بعد مقاطعة دامت لمدة 15 عام و بعد صراع مرير مع السلطة يعود الاستاذ السابق بجامعة الخرطوم و عميد كلية الحقوق و وزير العدل و الخارجية السودانية الاسبق و رئيس برلمانها المفكر الاسلامى حسن عبد الله الترابى الى دائرة المشهد السياسى السوادنى بعد الموافقة فى قبول الحوار الوطنى الذى دعا اليه الرئيس عمر البشير دون شروط مسبقة، لكى يضع بعد ذلك حسن الترابى على كل مشهد أو تصريح له علامة أستفهام مرفقة بعلامة تعجب .

فالشيخ العجوز حسن عبد الله الترابى لم يكل و لم يمل كما انه يرى فى نفسه أفضل من فى الساحة حتى رغم غيابه سواء بسبب خبرته السياسية الطويلة أو بسبب عدم ظهور وجوه جديدة على الساحة السياسية السودانية، أو بالاحرى الحاضرين الان لم يستطيعو تقديم أوراق أعتمادهم لدى الرأى العام، كما أن الترابى مازال قادر على العطاء رغم تقدم سنه و لكن ما أهم من كل ذلك لماذا فى ذلك الوقت تحديدا و قبل قدوم الانتخابات الرئاسية السودانية بالعام المقبل يظهر الترابى . 

فكثيرا ما أتهم حسن الترابى المعارضة السودانية بالضعف و الغباء السياسى خاصة بعد فشل المعارضة فى خيار أسقاط النظام السودانى و عدم أستغلال حالات أحداث الثورات الملونة التى ضربت المنطقة، بينما أتهمت المعارضة الامين العام لحزب المؤتمر حسن الترابى بأنه مستعد لبيع المبادئ و التخلى عن المعارضة للتقرب من السلطة، و هو الامر الذى صرح به علنا القيادى بحزب الاتحادى الديمقراطي على السيد عندما أتهم وقتها الترابى بأنه دخل فى صفقة سرية مع  عمر البشير و الحكومة لكي يعود الترابى لصدارة المشهد السياسى مرة أخرى مقابل أضعاف شوكة المعارضة بعد أن كان حسن الترابى أكثر المتمسكين بخيار أسقاط نظام البشير .

و حسن الترابى حاليا يستغل علاقاته الجديدة مع النظام السودانى لكى يكون نقطة تفاهم و حلقة وصل بين عمر البشير و رئيس حزب الامة القومى الصادق المهدي المتواجد حاليا خارج السودان، و يجرى العديد من الاتصالات المكثفة مع المهدي لكى يقنعه بالعودة مرة أخرى الى السودان و الانخراط فى العمل السياسى مجددا، و هو الامر الذى يؤكد رؤية الترابى نحو رأب الصدع السودانى .

و الان المهتمون بالشأن السياسى السودانى سواء من فى داخل السودان أو خارجه يطرحون تساؤلات حول حقيقة تواجد و عودة حسن الترابى بهذا الشكل، فهل عودة الترابى تهدف لصنع حالة  حقيقية من التوافق الوطنى بتلك المرحلة الحالية التى تمر بها السودان رغم عدم ثقة المعارضة السودانية به، و علم البشير بمناورات الترابى، أم يريد أرجاع عقارب الساعة لما قبل عام 1999م و عودة يد حسن الترابى فى صناعة و أخذ القرار أو على أقل تقدير صنع فرصة تواجد جديدة فى دوائر السياسة بالخرطوم حتى و لو بحجم ضئيل، أم يسير الترابى وفق أستراتيجية و خطة محددة لاعادة توحيد جبهة الاسلاميين بالسودان لاحياء حلمه القديم بتكوين الحزب الوحدوى الحر و العمل على أعادة شوكة حزبه، ففكرة توحيد الاسلاميين ما زالت تسيطر على عقل حسن الترابى، أم يريد الترابى صنع مصالحة وطنية كالتى نفذت فى عهد النميرى عام 1977م و كتبت نهاية سبعة سنوات سجن له عندما كان الامين العام  لجبهة الميثاق الاسلامى وقتها .

حقيقة الامر المشهد الحالى طرح تلك التسأولات و الايام القادمة ستطرح لنا الاجابة، و لن أسبق الاحداث و أتكهن بها، و لكن ما أفكر به الان هو هل ستكون تلك الاجابة التى ستظهر ملامحها الخافتة قريبا هى الحل الحقيقى للسودان أم حل للترابى وحده .

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]