1-

صُوَرُ المترشحين لرئاسة الجمهورية التونسية، وعددهم 27 ، تدعو إلى التأمّل في هذه الشخوص والمناظر، وأساليب ظهورهم أمام جمهور لا يعرف أغلبهم، بل إن بعضهم يظهر على التلفزيون لأول مرة في حياته، وواحد منهم يظهر يومياً في قناته الخاصة، وواحد منهم يشتغل رئيساً مؤقٌتا لتونس ولكنه لا يظهر يومياً في التلفزيون، فلجأ إلى تأليف عصابات فيس بوك، وبعضهم كان مغموراً، بل إن الشعب لا يعرفه ولا يميزه عن باقي رجال الشارع، و رغم أن المشاركة النسوية رمزية، فامرأة واحدة أنّثَتْ مشهد الصور، وهكذا فإنّ عدد الرجال: 26 وعدد النساء: 1 من أصل 27 .

2- 

عند النظر إلى الصور وإلى الظواهر دون البواطن، نرى أنّ عدد أصحاب الشوارب: 10. وعدد الذين كانت لهم شوارب وحلقوها بمناسبة انتخابات الرئاسة:1، وعدد حاملي اللحية المخفّفة : 2. وعدد الشوارب السوداء:1. وعدد الشوارب المسوّدة: 1 وعدد الصُلْع : (مع احتساب الصّلَعِ الخفيف): 10 وعدد حالقي الرأس: 2 . وعدد حاملي النظارات الطبية: 13 وعدد حاملي النظارات الشمسية:1 ، و عدد الظاهرة أسنانهم إذا ضحكوا: 2 وعدد الذين يبتسمون بشفاه مغلقة مطبقة : 10 وعدد الذين لا تُعرف طبيعة ابتسامتها مثل الجوكندا: 2 من أصل 27 . 

3- 

إذا حاولنا الكلام على العيون، فعدد حاملي النظارات الطبية: 13 وعدد حاملي النظارات الشمسية :1 وعدد الذين يُلاحظ في عينيهم جوعٌ واضح للسلطة: 5 وعدد الذين ينظرون بشيء من الذكاء: 4 وعدد الذين ينظرون بدهاء: 3 وعدد الذين في نظرتهم بلاهة: 7 وعدد الذين في عيونهم شيء من الطيبة: 2 وعدد الذين يرغبون في احتلال صورة الرئيس زين العابدين بن علي الذي خلف الرئيس بورقيبة: 8 وعدد الذين يدّعون الوفاء للزعيم الحبيب بورقيبة: 3، وعدد الذين يريدون إهداء نجاحهم إلى راشد الغنوشي: 3 وعدد الذين يكرهون بعضهم بعضاً في مواجهة تلفزيونية: 27، وعدد الذين يقبّلون بعضهم بعضاً بشفاه لها أنياب، والذين إذا هنأوا بعضهم بالحناجر ففي جيوبهم خناجر 25 من أصل 27 . 

4- 

أمّا عدد الذين يملكون قنوات فضائية أو ترددات على القمر الصناعي فهو: 3 وعدد الذين غازلوا المواطنين بالمراسلة من لندن عبر الفضائية الخاصة هو:1 فقط، اسمه محمد الهاشمي الحامدي، وهو جاهز للقول والتدليل أنه من السلالة النبوية، وبرنامجه الرئاسي لا يدلّ على أنه قرأ الدستور ليعرف حدود رئيس الدولة، فهو ينوي تغيير العاصمة الإدارية تونس العاصمة إلى مدينة القيروان، بدعوى مشاكل الاكتظاظ والزحمة في تونس العاصمة، ويريد تطبيق الشريعة!

5- 

ويبقى محمد المنصف المرزوقي لحناً فريد النشاز، فهو رئيس مؤقت يريد أن يتخلص من نعت المؤقّت، وصار يمارس دوراً مزدوجاً في حملته الانتخابية التي دلّت على ضمور شعبيته، فصار يهذي بالوعود التي تدغدغ أطماع الفلاحين فهو سيوزع أراضي الدولة على الفقراء، وفي العاصمة نظم في قاعة سينمائية لقاء مع جماهيره الذين كانوا يدخلون ببطاقة هوياتهم المسجلة سلفاً، وهذا يعكس عقلية بوليسية مستوحاة من أسلوب بن علي. 

لقد أراد هذا الرئيس أن يقدم نفسه على أساس أنه دكتور، ومثقف، وحقوقي، والدليل أنه يكتب في موقع الجزيرة نت، وله صديق دكتور هو فيصل القاسم، وهو داعية للحوار مع السلفية الجهادية الذين استقبل رموزها في القصر الرئاسي، وسيعوّل في حملته الانتخابية على بيع كتابه الانتخابي ظانّاً أن الشعب ينتخب الرئيس على ضوء البرنامج لا الأشخاص. وهل نظارات المرزوقي تسمح له بالتفريق بين ماله الخاص ومال مؤسسة الرئاسة، وهو يخوض حرب الرئاسة؟ هذا سؤال مؤجل يجيب عنه القانون بعد إخراج المرزوقي من القصر؟ 

6-

ولكن خيبة المرزوقي المشهور شعبياً بلقب "طرطور" تمثّلتْ في أن حركة النهضة (الإخوان المسلمون) ليس لها مرشح في الرئاسة، ولم تساند حليف الأمس المرزوقي، ولا أي حليف آخر، تاركة لقواعدها حرية الاختيار، علماً أنه الضامن الأكبر للتغطية على جرائم الإخوان أثناء الحكم، وهذا يجعل المرزوقي في وضع يذكّر بحكاية حدثت بين الرئيس الحبيب بورقيبة ووزيره الأول محمد مزالي وكان الرئيس بورقيبة قد جاوز عامه الثمانين ويستند إلى عكاز أثناء المشي، وكان وزيره محمد مزالي يُسندُه على اليمين ويرعى خطوته، ولأن الرئيس بورقيبة مولع بمناكدة خصومه وأعوانه كلما اشتاق إلى النكتة، فقد رأى أن يتوقف أثناء المشي ويسأل وزيره: "هل أسْقُطُ إذا لم تُسندني؟" فتردد الوزير، وألحّ الرئيس: "هل أقع على الأرض إِنْ تركتني بلا إسناد أو عكاز؟" فقال: "ربما، آه ربما سيدي الريس تسقط"، "فما كان من بورقيبة إلا أن ردّ ساخراً بسؤال آخر: "وهل تعرف ماذا يحدث لك إن تركتك بلا إسناد؟" ولم يترك الرئيسُ لوزيره فرصة للدهشة فأجاب الرئيس عن سؤاله نفسه: "لو تركتك يا وزيري بلا سند، فإنّك لن تسقط، ولكن لن يبقى منك غير الحطام".

7- 

أمّا عدد الذين ينتظرهم الفشل قبل النتائج فهو : 26 وعدد الذين على سيمائهم رغبة الانتقام من الشعب لمدة خمس سنوات: 4، وعدد الذين لا همّ لهم سوى التمتع بأجرة الرئيس زين العابدين بن علي: 21 وعدد الذين أعلنوا أنهم لن يأخذوا مرتباً ِشهرياً مقابل عملهم في الرئاسة: 2، وعدد الذين لا يرتدون ربطة عنق إلاّ إذا ارتداها راشد الغنوشي:1 وعدد الذين لا يتوقعون فوزهم أبداً: 20 وعدد الذين يتوقعون أن فوزهم سيكون مفاجأة صاعقة ولزوجاتهم :16 وعدد الذين فكروا في الخطاب التبريري الذي سيقولونه بعد الهزيمة وسيتهمون الشعب بأنه لا يعرف مصلحته، وبأنه فوّت على نفسه فرصة تاريخية 20, وعدد الذين سيهربون إذا قيل لهم: تفضّلْ إلى قصر قرطاج، هربوا وكأنهم سمعوا كلمة: ارحل: 18، وعدد الذين لا يثقون في الشعب عند التصويت: 27، وعدد الذين لهم برنامج ثقافي من أصل 27, فهو صفر، فكلهم أعداد و للثقافة أعداء .

نقلا عن 24