الجيل الحالي (جيل الاستقلال) لم يتعود الحروب,ويعتبر محظوظا ان وجد من يقص عليه تلك الايام حالكة السواد, حيث ان الحروب اتلفت الزرع الذي يعتبر المصدر الوحيد للارتزاق,حيث لم تكن هناك مصانع,كما ان التعليم يعتبر حكرا على الطبقة الغنية لان الفقير لن يرسل ابنه الى المدرسة بل يرسله الى حيث يمكن ان يتحصل على قوت يومه "يخدم ببطنه" ويعتبر ذلك ضربا من الخيال لان الاوضاع الاقتصادية جد سيئة.

يبدو ان سادتنا او من ارتأينا انهم خيرتنا وأهلا للثقة في ان يتولوا زمام امورنا في ظل ظروف اقتصادية جيدة ,ابى هؤلاء إلا ان يجلبوا الينا الاستعمار ويجعلوننا نعيش زمن الاباء والأجداد فالتاريخ يعيد نفسه,لنشعر بقسوة حياة السلف الصالح ومعاناتهم جراء مقاومة المحتل الغاصب.

بحجة الديمقراطية وحقوق الانسان جلب لنا ابناء الوطن الاستعمار الغربي (تربّوا في احضانه وتعلموا على يديه لتنفيذ مخططاته),خلق مجيء المستعمر نوع من الاصطفاف في وجه العدو الغازي وان كان البعض يرى انه ضروري للقضاء على حكم الفرد الذي ليس بإمكان العامة اسقاطه, اعتبر هؤلاء المتامركون ان مجيء الغرب نصر مؤزر من عند الله,الطائرات اعتبروها طيور الابابيل التي تقتل بني جلدتهم,الصواريخ والقنابل اسموها حجارة السجيل, فلا فرق بين حكامنا, وابرهة (لا اريد ان انسبه لأي عرق كي لا اتهم بالعنصرية ومعاداة... ) وجيشه, يكبّرون عند سقوط كل قذيفة,لا يهم الدمار او من يقتل او يجرح فذلك امر ثانوي لا يهم كثيرا,يقولون لك, المهم اننا اسقطنا النظام .

بعد عامين من عمل النواب المضني الشاق لصالح أنفسهم وقد مددوا للمؤتمر ما استطاعوا الى ذلك سبيلا,إلا ان تماديهم في غيهم والإعلان عن عملية الكرامة من قبل العسكر الذين يتساقطون بفعل التكفيريين في شرق الوطن,ساهم في اجراء انتخابات لمجلس النواب ولعلمهم المسبق بان فرص استمرارهم في السلطة امر بعيد الاحتمال,فقد احجموا عن الاعلان عن نتائج الانتخابات,الاعلان عن النتائج سيكون حتفهم السياسي . لإحكام السيطرة على العاصمة وما حولها وخاصة المؤسسات التي تدر ذهبا "تهريب-ضرائب" . قرروا مهاجمة مطار طرابلس العالمي, الجهة الوحيدة التي بقت خارج سيطرتهم,اطلقوا على العملية "قسورة",كلمة لا يكاد العامة يعرفونها وكأني بهؤلاء ارادوا تذكيرنا بها, فقد تكون الكلمة اجابة لأحد الاسئلة بالمسابقات الرمضانية بقنواتنا الفضائيات المتعددة, وبالتالي الظفر بجائزة قيّمة . جمعوا كل ما لديهم من بشر ومعدات قتل,اقتحموا المطار بقيادة احد اعضاء المؤتمر المنتهي الصلاحية,لقد اظهر براعة في فنون القتال منقطعة النظير, وتلك موهبة لم تكن الجماهير التي انتخبته تعلمها,احرق وفرقته محتويات المطار وأملاك خاصة اخرى بالجوار وهم يكبرون ويهللون بالانتصار في رمضان وبأنه الفتح المبين,الاعداء بني جنسهم!,اليس هذا فعل الدواعش في كل من العراق وسوريا, يكبرون ويهللون عند الاجهاز على سكان المناطق التي يحتلونها.انهم ولاشك دواعش ليبيا وما اكثرها وللأسف فإنهم يقبضون رواتبهم من خزينة الشعب الذي ناصبوه العداء ولم يعملوا يوما لصالحه,بل وسيجزون على فعلتهم هذه, الاموال الطائلة.

المفتي والذين هم على شاكلته ممن يدعون الاسلام, فروا الى او لنقل عادوا الى "عرينهم " الدوحة (موطن الاسود) التي ارادوها عاصمة للخلافة الاسلامية, ومن هناك قادوا معركة تحرير المطار" قسورة", اباح المفتي الافطار للقوة المهاجمة ودعاهم الى مقاتلة من اسماهم البغاة,التاريخ يعيد نفسه,بالأمس, نفس الوجوه قادت معركة تحرير ليبيا وبالأخص العاصمة, من الدوحة, اليوم يقودون معركة قسورة من الدوحة وقالوا بأنهم لن يعودوا الى ليبيا الا بعد تحرير العاصمة وعبر مطارها.اقول, تعودون نعم وذاك حقكم لأنكم ليبيون,  لكن, ليس قبل ان تعلنوا توبتكم والعودة الى الرشد الذي وان كنت لا اراه سيلازمكم ,لأنكم بلغتم من الاجرام عتيا,ذاك داء يصعب معالجته بما فيه الكي. لقد اظهرت غزوة قسورة لكل ذي بصيرة من هم القسورة ومن هم الحمر المستنفرة.

وبعد,هذه حال الليبيين,القتل والتشريد في الاشهر الحرم, وعلى مدار السنة, مؤتمر منتهي الصلاحية يمارس دوره التخريبي, حكومة عاجزة عن فعل اي شيء, تسوّي بين الظالم والمظلوم ,بل تستجدي الظالم للظفر بمساعدته,لئلا تجد نفسها خارج الاروقة التي لم يتعود الكثير من اعضائها ارتيادها,الكل ينهش الوطن, انهم من يطلقون على انفسهم القسورة, وان كانت تلك الحيوانات تقتل فريستها عند الحاجة للأكل فقط,لقد تعدّى هؤلاء فعل الكائنات التي ليس لها عقل. ام ترانا نعيش في غابة من الوحوش على صورة بشر؟,تصنف من يخالفها بالكفر؟,لا تبقي ولا تذر؟.

 

نقلا عن الوطن الليبية