فى توقيت واحد يوم الجمعة الموافق 26 يونيو نفذ تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بأسم  تنظيم داعش ثلاث عمليات ارهابية فى ثلاث دول مختلفة بثلاث قارات مختلفة، العملية الاولى  جائت بدولة الكويت عبر تفجير مسجد الامام الصادق بالكويت و مقتل 28 على الاقل، و العملية الثانية جائت عبر هجوم مسلحين على فندق امبيريال بالاس بمدينة سوسة التونسية و مقتل 39على الاقل أغلبهم من السياح الاوربيين، و العملية الثالثة جائت عبر تفجير شركة امريكية للغاز بجنوب شرق فرنسا بسيارة ملغومة و العثور على راية داعش و رأس أنسان مفصولة مكان الحادث .

نعم ثلاث مشاهد مأسوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى و كانت الدماء هى الغالبة فى صور تلك الحوادث التى راح ضحيتها العديد من الابرياء، و لكن ما رسالة تنظيم داعش من تلك العمليات و الذى بنفس الوقت هجمات شديدة الشراسة ضد كوباني عين العرب أي ضد الدولة الكردية الوليدة .

أولا حادثة الكويت و تفجير مسجد الامام الصادق و التى راح ضحيتها 28 قتيل من الشيعة جائت لتدق مسمار الانشقاق الداخلى بالكويت بعد سلسلة طويلة من بث القنوات المحرضة و شيوخ الفتن السموم ضد الشيعة بل و الدعوة الى قتلهم، و هنا يجب أن نتذكر واقعة تفجيرات مساجد الشيعة بشرق السعودية الشهر الماضى فهى مشاهد مرتبطة ببعض و التى سيكون الرابح الاول فيها المصمم لذلك المخطط الشيطاني و الذى يريد أخضاع كافة مؤسسات و اجهزة الخليج تحت سيطرته، و المستفيد و الرابح الثانى و هي من سيرتمى فى أحضانها شيعة الخليج الا و هي أيران بعد فشل الانظمة العربية فى أحتواء شيعة شعبهم .

ثانيا حادثة فندق فندق امبيريال بالاس بمدينة سوسة التونسية و التى جائت لتقتل أحد أهم موارد الدولة التونسية الا و هى السياحة، و هنا يجب أن نضع علامة استفهام على حالة تذمر أسلاميون تونس من الفترة الحالية للسبسي رغم أتاحة الفرصة لهم الكاملة فى ممارسة العمل السياسي و الاجتماعى بحرية على عكس ما كان فى فترة زين العابدين بن علي، فلماذا أذا حالة الضجر و التذمر لدى أسلاميون تونس و فرحتهم العارمة حتى و لو أخفوها بعض الشئ أثناء حادثة سوسة، فهل اسلاميون تونس على أمل لعودتهم لحكم تونس مجددا و أن هناك من وعدهم بعودتهم للحكم كما أتى بهم من قبل فى تونس و فى مصر و فى دول الربيع العبري .

أن تلك الجريمة التى حدثت و ستكلف تونس الكثير و الكثير يتحملها فى المقام الاول و قبل عصابة راشد الغنوشى ( الغنوشي الذى بالامس كان يقود تفجيرات المنستير و اليوم أبناء الشياطين الاصاغر يكملون المسيرة فى سوسة و الشعانبى و الكاف و غيرها ) الى وزير الخارجية التونسي الطيب بكوش، نعم الطيب بكوش الذى كان منذ يومه الاول يسير بالتضاد مع مصلحة الامن القومى التونسي و العربى بعد أن رفض فكرة أقامة جيش عربى موحد و انتقاده بحدة مقترح مصر فى أنشاء الجيش العربى أثناء مؤتمره مع نظيره الجزائرى رمطان لعمامرة،  و بعد أن تولى تنفيذ مخطط قطر الجديد تجاه تونس و القديم تجاه ليبيا بعد زيارة وزير الخارجية القطري لتونس و تلميع مليشيات فجر ليبيا ( أخوان ليبيا ) على حساب الشعب و الجيش الليبي نفسه لكي يجنى بعدها الثمار بعد أختطاف الدبلوماسيين التوانسة على يد فجر ليبيا ثم ما يحدث فى تونس الخضراء اليوم على يد عصابات الشيطان، و بعد أن باتت الدوحة هى الموجه العام للسياسة الخارجية التونسية و أنقرة هى المورد و المدبر الاول للجيش التونسى .

ثالثا تفجير شركة امريكية للغاز بجنوب شرق فرنسا بسيارة ملغومة، و هى الحادثة التى أتت بعد أسابيع ليست بالكثيرة من واقعة شارل ابيدو، و لكن شتان الفرق بين ذاك و ذلك، نعم الاثنين لنفس المخرج و لكن الهدف من كل عملية كان مختلفا تماما، فالواقعة الاخيرة بجنوب شرق فرنسا جائت بعد التقارب الفرنسي الشديد نحو الدول العربية فى مختلف المجالات و الملفات و القضايا الخاصة بالشرق الاوسط على حساب دور الولايات المتحدة فى المنطقة، و دعونا نستجمع مشاهد تحركات لوران فابيوس الاخيرة تجاه الملف الفلسطيني حتى أرسلت تل أبيب رسالة مباشرة لواشنطن ( التى تسير بالتوازى مع طهران نحو 30 يونيو ) تقول فيها بأن باريس أقرب لنا منكم، و بعد تعاظم التعاون العسكري بين باريس والقاهرة ثم باريس و الرياض و على الدرب سارت باقى عواصم الخليج و كل ذلك كان على حساب نفوذ الولايات المتحدة الامريكية . و لكن السؤال الخاص بفرنسا هنا هو أراد الشيطان الاعظم بتنفيذ حادثة شارل ابيدو توجيه بوصلة الاحداث من الشام نحو المغرب العربى بعد أن مهدت واشنطن كل الامور بالسواحل الاسبانية المطلة على المغرب العربى و بدول الساحل الافريقي جنوب المغرب العربي، فالى أى اتجاه تريد واشنطن ان توجه البوصلة الفرنسية بعد حادثة شركة الغاز الاخيرة هل الى مستنقع داعش بسوريا و العراق أم محاولة استفزاز الشعب الفرنسى و استنفاره ضد قيادته بالكف عن التعاون مع الدول العربية، أم أن واشنطن تدفع باريس الى طريق جديد ترسمه الان و ربما واشنطن نفسها لا تعلم نهاية ذلك الطريق حاليا .

اما ما حدث بكوباني بنفس اليوم و ما حدث قبله و ما سيحدث بعده، يؤكد أهمية داعش كسلاح أستراتيجي هام لدى الدولة التركية ضد طموح الدولة الكردية الوليدة، كما أن مصالح النفط بين كلا من داعش و ميناء جيهان التركي باتت تضخم .

فبتلك العمليات الارهابية الثلاث بكلا من الكويت و تونس و فرنسا أردا تنظيم داعش أن يوجه رسالة للجميع بانه ليس كأي تنظيم أرهابي فأنه جهاز أستخبارات عالمي عابر للحدود و للقارات، نعم أنها مشاهد تحمل للجميع رسائل كثيرة و لا يجب ان تمر مرور الكرام .

 

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]