وسبها والزاوية وبنغازي.. هي الشمال والجنوب.. هي الشرق والغرب.. هي الساحل والصحراء.

والمناضل الصادق، لا يمزق الوطن الذي مزقه الجلاد، بل من شيم المناضلين، الجمع على الخير،  والاتحاد من اجل الخير. والذين يقاتلون من اجل منطقة او مدينة او جهة او عرق.. اولئك.. لا يزيدون الوطن الا ضعفا.. ولا يزيدون اعداء الوطن الا قوة.

نعم.. يعشق المسلم مدينته.. ومنطقته.. وارضه.. وعرقه.. ولغته.. وقبيلته.. بل يعشق ان اراد حتى لهجته. لكنه لا يتغاضى عن جراح الوطن الام. ان الذي يهتم بجرح واحد في جسده.. ويهمل مئات الجروح الاخرى في نفس الجسد.. لن يتماثل الى الشفاء.. ولن يقضي على الالم.. بل سيزداد مع كل اهمال الما.. الا اذا اعتقد انه لا ينتمي الى نفس الجسد.

ان الذين يستغلون جراح الوطن.. ونزيفه.. ومحنته.. في تحقيق اهداف ومطالب جزئية على حساب القضية الام.. حتى لو كانت تلك المطالب والاهداف مشروعة.. اولئك.. لن يرحمهم التاريخ.. بل سنقول لهم: انه يوم كانت ليبيا ترزخ تحت اعتى الديكتاتوريات.. ويوم كانت ليبيا تئن من جراحاتها.. ويوم كانت ليبيا اسيرة الجهل.. والقمع.. والتخلف.. والابتزاز.. يوم كانت ليبيا تبكي فلذات اكبادها.. الذين تستباح ارواحهم وتستبدل بدراهم بخسة.. يوم كانت ليبيا تذرف الدموع على كل شيء.. يوم كانت ليبيا تمر بكل هذا.. وغيره.. كنتم ترفعون اصوات التعصب.. وتحملون لواء المنطقة.. والجهة.. والعرق.

عندما كان غيركم يتحدث عن نزيف ليبيا الام.. كنتم تتحدثون عن نزيفكم الخاص..عن جراحاتكم فقط.. عن مناطقكم.. عن جهاتكم.. كل ذلك سيكتب بمداد من حزن.. وسيحفر في ذاكرة الوطن.. وسيلاحق اصحابه ادبيا وحسيا ومعنويا. ان الليبيين الذين يقاتلون من اجل عرقهم.. ومنطقتهم.. وجهويتهم.. لا يستوون مع الذين يقاتلون من اجل الوطن الام.. من اجل ليبيا.. بدمائهم.. واموالهم.. وكلماتهم.. وارواحهم.