كان من اقرب الناس إلى الدكتور المرزوقي منذ سنة 1982 ..وكان يقول عنه "معلمي" ..وكان معه من أوائل مؤسسي حزب المؤتمر ..كان يحمل معه نفس الهموم ..مع حقوق الإنسان ..ضد الدكتاتورية ..مع الجمهورية ..مع الديمقراطية ..ضد الظلامية الفكرية ..وكان يلتقي معه في لاءات ثلاثة ..لا للمفاوضة مع بن علي ..لا للإقصاء ..لا للعنف ..كل هذه قواسم مشتركة التقى عليها الصديقان في مسيرة مهنية ونضالية ...لكنهما افترقا ...قبل انتخابات المجلس التأسيسي ..افترقا لان المرزوقي -حسب السيد عبد الكريم الحاج فرج أصيل قصيبة المديوني وهو تقني في الإحصائيات الصحية اشتغل مع الدكتور المرزوقي مدة 03 عقود وتعلم منه عديد الدروس خصوصا في مجال حقوق الإنسان  - خان الثورة ..وخان المبادئ ..وخان الاتفاقات التي جمعت بينه وبين أصدقاء الأمس ..وتحالف مع حركة النهضة منذ بدايات ضبط القائمات المترشحة للانتخابات آنذاك في سنة 2011...فجاء هذا الكتاب الذي ضمخه مؤلفه عبر مقالات متفرقة نشرها على امتداد ثلاثة سنوات بمشاعر الشفقة الممزوجة بالاندهاش إزاء الانقلاب الجذري الذي قلب المرزوقي رأسا على عقب ليتحول إلى رجل بشخصية أخرى منقطعة عن شخصية الحقوقي والمناضل والمشبع بمعاني الديمقراطية والجمهورية ..شخصية المتشبث بالأنانية والمتكالب على السلطة والكرسي ..المتخلص من كل قناعاته حتى اندفع نحو التحالف مع الإسلام السياسي بما يحمله من عنف ومتاجرة بالدين وازدواجية الخطاب ورفض مدنية الدولة أن لم نقل الدولة كلها وظلامية  الفكر ..

جاء هذا الكتاب باللغة الفرنسية المتينة التي تضاهي لغة فولتير وأمثاله .. في 130 صفحة من الحجم الصغير ثمنه 7 دنانير .طباعة دار السلام ...ويحمل الغلاف عدة دلالات رمزية ..تقرا قبل قراءة الكتاب ذاته ..

بدءا من اسم المؤلف…

 abdelkrim haj frej ..ksibet el 

 mediouni.. 

( عبد الكريم الحاج فرج \ قصيبة المديوني )

وهنا يتجلى تعلق المؤلف بمدينته وشغفه بمسقط رأسه قصية المديوني ..

مرورا بالعنوان Mes textes contre Marzouki et les Imaca » ( نصوصي ضد المرزوقي والإيماكا )فقد أورد كلمة Imaca ..ليعني بها الظلاميين ولم يشأ صاحب الكتاب بيان المرجعية اللغوية لهذا المصطلح وأعرب عن تعمده  إخفاءه ليبقى للقارئ المجال فسيحا للبحث عن رمزية هذا المصطلح المبتكر من قبله  ...ثم وصولا إلى الصورة ..نعني بها صورة الغلاف إذ كانت صورة المرزوقي والغنوشي سويا في تحالف بين اللا جمهورية واللاديمقراطية مقلوبة ترمز إلى انقلاب هذا الثنائي على جميع المبادئ والأعراف وعلى الثورة أساسا وإجمالا ...وهي ضمنيا عبارة عن دعوة للانقلاب عليهما والتصدي لمشروعهما الظلامي المشترك لأنهما سويا يسيران في خط تدمير بنيان الدولة واستعادة الظلامية ودعم الإرهاب بكل صوره من اغتيالات سياسية وذبح الجنود وهو أمر لم يقدم عليه حتى بن علي الدكتاتور الذي إن اعتمد الاغتيال السياسي أو حرض عليه أو تبناه فعلا لما كان للمرزوقي والغنوشي أن يكونا اليوم على قيد الحياة  ...

وأضاف صاحب الكتاب أن الدوافع الأساسية التي حملته على نشر هذه المقالات ضد المرزوقي وحلفائه من الظلاميين  هو إيمانه بضرورة تعرية الدكتور المرزوقي وفضح انقلابه وكشف  تغير مواقفه – باعتباره كان من اقرب الناس إليه وهو أكثر من خبره لمدة 32 سنة - فبقدر ما كان يحترم فيه صورة الماضي من حقوقي ومناضل وديمقراطي بقدر ما يدعو اليوم للحذر منه وإزاحته من الحياة السياسية نظرا لانبطاحه للتيارات السلفية الظلامية وتحالفه مع "الإسلام السياسي" بمخاطره على الديمقراطية ومدنية الدولة وخيانته للثورة ولنفسه....

وقد تم تقسيم الكتاب إلى 24 مقال نختار منها بعض العناوين ..

• البيضة الأخيرة للمرزوقي 

• أكذوبة المرزوقي 

• خيانة المرزوقي 

• من الخمر في رمضان إلى النقاب 

• مانديلا في الجنة أم في النار ؟

• بورقيبة قال لي ..

• فرنسوا هولندا الخليفة السادس لفرنسا ..

• من يخاف الانتخابات ؟.

• المال السياسي وبيع الأصوات الانتخابية في بورصة الأصوات ..

 

وغير ذلك من القضايا التي فجرتها الثورة وحركتها الجدلية المتصارعة بين نمطين من المجتمع أو لنقل حول مشروعين متناقضين مشروع بناء تونس الغد… ومشروع هدم تونس الأمس واليوم والغد ...

هكذا وقبل انتخابات أكتوبر 2011 وقبل أن ينقلب المرزوقي على المرزوقي ..وقبل أن يعم الظلام سماء تونس ....كان السيد عبد الكريم الحاج فرج يحلم أن يرى تونس أجمل من دولة لكسمبورغ ..ويحلم أن تنفتح أبواب الديمقراطية على مصراعيها ..وأبواب الحداثة والتقدم والتنوير تتسع ملء الأرجاء الممتدة في خيال الشعراء ..لكن الحلم تبخر بمفعول الخيانات التي ارتكبها العديدون ممن ركبوا على الأحداث وذاقوا حلاوة الكراسي ونسوا مرارة ما يتذوقه الجرحى والفقراء والعاطلين عن العمل  ..ولكن مع هذا كله سيعود البخار مطرا ...إذا انقلب التونسيون على من تبخرت بداخله كل القيم والمبادئ وحتى أصدقاء الأمس تلاشوا من ذاكرته .. وإذا انقلب التونسيون على المتاجرين بالدين من الذين حنطوه في قوالب جامدة توقف وتيرة الحياة وتوقف الركب الحضاري .....وسيعود البخار غيثا نافعا إذا عرف التونسيون كيف يحتاطون بجدية ويحذرون ويحذّرون من الوصوليين وقوى الرجعية وانتخبوا الديمقراطيين حقا والتقدميين ثباتا على العهد والاجتماعيين بقوة ...ونصروا تونس المستقبل ...