مع مطلع السنة الرابعة ثورة، ومع قرب اكتمال المسار الانتقالي الذي طال كثيرا، تبدو تونس في صورة أكثر قتامة، رغم محاولات التجميل ووضع مساحيق الديمقراطية وحرية التعبير وما الى ذلك من شعارات الاستهلاك الاعلامي.
فرغم أن يوم الثلاثاء كان يوم احتفال، ورغم أن الأحزاب والقوى السياسية اختار كل منها أن يحيي الذكرى بطريقته الخاصة، إلاّ أن عديد النقاط الغامضة، وعديد العلامات التي تثير مزيدا من الريبة والتوجّس، لا زالت قيد التطوّر يوما بعد آخر.
هذا الغموض الذي بات يلفّ الوضع العام في البلاد، وهذا التطاحن السياسي الذي صبغ بطبيعته المتذبذبة المسار العام للثورة، كان من المفترض أن يكون قدوة للشعوب، بات ينحصر في نقاط، سنحاول أن نطرح حولها كمّا من الأسئلة، علنا نظفر بإجابة ولو غير كافية عمّا يعتمل داخل الكواليس وعمّا يُرسم وراء الأبواب المغلقة من مستقبل لهذه الثورة وهذا الوطن.
ـ فبعد ثلاث سنوات على الثورة، تحوّل الشعبي إلى حراك ليلي، وتحوّل الثوار إلى ملثّمين ينهبون البنوك والمغازات ويحرقون مراكز الأمن والقباضات المالية.
ـ وبعد ثلاث سنوات لا زالت الأحزاب السياسية غير قادرة على بلورة موقف واضح من أي مسألة من المسائل العالقة، ولا زالت كل القوى تدور في فلك تقاسم السلطة، والتخوين، والإتهامات.
ـ بعد ثلاث سنوات لازلنا نحتفل ببريق الثورة رغم أكداس المزابل التي عبّأت الطرقات والأنهج، وسدّت عنا حتى قليلا من هواء نظيف.
ـ بعد ثلاث سنوات لازال البحث جار عمن قتل الشهداء ومن أصاب الجرحى، ولازال القضاء يبحث عن إستقلالية ضائعة، ولازال الأمن يخوض في السياسة حد أذنيه، ويعزل ويرشح ويزكي ويطالب...
ـ بعد ثلاث سنوات لازلنا نطالب بالتنمية والتشغيل بعد منتصف الليل، ولازال منا من يجرؤ كل ليلة ويخرج للغزو والنهب والسلب والحرق، بإسم الثورة وباسم الحق في الإحتجاج «السلمي» والحق في التنمية، ليلية كانت أم نهارية.
ـ بعد ثلاث سنوات لازال الكثير ممن يحكمون وممن يعارضون يبحثون في الهوية والثقافة وأسس تعليم الناشئة وكأننا قمنا بثورة في مقبرة أو في الخلاء.
ثلاث سنوات لن نقول عنها عجافا، لكننا لم نر منها ضرعا ولا زرعا، ولم نذق منها، عدا حرية التعبير، إلا إرتفاعا في الأسعار وضائقة في الحياة وشظف في العيش.
ثلاث سنوات وبعدها، لا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.