لا ينتهي عهد في ليبيا الا ويولد ماهو أسوأ منه، كان العهد الملكي في ليبيا سيئا وانتهى ليولد ماهو أسوأ منه وهو عهد القذافي وانتهى عهد القذافي ليولد ماهو أسوأ منه وهو عهد فبراير.

وسأضع مقارنتي في هذا المقال لعهدين هما عهد القذافي وعهد فبراير لأنني عشت العهدين ولم أعش العهد الملكي رغم اني علمت من بعض الرواة أوضاعا عن هذا العهد وهى أوضاعا سيئة.

كان عهد القذافي سيئا ولكنه كان أفضل من عهد فبراير الآن الذي حشد في كل سنة متعاقبة من عمره السيئات. ولم يحشد الحسنات. ولقد قام عهد فبراير بثورة*  حسب المفهوم السائد على أفعال القذافي السيئة والآن أفعال الحكام الجدد أسوأ من أفعال القذافي، حيث كان القذافي يهدر الملايين من أموال الشعب الليبي بينما حكام  فبراير يهدرون المليارات، وفي حين كانت عائلة القذافي العائلة الوحيدة السارقة للملايين فان في عهد فبراير العديد من العائلات السارقة للمليارات، وفي عهد القذافي كان الفكر الأسود للقذافي فكرا أحاديا يجتمع عليه الليبيون برضاهم او رغما عنهم  وفي عهد فبراير أصبحت  الأفكار السوداء متعددة  منها الدينية، سلفية دعوية، سلفية جهادية، جماعة القاعدة، جماعات متعددة تكفيرية. ومنها السياسية، دولة فيدرالية، دولة دينية إسلامية ، دولة ملكية، دولة تنائية أمازيغية وعربية. وهذه أفكار قطعت ونفرت الليبيين من بعضهم البعض.

وفي حين كان العالم في عهد القذافي يسخر من شخص القذافي فان العالم في عهد فبراير اصبح يسخر من الليبيين بسبب حكامهم،(ويبقى الشعب الليبي ارفع شانا من ان يسخر منه. والسخرية على حكامه).

في عهد القذافي كان الحرص على المال العام أفضل من عهد فبراير، فأورث عهد القذافي الى عهد فبراير أمولا ضخمة فخمة تشري مايعادل عشر أراضي الكرة الأرضية ولكن في عهد فبراير استنزفت وخصصت وبعضها أغفلت او أهملت وسرقت وأهدرت ولن يورث حكام فبراير مابعدهم من حكام الا الديون والخبل  والجنون.

مالم يحدث من شرور في عهد القذافي حدث في عهد فبراير  بتفشي وسيادة وتعميم القتل والسجن والخطف* والاغتصاب  والتعذيب والتهجير والسطو وغزو الاراضي العامة وقطع الأشجار وانتشار المخدرات والفاحشة والبغاء واستشراء الأوبئة (الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، ب، ج). نعم كان عهد القذافي افضل من عهد فبراير  وليس حبا او عشقا لعهد القذافي ولكن لابد من طرح الحقائق حتى وان كانت ضد عاطفتنا، حتى نعلم علم اليقين الى اين وصلت ليبيا، لابد من طرح الحقائق.. حتى لا تتوه بنا الطرائق.. وحتى نعلم المكان الذي فيه وضعنا.. والهاوية التي فيها وقعنا.. ولا تعرف الشدائد الا بأهونها، لاتعرف شدة النيران الا بلسع النيران ولاتعرف صعقة الكهرباء الشديدة الا بصعقة الكهرباء الخفيفة. لقد توجب علي وضع هذه المقارنة مابين عهد القذافي وعهد فبراير وذكر ماهو حقاً  في ذلك حتى نستيقظ من الوهم، اي وهم عهد فبراير الذي يسير ليبيا بدهاء نحو الجحيم الكبير.

هذا حال ليبيا، ثلاثة عهود تنتقل فيهم ليبيا في كل عهد الى الأسوأ، من سوء العهد  الملكي الى الأسوأ منه وهو عهد القذافي ثم الى الأسوأ منه وهو عهد فبراير، لقد كان  عهد القذافي أفضل من عهد فبراير وكان قبله العهد الملكي أفضل من عهد القذافي وتبقى جميعها عهود سيئة على الشعب الليبي وعلى ليبيا، الآن.. امام الليبيين ثلاثة عهود سيئة، كل عهد أنجب العهد الذي بعده  وعلى الشعب الليبي ان يقطع  اي انتماء بهذه العهود وان يصل انتمائه بليبيا، ليبيا الوطن وان يؤسس عليها عهدا جديدا لا يرتبط باي عهد من هذه العهود المظلمة، النصرة لله اولا ثم للوطن لا انصار ملكية ولا انصار قذافي  ولا انصار فبراير، كونوا أنصارا لله ثم للوطن، لليبيا ولتكن لنا عقيدة وطنية واحدة أساسها من أراد ان يعود الى الماضي فليعد لوحده، سواء ماضي العهد الملكي او ماضي عهد القذافي ومن أراد ان يبقى في الحاضر وهو حاضر عهد فبراير  ليبق حيث هو، علينا ان نسعى لدولة المستقبل سعيا وطنيا من أبناء الشعب الليبي كافة دون استثناء،،لا للماضي.. لا للحاضر.. نعم للمستقبل.

* - ثورة فبراير مابعد تاريخ  19-3-2011م أصبحت انقلابا ولم تعد ثورة، وهو التاريخ الذي سرقت فيه الجماعات الدينية  والجماعات السياسية  ثورة فبراير، لتفاصيل اكثر أرجو مطالعة مقال (ثورة فبرايرانقلاب على انقلاب،الحقيقة المخفية).
*- السجن والخطف : منذ شهور مضت،استضافت احدى الإذاعات المحلية بالمنطقة الغربية  مسؤولا لإدارة عامة من الإدارات وكان له لقاء مباشر يتحدث فيه عن مقر إدارته المستولي عليه من احد العصابات المرسمة من الحكومة،وبعد حين من حديثه يتصل رئيس العصابة او قائد السرية بالإذاعة ليتكلم في هذا اللقاء مباشرة وعلى أسماع الملأ  وبصفاقة وجه ليقول للضيف  (والله، هذا لما نشفطه  ونحطه في الشيلة) اي سوف اقبض عليه واضعه في السجن، للضيف، السجن والخطف صار يسيرا سهلا وينطق بهما جهارا نهارا، ولاحول ولا قوة الا بالله.