إن قانون مجلس النواب اشترط على من يرغب بالترشح للانتخابات البرلمانية من المصريين بالخارج، إن يكون عمل لمدة لا تقل عن 10 سنوات بالخارج، بالإضافة إلى إقامته هناك، أننا أمام غاية سامية ونبيلة ولا نعترض على تمثيل المصريين بالخارج، ولكن هناك عراقيل أمام حضورهم الجلسات، لان المصريين بالخارج يشكلون 8 مقاعد داخل مجلس النواب، وتخلفهم عن الحضور قد يؤثر على نتيجة التصويت على قرارات المجلس.

 تثير مسألة تمثيل المصريين بالخارج في البرلمان عددا من التساؤلات الهامة التي تشكل "لغزا" حول تواجدهم وتمثيلهم للمرة أولى في تاريخ البرلمان المصري، لعل أبرزها عقبة "ازدواج الجنسية" التي تمنع ترشح اى شخص لمجلس النواب.. فمن يستطيع تمثيل المصريين بالخارج ويعبر عنهم بشكل قوى داخل البرلمان ممن لا يحملون جنسية أخرى غير المصرية؟

والتساؤل الثاني هو: في حالة فوز 8 مرشحين عن المصريين بالخارج كيف ينظم القانون حضورهم وتواجدهم في البرلمان وصرف بدلاتهم؟ أما التساؤل الثالث فيدور حول كيفية تصويت المصريين بالخارج في الانتخابات البرلمانية وآلية انتخابهم لمن يمثلهم؟

والتساؤل الرابع هو: ما طريقة ترشح المصريين بالخارج وكيف سيتم التنسيق بينهم وبين الأحزاب السياسية والتحالفات لاختيارهم ضمن القوائم المطروحة؟ والتساؤل الخامس يدور حول كيفية التغلب على العقبات أمام ترشح المصريين بالخارج.

الجدير بالذكر أن المادة 88 من الدستور تنص على أن "تلتزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع، وإسهامهم في تنمية الوطن، وينظم القانون مشاركتهم في الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم، دون التقيد في ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور، وذلك كله مع توفير الضمانات التي تكفل نزاهة عملية الانتخاب أو الاستفتاء وحيادها".

ويعرف قانون انتخابات مجلس النواب "المصري المقيم فى الخارج" بأنه "مَنْ جعل إقامته العادية خارج جمهورية مصر العربية بصفة دائمة، بأن حصل على إذن بالإقامة الدائمة في دولة أجنبية، أو أقام بالخارج مدة لا تقل عن عشر سنوات سابقة على تاريخ فتح باب الترشح، ولا يعتبر مقيماً في الخارج في تطبيق أحكام القانون الدارس أو المعار أو المنتدب، في الخارج، وتبين اللائحة الداخلية لمجلس النواب كيفية ممارسته لمهام العضوية".

 أن قانون مجلس النواب، نص على أنه في أول انتخابات لمجلس النواب تُجرى بعد العمل بهذا القانون تكون هناك أربعة دوائر  انتخابية  أن يُخصص لكل منهما دائرتين 45 مقعد ودائرتين "15" مقعدًا من مقاعد مجلس النواب، ويجب أن تتضمن كل قائمة انتخابية مقدمة في هاتين الدائرتين مترشح على الأقل من المصريين المقيمين في الخارج، وأن تكون هناك دائرتان انتخابيتان يُخصص لكل منهما (45) مقعدًا من مقاعد مجلس النواب، ويجب أن تتضمن كل قائمة انتخابية مقدمة في هاتين الدائرتين ثلاثة مترشحين على الأقل من المصريين المقيمين في الخارج.

إن طريقة تمثيل المصريين في الخارج في البرلمان ينبغي أن تكون مستقلة، لأن الدستور نص على أن يتم هذا التمثيل وفقا لأوضاعهم الخاصة بهم، ولذلك كان ينبغى أن تكون لهم طريقة خاصة في التمثيل بحسب منطقة تواجدهم في الخارج، بأن تكون هناك دائرة للمصريين في أوروبا وأخرى للمصريين في أمريكا وآسيا ودول الخليج وأستراليا، ليجد المصريون المتواجدون في كل منطقة من هذه المناطق من يمثلهم داخل البرلمان.لان الطريقة التى نص عليها قانون انتخابات مجلس النواب لا تؤدى إلى تمثيل المصريين بالخارج بشكل صحيح وملموس، ولا تؤدى إلى وجود ممثلين لهم يعبرون عن مشاكلهم الخاصة بهم الاجتماعية والإنسانية، خاصة المقيمين بدول الخليج الذين يعانون من مشكلة "الكفيل" وما يتعرضون له من عقوبات وعراقيل بسببها، لان النهج المتبع في تمثيلهم إذا طبق وفقا لقانون "النواب" لن يكون معبرا عنهم عمليا.و أنه وفقا لنصوص قانون انتخابات مجلس النواب فإن المصري المقيم في اى دولة بالخارج عند إدلائه بصوته في الانتخابات لن يصوت على القوائم الأربعة المحددة بالقانون والتي سيترشح من خلالها ممثلو المصريين في الخارج، ولكنه سيصوت على قائمة واحدة وفقا لدائرته التابع لها داخل مصر، الموجودة في الرقم القومي الخاص به، وكذلك سيختار المرشحين على المقاعد الفردية في دائرته.

أن الدستور لم ينص على حظر ازدواج الجنسية واشترط تمتع المرشح لمجلس النواب بالجنسية المصرية، وأن نص حظر ازدواج الجنسية بقانون مجلس النواب سيحرم آلاف المصريين في الدول الأوروبية والأمريكية وأستراليا وكندا وغيرها من الدول الغربية، من الترشح للانتخابات البرلمانية على المقاعد الخاصة بالمصريين في الخارج، والتي حددها القانون بثمانية مقاعد، لان المصريين في هذه الدول يحملون جنسيتها بحكم ظروف عملهم، ما يحرم مصر من جهود ذوى كفاءات وخبرات علمية واقتصادية.

أنه بذلك النص سيكون المرشحون لعضوية مجلس النواب عن المصريين بالخارج أغلبهم من المتواجدين في الدول العربية كعمالة مؤقتة، وبالتالي ستكون النسبة الكبرى من نصيبهم، إن المصري الذي يحمل جنسية أخرى ليس خائنا لبلده كما أن ذلك لا يضر بالأمن القومي لان دستور 2014 هو أول دستور يراعى حقوق المصريين بالخارج ويميزهم إلا أن المشرع أعاد الأمور إلى المربع الأول"إذا كانت هناك أسباب تتعلق بالأمن القومي فليعلنوا ذلك ونحن سنتفهم الأمر".

إن قانون مجلس النواب لا يعطى المصريين في الخارج حقهم كاملا، وهناك بعض النصوص نعترض عليها تماما، إلا أننا متأكدون من أنه سيكون هناك تمثيل للمصريين بالخارج في البرلمان، حيث يخصص لهم القانون 8 مقاعد، وهى خطوة أولى لكن ليست كافية، ولا نريد خلافات مع أحد.

أن يتم تعديل قانون مجلس النواب لينص على أن يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيين 5 من المصريين بالخارج في مجلس النواب لمدة سنة، ويتم تغيير الخمسة المعينين كل سنة واختيار 5 غيرهم من المصريين بالخارج، وذلك يكون على مدار الخمس سنوات مدة عمل البرلمان تم تعيين 25 ممثلا للمصريين بالخارج، وبالتالي يتم التغلب على عقبة حضورهم جلسات البرلمان بانتظام، بحيث ينتظم المعينون في الحضور لمدة سنة فقط، أفضل من تعطيل عملهم بالخارج لمدة 5 سنوات".

 أن إجراء انتخابات للمصريين بالخارج ضرورية فقط فى الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية، صعبة ومكلفة في الانتخابات البرلمانية إنه يجب تمثيل المصريين فى الخارج تمثيلا مناسبا فى مجلس النواب،

أن المصريين بالخارج عليهم أن يرفعوا اعتراضاتهم على قانون مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية ليطالبوا بإعادة النظر فيه، لان هناك دولا كثيرة تسمح بازدواج الجنسية للمرشحين على المناصب المهمة، ولكن مصر لديها "حساسية تاريخية" من موضوع ازدواج الجنسية، وهذا الموضوع قابل للنقاش. أن العمالة المصرية المؤقتة في الخارج هي التي سيكون لها التأثير في تمثيل المصريين بالخارج في البرلمان، لأنها  تجربة وستظهر سلبياتها وإيجابياتها، وبالنسبة للحضور في البرلمان، القانون لا يلزم المصري بالخارج بنسبة حضور معينة لكنها مسئولية شخصية على المرشح، والأفضل لمن يعرف أنه لا يستطيع الحضور إلى مصر ألا يرشح نفسه.

نص القانون، لأول مرة، على تمثيل للمصريين بالخارج على القوائم بواقع 8 مقاعد كما أوضحنا أعلاه. وقد عرف القانون المصري المقيم في الخارج كما يلي: "كل من جعل إقامته العادية خارج جمهورية مصر العربية بصفة دائمة، بأن حصل على إذن بالإقامة الدائمة في دولة أجنبية أو أقام في الخارج مدة لا تقل عن عشر سنوات سابقة على تاريخ فتح باب الترشح. ولا يعتبر مقيما في الخارج في تطبيق أحكام هذا القانون الدارس أو المعار أو المنتدب في الخارج."

وقد نص القانون في المادة 8 منه أن من يترشح لعضوية مجلس النواب يجب أن يكون متمتعا "بالجنسية المصرية منفردة"، وبذلك منع مزدوجي الجنسية من الترشح؛ وهو ما اعتبره البعض تناقضا مع التعريف الخاص بالمصري المقيم في الخارج إذ أن الذي يقيم في الخارج أكثر من 10 سنوات يحصل على جنسية الدولة التي يقيم فيها، ويكون بذلك مزدوج الجنسية

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية