تمر الايام والسنون, وتزداد المحن وتتراكم الاضغان في القلوب, فترى القوم سكارى وما هم بسكارى, يندبون حظهم لما وصلت اليه الامور في بلداننا التي هبت عليها الرياح الاتية من الشمال المسماة زورا "الربيع العربي" لم تسقط الامطار ولم تتزين الارض بالخضر والأزهار المختلفة الالوان بل تساقطت حجارة السجيل التي كنا نسمع عنها وفتكها بكل ما تقع عليه, سالت اودية من الدماء البشرية بأيدي محلية وعجمية بأدوات مختلفة منها ما هو مصنّع اصلا للفتك بالأفراد ومنها الخاص بالدروع ,تمزقت الاجسام البشرية وتناثرت اشلاءا في كل مكان,يصعب جمعها والتعرف على هوية صاحبها ,ليس بالضرورة ان تدفن وفي كل موقع ملطم ,ارتوت الأرض بالدماء, انبتت اشواكا لن تدمي من يلمسها فالأحياء يعيشون بلا دم ولو كانوا غير ذلك لما ارتضوا ان يستمر هذا المسلسل الاجرامي المدبر. 

عند نهاية كل عام يتأمل البشر خيرا بقدوم العام الجديد, فيتسمر ملايين المشاهدين أمام الفضائيات ليعرفوا من المبصرين والمبصرات ما يكون عليه العام الجديد وما يحمله من أحداث,شارف العام 2014 على نهايته,مرّ كسابقيه لم تخفت حدة الصراع بل ازدادت بفعل ممونيها من العرب والعجم على السواء وبمساعدة أبناء البلد الذين وضعوا أيديهم في أيادي المتربصين بالأمة ليمعنوا في إذلالها ونهب خيراتها, فلم يسلم الموتى من أعمالهم الفظيعة, نبشوا القبور,عبثوا بمحتوياتها القوا بها في أماكن غير معروفة لئلا تكون للرب ندا وشريكا فتعبد من دونه, وتحل بالبلد الطامة الكبرى.

لقد كان العام 2014 عام صعود الحركات الإرهابية,وقيام الدولة الإسلامية التي يتوقع الكثير من صناع القرار بقاءها على المدى المتوسط,عام سقوط حكم الإخوان في مصر واعتبارهم تنظيما إرهابيا,عام شؤم ونحس على الإعلاميين, فرغم سقوط الديكتاتوريات إلا أن الساسة الجدد اثبتوا أنهم أكثر تمسكا بالكراسي من سابقيهم, فهؤلاء يعملون كل ما يمكّنهم من الاستمرار في السلطة,إنها ولا شك فرصة لن تعوض, فلا بأس من افتعال الأزمات,وكل يوم يقضونه في السلطة هو زيادة في الخير والبركة,الوعود الانتخابية صارت حبرا على ورق,لم ينفذ منها أي شيء,لقد ارتأى هؤلاء أن الأعمال المنوطة بهم جسام وان الوقت لم يعد يكفي لتحقيقها, لقد انتهت المدد المحددة,كيف لهم أن يتركوا أماكنهم ولمّا يملئون جيوبهم بعد؟ فلجئوا إلى التمديد لأنفسهم ومن لم يعجبه يشرب من ماء البحر,أو الترعة لا يهم,منع التظاهر والاعتصام بحجة أنهم مخربون,ولتقفل الخدمات العامة, وحجتهم في ذلك أن أسلافهم نهبوا وتمتعوا بالسلطة أكثر منهم,إنها الديمقراطية التي سقط من اجلها آلاف القتلى ونتج عنها آلاف المعوقين وهدم البيوت ومراكز الخدمات العامة.

لقد صارت دولنا اكبر مصدر للعمالة الفنية الماهرة "الإرهابيون" الى دول الجوار ليتقلص عدد العاطلين عن العمل وليعم الشر وأعمال العنف دول المنطقة انطلاقا من : البشر سواسية كأسنان المشط , حب لأخيك ما تحب لنفسك.

لا يزال عديد الناس مشردين بالداخل,يعيشون في مخيمات تفتقر الى ادنى الخدمات, لا تصلح لأن تكون حظائر حيوانات,اما حظائر الدواجن فمتوفر بها كافة السبل,ناهيك عن الذين احبروا على الرحيل وترك اوطانهم ليعيشوا الغربة قسرا بفعل بعض أبناء الوطن الميامين!,أ لا تعسا لأناس يرتضون حياة الذل والمهانة, لقد أصبحت بلداننا مجموعة من الفخاخ أن أخطأنا الوقوع بإحداها وقعنا في الأخريات,لن تقوم لنا قائمة ما دمنا نهادن من اخترناهم وآثرناهم على أنفسنا, ونصبناهم ليكونوا تيجان على رؤوسنا ونياشين على صدورنا,فإذا بهم مصاصي دماء ومبذري أموال وقطاع طرق,إنهم حرامية العصر.العام القادم2015 لن يكون بأفضل من الحالي إن لم نلقي بهؤلاء جانبا, يكفيهم ما سلبوا ونهبوا وليعودوا من حيث أتوا فغالبيتهم لديهم جنسيات أخرى.حتما سيبزغ فجر بعد الليل مهما طال ويظل الأمل بقلوب الرجال الذين يصنعون الحياة,وكل عام والجميع بألف خير.    

كاتب ليبي