ولد عام 1957م بمدينة وجدة المغربية في عائلة تتكون من تسعة أفراد و بعد أن أتم عامه الاول توفى والده الذى كان يعمل وكيلا بسوق الجملة ليتولى رعايته شقيقه الاكبر منه بعشرون عاما بجانب و الدته، و بعد أن صار الشقيق الاكبر وزير الشباب و الرياضة و السياحة فى أول حكومة للرئيس أحمد بن بلة (1962-1965م ) أنتقلت العائلة الى جزائر العاصمة لكي يتتلمذ الشقيق الاصغر على يد صديق العائلة الاول هواري بومدين و يتلقى تعليمه الاول بمدرسة سان جوزيف ثم تلقى التعليم الثانوي بثانوية اليسوعيين، و بعد حصوله على البكالوريوس وعلى الإجازة بالجامعة العلمية بباب الزوار توجه عام 1983م الى الدائرة السادسة بباريس للحصول على الدكتوراة من جامعة بيير و ماري كوري . و بعد غياب الشقيق الاكبر و عائلته عن أرض الوطن بسبب المؤامرات التى أحيكت ضده و بعد جوالاته بالعديد من العواصم الاوربية و العربية للبحث عن فرصه جديدة لنفسه كمستشار سياسي بعد أن سدت كل الابواب داخل الجزائر أمامه استعاد الشقيق الاكبر نفوذه مجددا بوطنه بعد الانخراط في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الافلان، و في أعقاب ذلك استعادت عائلته فيلا سيدي فرج التي صادرها صهر وزير الدفاع الجزائري الشاذلي بن جديد، و بكل تلك المراحل كان الشقيقين على أتصال دائم رغم الظروف التى أجبرتهم كثيرا على الفراق الى أن جمعهم بشكل دائم منزلهم بحي بيار بجزائر العاصمة . و في سبتمبر 1998م أعلن الرئيس الجزائرى اليامين زروال استقالته و إجراء انتخابات مبكرة لكي يخوض بعدها الشقيق الاكبر و عائلته تجربة جديدة و يدخل للتاريخ من باب قصر المرادية أي قصر الرئاسة عام 1999م، و بعد أن شهدت فيلا حيدرة بجزائر العاصمة اولى مجهودات الشقيق الاصغر بالحملة الانتخابية لشقيقه الاكبر عين بعد ذلك كمستشار خاصا للرئيس بقرار لم ينشر وقتها، و أسندت اليه ادارة النظم المعلوماتية لمكتب الرئاسة، و جاء عام 2005م كاول عام لوعكات الرئيس الجزائري الصحية لكي يسافر على أثرها الى باريس لتلاقى العلاج بمستشفى فال دوجراس العسكري يوم 26 نوفمبر 2005م و هنا ظهر مستشار الرئيس و شقيقه الاصغر ليعطى الاوامر و يكون له الكلمة العليا فى تعيين الولاة و الوزراء و الدبلوماسيين و السفراء، و مع كثرة الوعكات الصحية من 2011م و حتى 2014م كان دور مستشار الرئيس يتجلى بوضوح فى كافة أرجاء و أروقة قصر المرادية، حتى ردد البعض بأنه الحاكم الفعلي للبلاد، أنه رجل الظل داخل قصر المرادية و صاحب النفوذ الاقوى بالجزائر سعيد بوتفليقة الشقيق الاصغر للرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة و مستشاره الخاص .

قد يكون سعيد بوتفليقة بعيدا تماما عن الاضواء و لا يتحدث للاعلاميين و الصحفيين و لا يعرف عنه الرأى العام الكثير، و لكن يعرف سعيد جيدا ما يدور بقلب الشارع الجزائري و يعرف أكثر عن الطبقة الحاكمة لدوائر الاقتصاد و السياسة و الجيش بالدولة، كما أن لديه كافة مفاتيح الاحزاب السياسية و له أُذْن بجميع غرف القرار بها، و نفس الامر كان بالاجهزة الرقابية و الادارية و أيضا الامنية قبل أن يصطدم بمدير المخابرات الداخلية بشير طرطاق، و قبل أن تتغير التوجهات و البوصلة لدى البعض فيما بعد، و قبل أن يفتح وقتها النقيب السابق في دائرة الاستعلامات والأمن في  الجيش الجزائري الكاتب و الصحفى هشام عبود النيران ( ملفات الفساد ) على سعيد بوتفليقة، و هو الامر الذى أشعل الرأى العام ضد سعيد بوتفليقة .

و بعد عواصف الربيع العبري بالمنطقة و حالة الحراك الشعبي التى دبت فى شوارع العواصم العربية نزل سعيد من على خشبة مسرح حزب التجمع من أجل الوئام الوطني تاركا رئاسته لـ سيد أحمد عياشي، و هذا قبل أن يضع رئيس الحزب عبد الوهاب جبايلي ملف اعتماد الحزب على مستوى مصالح وزارة الداخلية للمرة ثالثة بعد عام 1999م ثم عام 2006م، و يأمل عبد الوهاب جبايلي أن يحظى الحزب بتلك المرة اهتمام المسؤولين المركزيين على مستوى الداخلية .

و مع مطلع عام 2008م بدئت واشنطن تلتفت لرجل الظل بالجزائر فتقدمت وزارة الخارجية الأميريكية عامي 2008م و 2009م بطلب من دبلوماسييها بكلا من فرنسا و الجزائر و تونس و المغرب بالتحقيق و جمع المعلومات حول شقيق الرئيس الجزائري و معرفة مدى نفوذه فى دوائر السياسة و الاقتصاد الجزائرى و علاقاته برجال الجيش و الاستخبارات .

و بتلك الفترة نشر موقع ويكيليكس وثائق تفيد  بدور سعيد بوتفليقة فى إقالة علي بن فليس في مايو 2003م من منصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني و هو المشهد الذى كان يدور فى مخيلة بن بيتور دائما وقت ما كان رئيسا للحكومة .

و بين الحين و الاخر ينشغل الرأى العام و الشارع السياسي الجزائرى مع كل وعكة صحية تصيب الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقه شفاه الله و عفاه فى من يخلفه، و لكن حقيقة الامر كنت دائما أفكر فى من سيخلف مكان رجل الظل، و ما دور رئيس المخابرات الجنرال محمد مدين فى المستقبل خاصة بعد أن اعطى رئيس الاركان الفريق قايد صالح بتصريحاته الاخيرة الدعم و الضوء الاخضر للحزب الحاكم، و بعد أن بات الافلان و الارندي وجهي لعملة واحدة .

فادى عيد

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة