تتربع الحكومة في اعلى هرم الدولة ، فهي المسير لسياسة البلاد تخطيطا وتنفيذا  والمشرف على عدالة توزيع الحقوق والواجبات بين مواطنيها والمنظم لعلاقات الدولة الخارجية وصمام الامان والحكم العدل في بسط الامان والطمأنينة والقضاء بين الناس ، تأتي هذه الحكومة عادة بتكليف من رئيس الدولة أو من برلمانها (مجلس النواب ) ، وهو ما حدث لدينا في ليبيا  فقد تم تكليف السيد عبد الله الثني من قبل البرلمان المنتحب لتشكيل حكومة لإدارة شؤون البلاد وتصريفها ، وقد شكلت هذه الحكومة ووزعت المهام والمناصب وتفاءلنا خيرا ،ولكن لم يلتمس المواطن ادنى إنجاز لهذه الحكومة والتي على ما يبدو ولدت ميتة وإن لم يكن فمشلولة ، وهذا مرده الافتقار الى التخصص والخبرة وفريق العمل الناجح أولا والى قوة الشخصية والوطنية والقيادة ثانيا ، وتقوى الله وحب الوطن والولاء له والنزاهة ثالثا .
واللوم والاتهام لا يقع على عاتق الحكومة فقط فمثله وبضعفين يقع على عاتق البرلمان رئيساً وأعضاء  فهم كذلك يفتقرون الى اسس القيادة باستثناء قلة منهم.
نعي جيدا أن الظروف التي تمر بها ليبيا يصعب العمل والعطاء من خلالها ،ولكن هذا لا يمنح العذر لا أحد  بأن يتربع على كرسي السلطة ويقلد النعامة حين فزعها ولا يجازف ويكابد ويهتم ويقرر وينجز بحيث يتقاسم مع أصحاب الهموم همومهم ويحاول إيجاد الحلول الناجعة لكافة المعوقات ومن لا يستطيع ويفشل يتنحى ويمنح الدور لغيره فالعقل والفكر والشخصية والهمة والشجاعة تختلف من شخص لأخر . 
ليبيا في حاجة ماسة بهذه الظروف التي لا تحسد عليها الى حكومة أزمة يقودها شخص يتميز بحسن الادارة والقيادة والقدرة على اتخاذ القرار الصائب في وقته وحينه علاوة على الشجاعة والوطنية  يُجمع عليه الناس له احترامه وعلاقاته الجيدة في شرق البلاد وغربها وجنوبها يدعمه فريق مساند بنفس الصفات يعمل ليل نهار على اخراج هذا المركب الغارق العالق في وحل الاحداث المتراكمة والعمل على ايصاله سالما غانما بأقل الخسائر الى بر الامان ، وهذا أمرا ليس بهين وليس بمقدور الكثير فعله لذا كان يتوجب الدقة والنزاهة في اختيار رئيس وأعضاء هذه الحكومة من قبل من اختاروهم وزكوهم وساندوهم .
حكومة السيد عبد الله الثني حكومة فاشلة باقتدار داخليا وخارجيا ولم تقدم لليبيا ولا لليبيين أي انجاز يذكر سوى زيارة وزرائها المكوكية للعديد من العواصم والتي لم تضيف للشأن الليبي شيئا ايجابيا ، هذا الدور السلبي لهذه الحكومة زاد الطين بله وزاد من توسع هوة الخلاف وقاد البلاد الى حافة الهاوية والتي ربما تكون قد تدحرجت فيها عندها سيصبح من الصعب خروجها منها.
اغلب ساستنا يجيدون الذكاء الاجتماعي وهو فن التحاور وإلقاء الكلمات والخطب الرنانة التي تقع موقع صدق في اذان مستمعيها ومنصتيها ، فتجد الكثيرون يتأثرون بما سمعوا  فيصوتون او يختارون هذا الشخص أو ذاك والذي عادة يجيد اختيار هندامه ولا يفتقر للابتسامة الخادعه  وإذا ما تجمع كل هذا فقد يصل الى اعلى سدة الحكم في الدولة ، الذكاء الاجتماعي مصيبة من مصائبنا التي تؤثر في الاختيار والترشح فا حسن الخطابه وحسن اختيار المفردات وحسن المظهر والشكل تستطيع اقناع الناس بإيصالك الى اعلى المستويات بهرم الدولة والسلطة حتى ولو كنت تفتقر للتخصص والخبرة فثقافتنا الاجتماعية لازالت تتأثر بالموروث وعقدة الخواجة لازالت تتبعنا.
لو كانت حكومة البلاد حكومة ازمة تجيد عملها وتتفهم مطالبه لحاولت رتق ما تهتك من النسيج  الاجتماعي اولا وعملت في شأن تجميع الناس على كلمة سواء و تقريب وجهات النظر ونبذ الخلافات وطمس وطي صفحة الماضي بين الجميع ولملمة الشمل وعملت على الاستفادة من خبرات الدول التي مرت بأحداث مشابهه لنا وعملت على توفير السلع التموينية والوقود لكافة ربوع ليبيا وتوزيعها على النازحين والمعوزين والمحتاجين وعملت على توحيد لغة الاعلام بكافة اشكاله كي تصب في مصلحة البلاد والعباد وفعلت دبلوماسيتها ووحدت لغة الخطاب الموجهه للعالم الخارجي من خلال السفارات والسفراء والمبعوثين والمندوبين وعملت بكل جديه على دعم الجيش والشرطة وفق الاسس الصحيحة بعيدا عن الايدلوجيات والمناطقية والجهوية وحاولت تأمين الحدود مع دول الجوار وعملت على حث لجنة الستين في الاسراع بعملها بشأن إخراج مسودة الدستور الذي خبت ناره قبل ان تنضج طبخته وأصبحت باردة فاترة لا طعم ولا لون لها .
لا أدري لم الاستمرار في عمل هذه الحكومة والتي لم يستفيد منها قاصي ولا داني الم تلد ليبيا رجلا أو حتى امرأة يستطيع او تستطيع قيادة هذه البلاد والخروج بها من نفق التشرذم .
ما يجب فعله حاليا هو ايقاف عمل هذه الحكومة حالا لأنها اخذت وقتها وقهرتنا بانجازها الباهت واستبدالها بحكومة اخرى ويجب على السادة اعضاء البرلمان اتقاء الله فينا وفي بلادهم  والعمل على حسن الاختيار دونما جهوية أو حزبية أو تكتليه ولا أي تجاذبات أخرى ، الفاشل فاشل والمهزوم مهزوم ولا استثنأت أخرى السيد الثني فقد فشل في عضويته بالمؤتمر سابقا وفشل وزيراً للدفاع ورئيس للحكومة السابقة ورئيس للحكومة الحالية فيجب شكره وتسفيره الى مزرعته ربما ينجح في جني محصولها وتسفير من معه من مقاولين لا وزراء .
لو كان لدينا حكومة تعي دورها لما آلا حالنا الى ما آلا اليه الان ولكن الشاهد يشهد ان الامور تزداد سواء يوما عن يوم بقيادة اسوء حكومة في العالم الحكومة الليبية الموقرة .والتي يعاز ذلك فيها الى مصاب قياداتها بمرض التوهم حيث يتوهم الشخص انه قادر على كل شيء بينما هو في واقع الحال ابريق اجوف حشوه التراب  لا يفهم ولا يعي شيء.
ليبيا في حاجة ماسة جدا وملحة جدا جدا الى العمل على الاهم قبل المهم ، في حاجة الى قيادة يعمل من خلالها المواطن المصراتي في طبرق بكل رياحيه وآمان والمرجاوي في مصراته والزنتاني في غريان والغرياني في الزنتان والزاوي في ورشفانه والعكس ..
ليبيا في حاجة ماسة أيها الليبيون الكرام الى تواضعكم والى كرمكم والى حبكم والى شهامتكم والى رحمتكم والى حرصكم والى وطنيتكم والى تقواكم والى انوفتكم والى تنازلكم وأخيرا الى لبيتكم فهي أمكم التي ولدتم من رحمها فارحموها رحمكم الله.
حفظ الله ليبيا ورعاها وآمنها وحباها خير.

 

كاتب ليبي

[email protected]