الجزء الخامس


مما لاشك فيه، بأننا نعيش عالم العولمة بشكلها المخيف، ولم تعد للعالمية طريق،   لذلك  ندرك تماما سيطرة وغلبة ثقافة على جميع الثقافات في العالم،   فبعد أن تفتحت العالمية  على العالم ، وعلى الثقافات الأخرى ، و احتفظت  بالشأن الأيديولوجي ، رأينا العولمة تخترق   الثقافات وتطغي علي الصراع الإيديولوجي، وهو ما ساهم بشكل جوهري في عدم التوازن بين دول العالم الأول والثالث، وحجب التطلعات للدول النامية أو ما يعرف بــ " مصطلح نحن وهم"، من المواكبة. 

بعد التحولات الدولية بدءا من صلح ويستفاليا، ومؤتمر فينا، وما تلاه من حروب قاسية، وصولاً الي حربين عالميتين، والتي القت بكل ثقلها بدول الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا وغيرها دونما يكون لنا يداً تسبب فيها أو يداً إستطاعت منعها، ما تسبب في قتل شعوبها وإحتلال اراضيها  ونهبت ثرواتها، حيث وقفنا وجامعتنا العربية والإتحاد الإفريقي وغيرها من المنظمات الإقليمية وشبة الإقليمية، علي نافلة القول وهامش الطريق مستسلمين نرفع القبعات إمتثالا، ولم نتمكن في تحقيق توثيق قانوني لتلك الجرائم، وتتبع الدول والأفراد، ودون أن نحصل علي تعويضات قيمية لتلك الأموال وعوائدها والثروات وفوائدها والموارد الطبيعية " التي شكلت نهضت الكثير من دول الغرب"، ودون الحصول علي الحد الأدنى وهو الاعتراف  والاعتذار، الا في أضيق الأحوال وبشكل خجول وغير هادف. 

 الفزاعات القادمة قد تكون أكثر إثارة و دماراً،  لقد تحقق المطلب الأول للدول الكبري في تأسيس ما يعرف بدولة إسرائيل المجحف بحق الشعب الفلسطيني، كما نال المقترح البريطاني لتأسيس الجامعة العربية، القبول والرضا، من قبل الدول الأعضاء والمجتمع الدولي، ونعلم علم اليقين، دون الحاجة لمزيد من الدلائل والشواهد،  كيف استوظفت الدول الغربية  إحتلال العراق وحرب الخليج الأولي والثانية، وما لحق بما يعرف بالربيع العربي، حيث أصبحت سيادتنا مهب الريح، وثرواتنا دون رؤية، وكل عمليات التغيير لا جذور لها حيث أنها   تفتقد القاعدة،  وتسير وفق مراحل انتقالية، وتدور في فلك لا تجاذب به، و لا نري لها نهاية واضحة،

لقد أحرج الإمبراطور الروسي سياسات الغرب ودولها، فلم يطلب غير الممكن، بل ما رفضته روسيا اليوم، هو مطلب شرعي يهدد أمنها وإستقرارها، وما يطلبه الإتحاد الأوروبي الموجه  هو إستدراج لفوضي عارمة  وإدخال العالم مجدداً في دوامات الصراع، بفارق عن الحروب العالمية الماضية، حيث كانت أوروبا حينها هي من تتخذ قراراتها الا أن اليوم هناك سيولة كبيرة في توجهاتها السياسية وميولها وقدراتها وأهدافها. 

من جانب آخر، تحققت دول الخليج العربي بأن التوازنات والتحالفات المرنة قد تكون كفيلة للنجاة من منعطفات ربيع خليجي يدق الأبواب، ونري الإندفاع بالشراكات الخليجية الروسية والصينية، والتي قد هددت  مصالح أمريكية – أوروبية بمسارها الحالي بشكل مباشر، غير أنه يستوجب دراسة الموقف الإيراني الحليف والداعم  للصين، والذي يتعرض منذ سنوات للإبتزاز الأمريكي، منعاً من إنتقاله من كونه عدوا تقليدي ليصبح عدواً نووي، فــ ديناميات السياسات قد تغلب مصالح الإحتياج الأخير بالتفريط في بعض منهجيات مؤقتة. 

وسنأتي في هذه السلسلة لكثير من التفاصيل، في لقاء آخر

للاطلاع على الأجزاء السابقة .. عبر الرابط التالي: