صدر حكم منع قيادات الحزب الوطني  من الترشح في الانتخابات من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة. وسبق للمحكمة ذاتها أن أصدرت عدة أحكام قضائية مثيرة للجدل القانوني خلال الشهور القليلة الماضية، على رأسها حكم بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، وعدها «تنظيما إرهابيا»، كما أصدرت حكما بحظر نشاط حركة «شباب 6 أبريل» أبرز الحركات الاحتجاجية في البلاد، وحكما آخر يقضي أيضا بحظر نشاط حركة المقاومة الإسلامية حماس. إن «الحكم قابل للطعن عليه، لكني أشير هنا  إلى حكم القضاء الإداري بأحقية أعضاء وقيادات الحزب الوطني في الترشح للانتخابات، وهو الحكم الذي أشار إلى أن حل الحزب لا يعني حرمانهم من مباشرة الحقوق السياسية».

أنه «في حال تعارض حكم محكمة القضاء الإداري، وحكم الأمور المستعجلة، يمكن اللجوء إلى المحكمة الدستورية للفصل في القضية، وقد سبق للمحكمة أن قضت بعدم دستورية قانون العزل». أن صفة الخطر والضرر الحالي، وهي الحالات التي تقيم على أساسها محكمة الأمور المستعجلة صلتها بالقضية لا تنطبق على هذه الحالة، و أنه «ربما ينطبق هذا على قضايا تتعلق بالإرهاب، كحظر نشاط جماعة الإخوان، لكن لم يكن هناك داع للعجلة في الفصل في هذه القضية». ولا يحق - من الناحية الشكلية - لأعضاء أو قيادات الحزب الوطني الطعن على الحكم لكونهم غير مختصمين في القضية

فقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا .في إبريل 2011،حكما قضائيا بحل الحزب الوطني، وأمرت بنقل كل أمواله وأملاكه إلى الحكومة، وقالت المحكمة: إن "ثورة الشعب المجيدة في 25 يناير، أزاحت النظام السياسي القائم وأسقطته وأجبرت رئيس الجمهورية الأسبق الذي هو رئيس الحزب الوطني الديمقراطي على التنحي في 11 فبراير 2011".كما أعلنت المحكمة الإدارية العليا، في 2012، أحقية أعضاء الحزب الوطني الذي تم حله بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، في الترشح للانتخابات البرلمانية.

 و قالت المحكمة في حيثياتها إن "الحزب الوطني منذ تأسيسه عام 1978 لعب دورا سياسيا في اختيار الحكومات الفاسدة وتحرير القوانين المتناقضة مع الدستور وتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية، وفى 16 أبريل من عام 2011 أصدر مجلس الدولة بانقضاء الحزب الوطني وتصفية أمواله وأيلولتها للدولة".وفي ضوء ذلك، أقامت المدعية دعواها للقضاء بطلباتها وبناء على ما تقدم وأخذا من ظاهر الأوراق فإن حكم المحكمة الإدارية العليا قضى في منطوقه بانقضاء الحزب الوطني وتصفية أمواله واستند إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 التي أزالت النظام السياسي وأسقطته وأجبرت رئيس الجمهورية السابق وهو رئيس الحزب الوطني على التنحي في 11 فبراير،

 فإن لازم ذلك قانونا أن يكون الحزب أزيل من الواقع السياسي المصري رضوخا لإرادة الشعب فلا يستقيم عقلا أن يسقط النظام دون أداته وهو الحزب. وكان في ترشح قيادات الحزب الوطني المنحل وأعضاء لجنة السياسات وأعضاء مجلسي الشورى والشعب التي ستجري مستقبلا ما يثير ضغينة الشعب المصري، وحيث إن مصر مقبلة على عهد جديد يتطلع فيه الشعب المصري بعد أن قام بثورتين مجيدتين إلى الحياة. قد كان نضوب التربة السياسية وفقدان الأمل في إمكانية إحيائها بعد طول موات واحد من أهم الأسباب لسعي المصريون لإسقاط نظام أقصاهم عن السياسة وأبعدهم عن تسيير أمور حياتهم.

إلا أن التكتيكات والأدوات التي استخدمها النظام خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة اختلفت بعض الشيء عن سابقيه. فهذا النظام كان أكثر ماكيافيلية ودهاءً عن سابقيه، فلم يعتمد على الكاريزما الطاغية للزعيم الخالد، ولم يقصي كافة أطراف اللعبة السياسية عن المشهد السياسي كاملة، ولم يزج بهم جميعاً في مجاهل المعتقلات، ولم يتحجج بأزمات إقليمية أو احتلال أجنبي أو استعمار عالمي لتعليق الحياة السياسة بالكامل، كما لم يرفع شعار كشعار "دولة العلم والإيمان" توظيفاً للدين لترسيخ شرعيته، وإنما حاول أن يرسم صورة لدولة المؤسسات التي تُمارس فيها مظاهر الديمقراطية وإجراءاتها، دون أن تمتد هذه الممارسة إلى جوهر الديمقراطية ومضمونها الحقيقي بما يشكل تهديداً حقيقياً للنظام ولبقائه. فقد انتهج النظام منهجاً يقوم على منح مساحة محدودة من حرية الحركة لقوى المعارضة للعمل السياسي الميداني، بالإضافة إلى إتاحة هامش من حرية الرأي ليقوم هؤلاء بالتعبير عن آرائهم المنتقدة للنظام.

فقد قضت المحكمة الدستورية المصرية في جلستها المنعقدة بتاريخ 14 يونيو 2012 بعدم دستورية قانون العزل السياسي (رقم 17 لسنة 2012) الخاص بالتعديلات على القانون (رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية). وكان المجلس العسكري قد أصدر قانون العزل السياسي بتاريخ 24 إبريل 2012. وربما الصدفة وحدها هي التي جمعت بين كل من : ( المحكمة العليا الليبية والمحكمة الدستورية المصرية) على أن تصدرا في نفس التاريخ 14 يونيو 2012 أحكامهما والتي جاءت ( بعدم الدستورية في الحالتين).

فقد ذهبت محكمة النقض المصرية إن اختصاص القضاء المستعجل في الأمور التي يخشى عليها من فوات الوقت وفقاً للشطر الأخير من المادة 28 من قانون المرافعات - القديم - يتوافر بشرطين الأول قيام حالة استعجال يخشى معها من طول الوقت الذي تستلزمه إجراءات التقاضي لدى محكمة الموضوع والآخر أن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً في أصل الحق ، وللقاضي المستعجل وهو بسبيل تقرير اختصاصه أن يقدر توافر حالة الاستعجال وتقديره في هذا الخصوص لا معقب عليه ، كذلك له أن يتناول - مؤقتا ولحاجة الدعوى - منازعة الخصوم بالتقدير ، و خطؤه فيه لا يكـون بفرض وقوعه خطأ في ذات مسألة اختصاص و لا يصلح سبباً للطعن عملاً بالمادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض .

الطعن رقم 0131 لسنة 19 مكتب فني 03 صفحة رقم 129

بتاريخ 29-11-1951

دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام