كثر الحديث و الكلام عن ما يدور داخل البيت العثمانى و ما يحدث فى الكواليس و خلف الستار بين كلا من الرئيس رجب طيب اردوغان، و وزير خارجيته أحمد داوود اوغلو، و مدير المخابرات التركي الاسبق هكان فيدانى، و أمين عام وزارة الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو، و بولند أرينج نائب رئيس الحكومة التركية، و وزير الداخلية و صاحب القبضة الحديدية أفكان علاء و غيرهم من العثمانيون الجدد الذين يتصدرو كامل المشهد السياسى التركى . و مع تطور الاحداث و تغير المشاهد الداخلية للوضع التركى خاصة بعد أن قدم مدير المخابرات التركي هكان فيدان أستقالته تمهيدا للترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة التى ستقام فى أواسط العام الحالى، ثم تولى أسماعيل حقى منصب رئيس جهاز الاستخبارت التركى لفترة مؤقتة و قد نرى بعده فريدون سينيرلي اوغلو هو من يتولى زمام الامور بالاستخبارت التركية .

 

و لم يتقدم هكان فيدان المعروف بلقب أمين خزانة أسرار أردوغان على تلك الخطوة و تقديم أستقالته من منصب مدير المخابرات التركية و الترشح للبرلمان الا بعد أن تلقى الضوء الاخضر من البيت الابيض بعد أن صرحت الخارجية الامريكية و تغزلت فى هكان فيدان قائلة أنها ترى فيه  رجل الشرق الاوسط الجديد، و هو الامر الذى اثار العديد من الاراء داخل البيت العثمانى قبل أن يرفض داوود أوغلو نفسه قبل اردوغان أن يترشح هكان فيدان للانتخابات البرلمانية القادمة كرجل حزب العدالة و التنمية الاول، و لذلك جاء تراجع هكان فيدان عن ترشحه للبرلمان سريعا قبل أن يتم الاتفاق بين جميع اطراف البيت العثمانى دون أقصاء اى أسم و تقسيم التورتة بالتراضى، و عودة هكان فيدان مرة اخرى لرئاسة جهاز المخابرات و عودة كل فرد الى مكان قبل أن يستقيل هكان .

 

ففى الوقت الذى تدعم به واشنطن أسطنبول و تسير فيه أسطنبول على اجندة البيت الابيض التى وقعت عليها أثناء أنعقاد مؤتمر موسع لحف الناتو بأسطنبول عام 2004 و اطلاق مبادرة " تركيا و الشرق الاوسط الجديد "  و تركيا لا تخطئى فى سطر منذ ذلك العهد حتى جاء الاتفاق الاخير بين الحكومة التركية و نظيرتها الامريكية على أعداد جيل جديد من الارهابيين بمعسكرات شرق تركيا بديار بكار و سالنيورفا و كارمان و عثمانية لتفريغ موجات جديدة من الارهابيين فى سوريا و باقى دول المنطقة و على رأسها ليبيا و مصر، فبرغم كل ذلك و حالة التنسيق و التحالف الشديدة بين العم سام و العثمانيون الجدد الا أن الولايات المتحدة و كعادة سياستها تجاه التعامل مع اى ملف خارجى تتواصل مع جميع الاطراف سواء من فى الحكم أو المعارضة فدائما الولايات المتحدة تعمل على تحضير البديل قبل سقوط الحاكم و هى الان متصلة بجميع الاطراف فى اسطنبول .

 

و أن عدنا بالتاريخ و دققنا النظر مرة اخرى فى اكثر عام نذهب له لتحليل جميع المشاهد الحالية و لربط كافة الخيوط ببعض، الا و هو عام 2003م، عام بداية ترسيم الشرق الاوسط الجديد و الذى اتى منذ بدايته بالعثمانيون الجدد، و هو أيضا نفس العام الذى تم تسليط كاميرا خاصة على وجه الشاب هكان فيدان بعد أن تولى منصب رئيس " وكالة التنمية و التنسيق التركية " فى ذلك العام، و التى يتركز عملها على دعم السياسات الخارجية لتركيا عبر إنشاء المدارس وترميم الآثار و تقديم المساعدات الإنسانية خارج الاراضى التركية، الأمر الذي مكنه من مد علاقات قوية في كل دول أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا الوسطى و دول القوقاز و البلقان، و هى الدوائر التى بدء بها التبشير بالعثمانية فيما بعد، لكى يتقدم هكان خطوة بخطوة حتى تقلد منصب مدير الاستخبارت التركي قبل أطلاق عواصف الربيع العبري بعام واحد فقط، و قبل أن يشبهه اليوم زعيم المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو ببطل مسلسل وادي الذئاب مراد علمدار، أردوغان بالفعل يريد السيطرة الكاملة على البرلمان المقبل و لكن لا يعرف الطريقة المناسبة للقبض عليه، أردوغان يريد أن تكون كل أجهزة الدولة ليست تدار  لصالح الشعب التركى و لكن حزبه أو بالاحرى مصلحته أولا ثم مصلحة باقى رجال البيت العثمانى ثانيا و لنا فى استقالة رئيس المحمكة الدستورية التركية بسبب تدخل اردوغان فى اعمال القضاء عبرة، و لنا فى حركة أقصاء العديد من قيادات الجيش و الشرطة على مدار الثلاث سنوات الاخيرة قصة اخرى تشرح كيف عمل حزب العدالة و التنمية على تهميش و تفريغ كل مؤسسات الدولة لكى يملئ الحزب ذلك الفراغ .

 

أردوغان بالفعل يريد ضمانا لسيطرة على كل مؤسسات الدولة بما فيها البرلمان فى المرحلة المقبلة خاصة مع المطالبة بتغيير الدستور و لكنه فى نفس الوقت يخشى أن يرى البساط  ينسحب من تحت أقدامه بترشح هكان فيدان للانتخابات البرلمانية التركية القادمة خاصة أن طموح هكان يمتد لما هو أبعد من ذلك و ان يكون فى موقع رئيس البرلمان بدلا من الرئيس الحالى جميل جيجك .

 

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]