أن 70% من استثمارات الخطة العامة للدولة استثمارات من خارج الدولة، وهذا كان يحتاج إلي تغيير ثقافة المواطنين حتى يتقبلوا ذلك.. في الماضي كنا نتحدث عن أن الدولة هي المصدر الوحيد لفرص العمل، أما اليوم فإن الدولة لم تعد المصدر الوحيد لذلك. أن هناك مسئولية كبيرة تقع علي عاتق رجال الأعمال لتوضيح الصورة الصحيحة عن حقيقة دورهم للمجتمع من خلال التعاون مع وسائل الإعلام المختلفة. أن الفكر الذي يقوم عليه القانون الجديد سيركز علي ثلاثة عوامل أساسية. عامل الاستعمال الذي يحدده المخطط الاستراتيجي، وهو أهم عامل في هذا القانون لأنه يضمن لنا أنه لا عشوائية في المستقبل في عملية التنمية في مصر وعدم السماح بتغيير الاستعمال، مشيرا إلي أنه ليس هناك تنافس بين الاستخدامات المختلفة، فعندما أتحدث عن تنمية عمرانية فلن يكون ذلك علي حساب التنمية الزراعية أو الصناعية أو غيرها، فمواردنا من الأرض موارد كبيرة وليست لدينا مشكلة في نقص الموارد، ولكن المحدد الرئيسي في التنمية سيظل موجودا وهو وجود المياه وقرب مناطق التنمية من مصادرها. أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لا تحصل علي أي تمويل من الموازنة العامة للدولة منذ عام 2006 إلي الآن، لذا كان لابد أن تحصل علي ثمن عادل للأرض يمكنها من تزويد الأرض بالمرافق والخدمات والبنية الأساسية، هذا إلي جانب ما قامت به الهيئة من إسهامات في المشروع القومي للإسكان الذي بلغت تكلفته علي الدولة 20 مليار جنيه.. موازنة الدولة أتاحت فقط 6 مليارات جنيه والباقي دفعته الهيئة من ثمن الأراضي التي باعتها للمستثمرين والمطورين العقاريين، أيضا الدعم الذي حصلت عليه مشروعات المياه والصرف الصحي من الهيئة كل هذه المصروفات يتم توفيرها من التصرف في أراضي الدولة، فمنذ عام 2006 حتى اليوم التركيز الإعلامي بالكامل علي التصرف في أراضي الدولة للمستثمرين وسعر الأراضي لهم، مع العلم بأن 75% من إجمالي الأراضي التي تصرفت فيها الهيئة من أول يناير 2006 إلي اليوم هو بغرض اجتماعي وليس بسعر السوق ومدعم مثل المشروع القومي للإسكان والأراضي المخفضة للطبقة المتوسطة من خلال النقابات وغيرها، وأؤكد أن هذا سيستمر تحقيقا للتوافق الاجتماعي الذي نبحث عنه.

 إن معظم الآراء دارت حول أساليب تسعير الأرض، وأنا أدافع عن وجهة نظري بأن العدالة فيما يتعلق بتسعير الأراضي للمستثمرين لن تتحقق من خلال لجان، لأننا في اقتصاد يمر بمعدلات نمو سريعة، ويجب أن يكون التعامل مع المستثمرين عند التصرف في الأراضي فقط من خلال المناقصات والمزايدات، وهو النظام الوحيد الذي يحقق الشفافية ومن لديه نظام متكامل ممكن أن يحل محل هذا النظام فليتقدم به لنناقشه في المجالس التشريعية، فنحن ليس لدينا وجهة نظر جامدة، وفيما يتعلق بالتعامل مع المواطنين فلم يعرض علينا الي الآن نظام أفضل من نظام القرعة الحرة. أنه رغم ما قيل خلال الفترة الماضية عن خلافات حول التصرف في أراضي الدولة؛ فإنه مجرد خلاف في تفسير القوانين، وليست هناك مشكلة ما غير هذا، فنحن لدينا لائحة عقارية معتمدة من مجلس الوزراء المصري تحدد كيفية التعامل، وهناك قانون هيئة المجتمعات أتاح كل هذه الآليات المختلفة للتصرف، كل هذا لا بد أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع القانون الجديد

 ان كافة القوانين المنظمة لبيع أراضى وأملاك الدولة تحتاج الى اعادة نظر، حيث تتضمن تناقضات وثغرات تسهل الاستيلاء عليها ويستغلها الفاسدون للسطو عليها مستندين فى ذلك الى فساد تشريعى مقنن. وبخاصة فوانيين تحتاج الى مراجعة وعلى رأسها قانون بيع أراضى الدولة الصحراوية رقم "143" لسنة 1981 والذى يقرر بين نصوصه وأحكامه عددا من القواعد المتعلقة بكيفية بيع الأراضى الصحراوية ثم يضع - فى القانون ذاته - الاستثناء عليها بما يؤدى الى تطبيق القاعدة على المواطنين العاديين فى حين يتم تطبيق الاستثناء على المحظوظين من رجال الأعمال والمستثمرين.ونطالب  بإصدار قانون جديد ينظم بيع أراضى الدولة لعلاج أوجه القصور فى هذه القوانين، على أن يكون البيع - أو التأجير أو حتى الانتفاع أو استغلال الأراضى الصحراوية - يتم وفقا لقانون المناقصات والمزايدات.كما نطالب  بضرورة تكليف الهيئة العامة لمشروعات التعمير - فورا - بحصر كافة الأراضى التى خصصتها أو باعتها الى المستثمرين أو الجمعيات أو الأشخاص للوقوف على ماتم فيها من أعمال، على أن يتم سحب كافة الأراضى التى خالفت شروط التخصيص فورا.لان  وضع قاعدة عامة تقضى بأن يكون الأصل فى البيع أن يكون بالمزاد العلنى وبالسعر الذى تحدده اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها فى المادة رقم "15" من القانون وهى اللجنة العليا لتنمية الأراضي، فى الوقت نفسه الذى حدد فيه القانون الحد الأقصى لملكية الأراضي، الا انه عاد وأكد فى المادة رقم "14" منه على أنه يجوز بيع الأراضى أو تأجيرها بغير طريق المزاد العلنى للمشروعات التى تستهدف دعم الاقتصاد القومى بشرط الحصول على موافقة مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير الزراعة أو رئيس هيئة تنمية المشروعات الزراعية، على أن يحدد مجلس ادارة الهيئة الشروط والضوابط الخاصة ببيع تلك الأراضى وثمن بيعها. أن هذا السيناريو هو ما تم تطبيقه فى بيع 26 ألف فدان بمنطقة العياط للشركة الكويتية - بالأمر المباشر - نظير 200 جنيه للفدان الواحد، لان هذه الواقعة لم تكن الوحيدة وانما هناك الكثير من وقائع الفساد التى تم رصدها فى بيع أراضى وممتلكات الدولة.

ان المستجدات بشأن العدوان الصارخ علي المال العام وإهداره وما استتبع ذلك من فقدان العدالة وتفشي البطالة والفقر وتكوين طبقة ذات ثراء فاحش وتوزيع الدخل بشكل غير متوازن هذا فضلا عن تعثر المشروعات الاقتصادية والإخلال بخطة التنمية الاقتصادية والنظام الديمقراطي والإضرار بالمصلحة العامة لذلك فقد أصبح وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد تتضمن الأهداف والسياسات والقوانين أمرا محتوما لإسباغ مزيد من الحماية علي المال العام واسترداد العائدات من جرائم العدوان عليه وكذلك تضييق لمنافذ الفساد من خلال تعزيز الأنظمة والقوانين الضبطية والرقابية وتطويرها وتحديثها لتواكب التطورات المستجدة في هذا المجال وتحقيقا لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه دستوريا وتوفير المزيد من ضمانات النزاهة والشفافية وضمانا لوصول الخدمات إلي المواطنين بدون دفع رشوة وسعيا بنظام مكافحة الفساد والوقاية منه نحو الكمال.

يوجد كثير من القوانين التي تكافح الفساد في مصر لكن انتشاره بهذا الشكل علي الرغم من ترسانة القوانين التي تكافح الفساد في مصر التي أصبحت تضيق يوما بعد يوم علي تلبية حاجات نظام قانوني مستحدث يتضمن العدالة والفاعلية والسرعة في الكشف عن الفساد ومعاقبة مرتكبيه واستعادة العائدات من جرائمه التي سمحت بمرور تيار الفساد الحكومي والإداري واستشرائه.

أولا القانون مكون من 4 أبواب الأول يتضمن إدراج جميع الافعال المشكلة لجرائم الفساد المبعثرة في قوانين شتي مثل قانون العقوبات ما تضمنه من جرائم من 301- 111 الرشوة اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر به المنصوص عليها في المواد من 211 إلي 911 والجرائم الواردة تحت عنوان تجاوز الموظفين حدود وظائفهم وتقصيرهم في آداء الواجبات المتعلقة بها والاكراه سوء المعاملة من الموظفين لافراد الناس.

وهناك مواد من 021 إلي 231 والجرائم تحت عنوان فك الاختام وسرقة المستندات والأوراق الرسمية المودعة.. المواد من 541 إلي 741 اختلاس الالقاب والوظائف والمواد 55 إلي 951 جرائم المسكوكات والزيوف »المزورة« المواد من 302 إلي 502 »جرائم التزوير من 602 إلي 772 الاتجار في الاشياء الممنوعة من 822 إلي 922. والجرائم الخاصة في المناقصات والمزايدات والجرائم الواردة في قانون الكسب غير المشروع والجرائم الواردة في قانون مكافحة غسيل الأموال جميع الأفعال الواردة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها مصر والتي تتعلق بمكافحة الفساد وجرائم الاعتداء علي ملك الدولة وعلي ملك سائر أشخاص والجرائم المؤدية إلي إفساد العمليات الانتخابية والجرائم المؤدية إلي تعطيل مرافق الدولة العامة وجرائم إفساد الحياة السياسية وكل جريمة مستحدثة ينص عليها القانون بوصفها من جرائم الفساد.

 

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية