البيئة الليبية بيئة ملوثة* بالاجرام . مسكنا للظلام . ليس لها قوام . الا التخبط والأوهام . من أساليب الحياة الاجتماعية والسياسية في هذه البيئة ، القتل والخطف والاغتصاب والسرقة والتهجير وحرق وهدم البيوت ، القضاء الليبي في ذاته قضاء نزيه ،  ولكن قضاء تحيط به مثل هذه البيئة لا ينتظر منه احكام عادلة . 

فالقضاة بشر حتى ان أنكروا أنفسهم لأجل العدالة فلا يمكن ان ينكروا عائلاتهم وأسرهم الكريمة في هذه البيئة المفزعة التى قد تدمر أسرهم وعائلاتهم اذا لم يجاملوا قانونيا الطرف القوي الذي بيده تدمير كل شئ وهو طرف عرفت عليه أفعالا إجرامية من حرق للبيوت وتدميرها ليس لشئ الا لان صاحب البيت خصم او معارض لأهدافه وهى أفعالا الكل يعرفها حدثت في طرابلس وغرب طرابلس و لم تحدث فحسب من الطرف الذي كان الحكم لصالحه ، بل حدثت في مدينة بنغازي عند دخول الجيش المزعوم وهى أفعالا إجرامية تعكس نفوس مظلمة كأنها نشأت في العصور البدائية حيث لا نظام أخلاقي او إلزام ديني وكأن البيوت التي هدمت وحرقت في طرابلس والمنطقة الغربية منها وفي بنغازي هى بيوت عزاب وليست بيوت عائلات ليبية تتكون من اطفال وشيوخ ونساء ، هذه الأفعال التى ارتكبتها جماعة فجر ليبيا في طرابلس وغربها ، وارتكبها جيش الكرامة في بنغازي تحبط وتلجم النفس الأبوية لأي قاض ان ينطق عدلا حتى لا يحدث لأسرته ماحدث للأسر الليبية في طرابلس وبنغازي ، وقضاء في هذه البيئة الملوثة لا يستند على عدالته . 

ولعلم الشعب الليبي ان القضاء الاجتماعي او الجنائي المنظم للحياة الاجتماعية في ليبيا هو قضاء معطل تماماً والقضاء المفعل في ليبيا هو القضاء السياسي فقط ، اي القضاء المنظم للحياة السياسية ، فسلطات فبراير التشريعية والتنفيذية بتعاقبها فعلت القضاء المنظم للحياة السياسية وعطلت القضاء المنظم لحياة الشعب الليبي وكأن لاوجود للشعب الليبي ولااهمية لحياته الاجتماعية بل ان الوجود والأهمية  لحكام فبراير وهذا القضاء هو الحامي لمصالحهم السياسية ، عائلات قتلت في طرابلس وبنغازي وبني وليد وورشفانة وككلة وبعض مدن ليبيا وعائلات هجرت وشردت وعائلات دمرت وحرقت بيوتها ، هل قامت من اجلهم محكمة ؟ ، المحاكم في ليبيا لاتقوم الا من اجل الساسة ولا تقوم من اجل الشعب الليبي ، سيكون رائعا .. سيكون جميلا .. سنشعر بالانتماء لليبيا .. وسنشعر اننا ليبيون ، لو قامت محكمة اورفعت قضايا لأجل عائلة قتلت من القصف العشواء في طرابلس او بني وليد او ورشفانة او بنغازي او عائلة دمر بيتها وحرق في طرابلس او بنغازي ، اوعائلة هجرت الى تونس اومصر ليس لشئ الا لأفكارها،   المحاكم في ليبيا لاتعقد لأجل ذلك بل تعقد بتكرار وبمرار  إجلالا لأمور سياسية واهنة ، حسبكم الله  ياأبناء الشعب الليبي ، القضاء يفعل لأجل الساسة ولا يفعل لأجلكم . 

مجلس النواب الذي وقع ضده حكم القضاء السياسي ، رغم انه انتخب حسب النظم الدولية وتحت رقابتها لم يجد هذا الجسم من بداية جلساته الا الركل والصفع واللطم من التنظيمات الدينية وبعض التيارات السياسية التى خسرت في حلبته ، بينما المؤتمر الوطني العام لم يجد من بداية جلساته الا التقبيل والاحتضان و .... رغم ان صدمات السوء التى داهمتنا من هذا المؤتمر كانت من بداية جلساته التعيسة (ليبيا تحترق وأعضاء المؤتمر في اجازة ، عاكفون في المساجد )* .

حملت بعض المآخذ على هذا الجسم الشرعي المظلوم بعضها مآخذ لا معنى قانوني اودستوري او عقلي لها ومنها انعقاده في مدينة طبرق وكأن طبرق خارج الوطن الليبي ، ومنها تسلمه رسميا من المؤتمر الوطني العام ، ولا اعلم ماذا سيستلم مجلس النواب من المؤتمر الوطني العام هل سيستلم منه تعاسته الوطنية او وزر جرائمه في حق المدن الليبية او دعمه للجماعات المتطرفة ،لا ينبغي لمجلس النواب ان يستلم من هذا المؤتمر اللئيم حتى يحاسب على ما اقترفه بحق ليبيا ومن المآخذ التي ما ينبغي ان تحمل عليه لانه كان ضرورة لدفع الضرر هو طلب التدخل الأجنبي ، لو ان احدا كان مقعدا او عاجزا او معاقا وله أسرة و هذه الاسرة وقعت بين عصابتين تتقاتلان وقتال العصابتين سيقتل معه هذه الاسرة والأسرة تستنجد و تستغيث برب الاسرة العاجز المقعد  وكان لرب الاسرة جار أوربي او أفريقي او حتى يهوديا الا يستعين بجاره لإنقاذ أسرته ام يترك أسرته تموت ؟ . 

في طرابلس قتلت وهجرت العائلات وكانت هذه العائلات تستغيث وتصرخ ومجلس النواب لايملك القوة لنجدة العائلات ، هل من المسؤولية الوطنية ان يستعين مجلس النواب بالتدخل الأجنبي لإنقاذ العائلات الليبية ؟ او يتركهم للقتل وتدمير منازلهم ولا يبالي بصرخاتهم ؟ ، للسؤالين هنا اجابتين ، اجابة لسؤال ستكون حكيمة وإجابة لسؤال ستكون .....، تكون ما تكون مع محبتي لكم . 

______________________________________________________________

* هام جدا ، من احدث إبداعات البيئة الملوثة في ليبيا هو قطع غاز الطهي والوقود عن مدن بكاملها ، من الملوثات الحادثة الآن مايحدث لمدينة العجيلات بغرب ليبيا التي قطع عنها وقود السيارات من مدة ثلاثة ايام والي تاريخ كتابة هذا المقال ، بحجة ان الوقود يهرب الى مدينة الزنتان الليبية ، ولابأس من مد مدن اخرى بالوقود ولاحجة هنا لان الوقود يهرب الي بلاد مالطا الأوربية .

                                    .......................................

* هى طريفة من طرائف المؤتمر الوطني العام في ليبيا ، في بداية جلسات المؤتمر الوطني التي كانت في شهر رمضان الكريم ، وحيث ان ليبيا لازالت في رحم المخاطر وهى كالمولود الذي داهمته الحمى ويحتاج للسهر والعلاج والتنقل به بين المشافي والبحث عن أوديته حتى ينهض صحيحا معافى ، وبدل ان يسهر وان يعمل اعضاء المؤتمر الوطني علي ليبيا وان يعجلوا بالعلاج  كان اول مقترح لهم هو أخذ اجازة أواخر شهر رمضان للاعتكاف في المساجد ، وترك البلاد لمخاطرها وكان مما حدث اثناء اعتكافهم المحرم شرعا ، انفجارات في مدينة طرابلس لسيارات مفخخة ولم يقطعوا اعتكافهم بل استمروا به .

 

كاتب ليبي 

[email protected]