عندما يتم الاعلان عن مشروع خصخصة بنك او مؤسسة كبرى من مؤسسات الدولة، تجد الدعايات التي تزين فكرة الخصخصة و تدعمها، لدرجة أن المواطن سرعان ما يخطر بباله أن اقتصاد الدولة سيتحسن و وضعه المالي سيتحسن بالتالي، و سرعان ما يثبت الزمن عكس ذلك و هذا ما نجده في دول عربية كانت سبّاقة في مشاريع الخصخصة، حيث أنه تم بيع معظم مقدرات الدولة و أصبح يملكها فئة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال و حدث تضخم كبير بالأسعار و غرقت حكومات تلك الدول في القروض الأجنبية، و زادت الفجوة بين الطبقة الغنية و الطبقة الفقيرة، و قد تجد عائلات صهيونية معروفة و على رأسها عائلة روتشيلد تقف خلف هذه المشاريع و خصوصاً خصخصة البنوك، و عائلة روتشيلد تسيطر على مجموعة روتشيلد في سويسرا و تسيطر على العديد من البنوك في أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و تملك هذه المجموعة أيضاً شركات استشارات مالية عديدة، حتى أن عائلة روتشيلد تسيطر على البنك الفيدرالي الأمريكي و بنك التسويات الدولية (BIS) و الذي بدوره يسيطر على البنوك المركزية في معظم دول العالم، و من وجهة نظر المعارضين لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تسعى للسيطرة على البنوك المركزية من خلال السيطرة على سياستها المالية و إغراق الدول بالقروض الأجنبية مثل قروض صندوق النقد الدولي و البنك الدولي، و ذلك لتحقيق مشروع النظام العالمي الجديد و الذي يخدم الصهيونية العالمية.

خصخصة مصرف الوحدة الليبي و تحويل سياسة بنك ليبيا المركزي
تم طرح عطاء خصخصة مصرف الوحدة الليبي في أواخر عام 2007، و تم انتداب شركة روتشيلد للقيام بدور المستشار المالي للمصرف خلال فترة إنجاز عملية البيع، و قامت شركة روتشيلد بدورها بإستدراج عروض شريك إستراتيجي، و في نهاية المطاف حصل البنك العربي في الأردن على حصة الشريك الإستراتيجي و البالغة 19% من رأسمال مصرف الوحدة في بداية عام 2008، و قام البنك العربي بإنتخاب أحد كبار الموظفين العاملين به بمنصب رئيس مجلس إدارة مصرف الوحدة الليبي و الذي قام بعدها بتقديم إستقالته من البنك العربي ، و قام بتأسيس شركة إستشارات مالية جنسيتها سويسرية لتخدم مشاريع الخصخصة في ليبيا و التي بدورها تخدم مصالح أجنبية، و بعد ثورة 17 فبراير 2011 قام المجلس الوطني الانتقالي الموالي للولايات المتحدة الأمريكية بمخاطبة شركة الإستشارات المالية المذكورة سابقاً و قامت تلك الشركة بتقديم إستشارات لتحويل سياسة بنك ليبيا المركزي من بنك مملوك للدولة و ذو سيادة تامة على سياسته المالية إلى بنك موالي للغرب، و سياسته المالية أصبحت مرسومة من قبل جهات غربية مثل بنك التسويات الدولية (BIS) و صندوق النقد الدولي، و يدعي المجلس الوطني الإنتقالي بأنه قام بقيادة بنك ليبيا المركزي نحو الديمقراطية.

و الجدير بالذكر أن من الأسباب الغير معلنة رسمياً للحرب على ليبيا هو رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على النفط في ليبيا كما هو الحال في العراق و ذلك بعد إعلان الرئيس القذافي عن رغبته في إنشاء عملة جديدة إسمها الدينار الذهبي لينافس بها الدولار و اليورو، و ليتم بيع النفط للولايات المتحدة الأمريكية و باقي الدول بالدينار الذهبي، و هو بذلك يهدد قيمة الدولار و الاقتصاد الأمريكي، و هذا القرار مشابه لقرار صدام حسين ببيع النفط باليورو بدلاً من الدولار، و حسب تقارير لصندوق النقد الدولي فإن بنك ليبيا المركزي كان مملوكاً للحكومة الليبية 100% كما هو الحال في بنك العراق المركزي قبل الحرب، و كان البنك المركزي الليبي يملك 144 طن من الذهب، و كانت ليبيا مستقلة عن صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و أي سياسة مالية خارجية، و بغض النظر عن نظام حكم القذافي فإن سياسة ليبيا المالية كانت ناجحة، و بعد التدخل الغربي في ليبيا و نجاح الثورة تم تأسيس حكومة إنتقالية ديمقراطية في بنغازي موالية للولايات المتحدة الأمريكية، و تم تأسيس بنك مركزي يتم إدارته من قبل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و جهات تنظيمية غربية أخرى كما ذكرنا سابقا و بدأت ليبيا تغرق في الديون الأجنبية، بالإضافة إلى سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على النفط الليبي.

هذه هي الديقراطية الأمريكية!

كاتب اردني