الجزء السادس


إحساسنا العميق والقديم بالظلم والذي ترتب من   خلاله الشعور  بأننا فريسة لمنهجيات و لمؤامرات الدول الكبري، قد يكون ضمن أسباب  صنع المبرر لكل إخفاقات دول العالم الثالث ((نحن))، وما أنتج تبعية القرار، بل أحيانا، إستشارة  الأنكل سام وحام ليمنح الضوء الأخضر أو يمنع بإشارات عدم الإهتمام، ومن ثم يتوجب التوقف. وبالرغم  من عدم إستبعاد كافة النظريات، الا أن البعض المرتبط مصلحيا أو عقيديا بدول العالم الأول أصبح الأكثر نفوذا وتأثيراً ضمن دوائر السلطات المتنفذة في دول ((نحن)). 

وبالعودة الي الإنتفاضة الروسية في حربها علي العالم الحاكم  ككل والبدء بــ أوكرانيا، وذلك في محاولة إعادة ترتيب الأوراق، والدفع لتغيير الأقطاب، وهو نقطة من ضمن سلسلة تجاذبات وتوافقات  وتنافرت، وهو ما يجرنا للحديث عن الملف الإيراني الخليجي، وما يفتح الباب تجاه التحديات القادمة بشرق المتوسط، حيث الثروات الطاقوية والغازية، كما يدفع لإستشراف المنهجيات بــ  الجنوب الإفريقي. 

وقبل الدخول في التفصيلات السياسية والسيادية، علينا أن ننوه لأهم السلطات، وهي السلطة الإعلامية الغربية، والتي استوظفت أعمالها وسريان معلوماتها بشكل غير متوازن، كما تم إحتكارها لمنابر التفوق والتقدم والمشاهدة والإحصاء، فأصبحت دول العالم الأول تسير وفق خطوات منهجية ثابتة لتنفيذ المخططات بما يتفق مع تفاصيل مصالحها، ما أدى إلى تضرر دول العالم الثالث  والتأخر في قضايا مختلفة وأهمها  التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن حجب المعلومات -كونها سرية- ضللت الحقيقة   بملفات عديدة وأهمها العلوم الفلكية والإحتياطات الطاقوية والإستكشافات غير المعلنة، وأصبحت  الطاقة النووية والذرية  حكراً، بل جريمة  لمن يحاول صنعها، كما هو الحال الإيراني اليوم، وتهمة تستوجب  كل العقوبات كما كان الحال في العراق. 

لم يعد لروسيا الكثير من الخيارات، حيث كان الدخول في الحرب مع أوكرانيا، هو مجرد إعلان بعدم الرضا، وتثبيتاً للإقدام، ومحاولة للحصول علي مقعد الأعوام المائة القادمة، الأمر الذي منح الفرصة الناعمة للصين بدعمها المباشر وغير المباشر، لتفصح عن حجم أموالها وإقتصادها والثقل الدولي، ويلف حول التكتلين دولاً كثيرة، لا زالت تحت الضغوات والتأثيرات وحسابات أخري، فقد تجد تلك الفجوات فرصة الريادة، مع التخوفات بكونها ستسقط مجدداً ضمن التبعية القادمة، 

فكيف نستشرف الوضع الخليجي، والوضع الإيراني، وهل سنري توافقات قادمة من قبل دول شمال إفريقيا كما هو حال الجزائر وتحالفات لفك الإرتباط الغربي واللجوء الي التكتل الصيني الروسي، ؟ 

لسنوات مضت، نعلم جيداً التوترات السعودية الإيرانية، فــ طهران تدق ناقوس عودة الإمبراطورية وإن كانت إقليمية، وتبحث من خلال برنامجها النووى للحصول علي صك البراءة والعفو من كافة التدخلات والحمايات الإنسانية والعقوبات العسكرية، والتي نقدر بأنها محاولة الكينونة والبقاء والتصدى والتمدد، وصنع حمايتها القادمة، 

ورغم تأخر الدور العراقى، وهو الدرع الواقي للخليج العربي في مقابلة التمدد الإيراني، فقد عززت المملكة السعودية موقفها الدولي ودورها الإستراتيجي كرائد للخليج العربي، والحفاظ علي أمنها من خلال  قدراتها الإقتصادية والمالية، والقوى النفطية، والمكانة العربية الإسلامية، الا أن التغيرات المتسارعة بالخارطة يستوجب المواكبة، فلم يعد الشريك الأمريكي للسعودية بمنزلته السابقة، كما رأينا تحديات السعودية للولايات المتحدة الأمريكية في كثير من المواقف، ما دفع المملكة السعودية للدخول في منظومة البريكس، وهي طلقة نارية موجهة صوب أمريكا والدولار الأمريكي، كما سيدفع الي إتجاهين، أحدهما التقارب السعودي الإيراني ، حيث إستمرار العمل الإيراني لصنع الطاقة والإنسحاب من  التفتيشات الدولية، وهو توافق قصير المدي، وتوافق المصالح للطرفين، والآخر، هو  الضغط الأمريكي لإنهاء المنظومة المالية القادمة مع منح ضمانات مؤقتة لصالح الطرفين الخليجي والإيراني. 

وسنأتي في هذه السلسلة لكثير من التفاصيل، في لقاء آخر

للاطلاع على الأجزاء السابقة من خلال هذا الرابط