كان واحد من أكثر الشخصيات التى أحتار فيها القراء و المحللين و المهتمين بتاريخ المنطقة و أحداثها الهامة، و أذدادت الحيرة فى الحكم عليه بحكم كثرة تناقضات مواقف تلك الشخصية و قراراتها التى كلفتنا و كلفته هو شخصيا الكثير، انه اخر سلاطين العثمانيين السلطان عبد الحميد الثانى و اليوم لا أحاسبه و لا احلل قراراته و لا حقبته، و لكن أقراء وصيته التى كتبه فى منفاه و التى أبلغ مفتى أسطنبول الا يفتحها الا بعد وفاته و قد كان .

 

و جاء اهم ما ورد فى وصية السلطان عبد الحميد الثاني و هو يقول على لسانه " بعد اجتماعاتي المتكررة مع تيودور هرتزل ( مؤسس الكيان الصهيوني ) أكد لى هرتزل أنه سوف يحصل على فلسطين عاجلا ام آجلاً مهما بعد هذا الاجل، بعد ان رفضت رفضا قاطعا بالرغم من تمنيات مستشاري القبول بذلك العرض من اجل تغطية عجز الدولة العثمانية، و فهمت من هرتزل ان بعد حصوله على فلسطين سوف يسعى للانتقام من العراق، بسبب السبي البابلي الذي قام به نبوخذ نصر حيث قلم بسبي اليهود سيرا على الاقدام من فلسطين الى بغداد، بعد ان دمر نبوخذ نصر مملكتهم بسبب مؤامراتهم الدائمة عليه، و فهمت ايضا من هرتزل انه سوف يسعى الى تدمير مصر انتقاما من الفراعنة، وسوف يسعى الى تدمير الاهرام لانها تشكل رمز الاستبداد الفرعوني بحق اليهود "

أنتهت تلك الفقرة و ظهرت حقيقة ما بين سطورها فى العقدين الاخيرين و ما يحدث بالمنطقة الان، و لو دققنا النظر اليوم لخريطة المنطقة سنجد أن هرتزل الالفية الجديدة بدء مخططه من حيث ما أنتهى من بعد عزل السلطان العثمانى و نفيه، أى بدء من أسطنبول مجددا لتكون هى الارض الخصبة التى ينطلق منها نحو الحدود العراقية و باقى دول المنطقة، و هو الدور الذى بدء بتصويت أعضاء حزب الاغلبية بالبرلمان التركى حزب العدالة و التنمية عام 2003م بتأييد غزو الولايات المتحدة للعراق و أستخدام جميع مطارات و موانئ تركيا لتسهيل عملية الغزو، قبل الاتفاق مع الحكومة التركية لتأمين جميع عمليات الانزال الجوى للمارينز على الاراضى العراقية القريبة من الحدود التركية بجانب التعامل مع جميع حالات المصابين و أسعافهم . و لم تكتفى الصهيونية العالمية بذلك بل تعاونت مع اخر أحفاد السلطان عبد الحميد الثانى فكريا و سياسا الا و هو أردوغان رئيس الحزب الحاكم فى تركيا على تركيع العراق و تدميره التام بتنفيذ مشروع سدود الغاب الذى يشمل اكثر من 20 سدا و التى دعمته اسرائيل بقوة و اعلنت عزمها الاستثمار فى تلك المنطقة، فيوجد بمشروع الغاب 67 شركة اسرائيلية تعمل من عام 1995م و لم تكتفى اسرائيل بذلك بل قامت بشراء اراضى على ضفاف نهر مناوغات و بات الدعم موجهة ايضا لاقامة سدود بريجيك و سد قره قايا و سد غازي عنتاب وسد كيبانو سد  ودجله لقطع شريان الحياة على العراق . و هذا نفس السلاح التى تستخدمة امريكا و اسرائيل الان و جاء ذلك نصا فى خطة تركيع مصر باجتماعهم الاخير بالمانيا عندما طالبو بسرعة بناء سد النهضة الاثيوبى .

و كما ضحك هرتزل كثيرا على سذاجة السلطان العثمانى بالامس كذلك حدث نفس الامر اليوم و لكن لم يضحك طرفا على الاخر بل ضحكو الاثنين سويا على العرب . بعد أن نصبو لنا و احد من أكبر مسارح الخدع البصرية و الدموية فى التاريخ المعاصر و الذى كان بعنوان " تنظيم الخلافة الاسلامية داعش " أو بالاحرى تنظيم الخلافة الصهيونية، و لكى تدركو حجم تلك المسرحية او المؤامرة أن صح التعبير التى نفذت ضد العرب عليكم أستيعاب حجم الخسائر البشرية التى خلفتها داعش سواء فى العراق أو اتباعهم فى سيناء و كم الضحايا الذين سقطو من المدنيين و رجال الجيش لمصر و العراق و سوريا على يد هولاء الدواعش .

 

فتنظيم الخلافة الصهيونية يريد أن تتسع رقعته لتتحقق مقولة " من الفرات لنيل وطنك يا بنى أسرائيل "، و تنظيم الخلافة الصهيونية يستمد أكسجينه اليومى من الاموال و السلاح تحت غطاء جهاز المساعدات الانسانية التركى أي أتش أتش، الذى يشرف عليه جهاز الاستخبارات العامة التركية الذى حصل على مباركة أوربا بعد أن وعدهم أردوغان بالتخلص من سيطرة الغاز الروسى بعد أن أصبح تنظيم داعش يرسل براميل النفط التى أستولى عليها فى العراق الى ميناء جيهان التركي لكى ترسلها تركيا فيما بعد الى ميناء عسقلان ألاسرائيلي عبر ناقلات نفط عائدة لبالمالي شينغ و وكالة جي اس سي المملوكة للملياردير التركى الاذربيجانى مبرز غوربان أوغلو، لكى تختم أسرئيل تلك البراميل بشهادات منشأ مزورة بأسم بئر أيلات .

 

و بما اننا فتحنا ملفات و مذكرات الماضى علينا أن نفتح الملفات السرية التى أبرمت فى الحاضر، و نتذكر ما أخذته الولايات المتحدة و أسرائيل من السلطان العثمانى أردوغان الاول منذ أبرام اتفاقية " تركيا و الشرق الاوسط الجديد " عام 2004م بأجتماع الناتو الموسع فى أسطنبول وقتها، و نتذكر ايضا منظومة الرادرات التى وضعتها امريكا بتركيا و التى قال عنها قائد اسطول القوات البحرية الامريكية فى البحر المتوسط " ان هذة الرادرات مهمتها ارسال اشارات الاستشعارات المبكرة للبواخر الامريكية التى تقف فى عرض البحر لحماية اسرائيل لان الرادارات التى توجد على البواخر الامريكية مداها لا يتجازة 250 كم لكن رادرات على مستوى جبال تركيا تسطيع رصد اى صاروخ يوجه ضد شمال أسرائيل و ارسال استشعارات للبواخر التى تحمل منظومة صاروخية للدفاع عن اسرائيل "

 

فكل تحركات داعش بالاقليم تأتى فى سياق الثأر التاريخى اليهودي تجاه العرب و لكن بعد تصريحت داعش الاخيرة سنتحول الى سياق الثأر التاريخى العثمانى التركي ضد العرب و الصراع على زعامة المنطقة و مسلمين السنة لكى يكون بالاقليم كله لاعبين فقط يتفاوضو مع الولايات المتحدة على طاولة تقسيم و تسيير سياسيات المنطقة واحد شيعي بطهران و الاخر سني بأسطنبول، فداعش لا تتحدث بلسانها و هى نفسها أداة تتلقى تدريبها بشرق تركيا و مهامها من واشنطن، و لو فتشنا كتب التاريخ سنجد أن مطلب أعادة كتابة القرأن و هدم الكعبة كما تنوى و تصرح داعش حاليا هو في الاصل مسعى عثمانى تركي متجدد على مر العصور، و نتذكر جيدا ندوات وزير الداخلية التركى أفكان علاء مع كوادر حزب العدالة و التنمية برمضان العام الماضى و الذى دعا فيها شبيبة الحزب للاستعداد لفتح مكة من جديد بعد أتهامه المتكرر للحكام العرب بخيانة الله و رسوله .

 

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]