مرت منذ أيام الذكرى السابعة والأربعين لإجلاء بقايا الفاشيست عن ليبيا، كان ذلك يوم 7 أكتوبر 1971م.
ومر قبلها ذكرى اجلاء القواعد الأمريكية والبريطانية، دون أن يحتفي بها أحد، سوى مناكفات "فيسبوكية"، و"بوستات" قطع ملام.
كان لافتا أن النقاش وأستطيع القول (الجعجعة) تدور حول من حقق الإجلاء، هل كان الفضل فيه لمعمر القذافي ورفاقه، أم للملك إدريس وحكوماته!! 
كل فريق يسعى لاثبات أن من يناصره هو من قام بهذا الفعل، الذي نعده عملا وطنيا بامتياز!!
وسط هذا الضجيج، لا أحد يحتفل، ولا أحد يحيي الذكرى ويستلهم العبر، ربما لأننا لسنا بحاجة لاستلهام العبر والدروس، فما عادت تغني عنا النذر.
في ذكرى اجلاء القواعد الأمريكية هذا العام، التقيت في القاهرة بأحد أبرز رجالات حركة اللجان الثورية، ويتولى حاليا قيادة حركة معارضة لفبراير ومخرجاتها، وتتخذ من القاهرة مقرا لها، وقد كتب مقالا عن أهمية الاجلاء وكيف أن من يسميهم العملاء طمسوا تلك الأمجاد!!
سألته، ما بالك ورهطك وأنت في القاهرة آمنا مطمئنا، لم تحيي هذه الذكرى، ولو بوقفة، فضلا عن ندوة!! صمت، ثم نظر إلى قبل أن يغادرني متمتما (إن شاء الله خير، إن شاء الله خير).
وآخر من دعاة الملكية، وجهت له ذات السؤال، ألستم تقولون ان الملك هو من مهد للإجلاء، فما لكم لا تحيون هذه المآثر، ولا تبالون بها!!
المؤكد أننا أصبحنا فرقا وشراذم، يتربص كل منا بالآخر، فقدنا البوصلة، منا بذريعة الانتقام والتشفي، ومنا بغشاوة الكبر والعناد!!
من يدعون أنهم (أنصار معمر القذافي)، تنكبوا لوصاياه وهو يقول "مشكلتنا مع العملاء المأجورين القادمين من خارج البلاد، أما الشباب المغرر بهم، فعما قريب سيكتشفون المؤامرة فلا تثريب عليهم".
ومن يدعون أنهم (أنصار الملك ادريس)، فهم أيضا تنكبوا عن وصاياه وهو يقول "حتحات على ما فات".
ومن يدعون أنهم (أنصار فبراير)، فإلى هذه اللحظة لم يتفقوا على أهداف وشعارات لها، إنما المشاهد أن الظلم الذي ثاروا من أجله أتوا بأضعافه مضاعفا.
الأكيد أننا لا نزال نتمترس حول التصنيفات المدفوعة مسبقا، ونوزع صكوك الوطنية في بازار بارت بضاعته.
لهذا فالطريق أطول مما نتصور، طالما لم نفق من الغيبوبة أننا جميعا ليبيون، وأن البلد الذي يضيع منا، هو بلدنا جميعا اسمه ليبيا.
ربما يصدق علينا اللفظ الدارج (شعب مذهوبة شيرته)!!

الاارء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة