رغم سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينتي سرت و درنة الساحليتين و منطقة النوفلية التي لا تبعد سوى بعض الكيلومترات عن الخزانات النفطية في السدرة ورغم ما يقوم به هذا التنظيم من عمليات ترهيب و جرائم كان آخرها ذبح 21 بحارا مصريا على شواطئ مدينة سرت إلا أن بعض الدول مازالت تنادي بما تسميه حوارا أو حلا سياسيا للأزمة الليبية المندلعة منذ نحو سنة .

فالمتتبع للحوار الليبي منذ إنعقاده أول مرة سيلاحظ أنه ولد ميتا ولن ينجح مهما كانت الأحوال فالمؤتمر العام المنتهية ولايته مازال يصر على أنه صاحب الشرعية الذي من الضروري أن تنبثق عنه حكومة الوفاق أو الإنقاذ التي سيكون الإسلاميون طرفا فيها متمسكين بقرار المحكمة الدستورية القاضي بحل البرلمان.

أما البرلمان المنتخب و المنعقد في طبرق والذي حكمت محكمة البيضاء بشرعية جلساته منذ أيام ملغية بذلك قرار المحكمة الدستورية في نوفمبر/ تشرين الثاني الفارط لن يرضخ بالتأكيد لمحاولات إلغائه وتجاوزه من قبل الإسلاميين الذين لفظتهم صناديق الإنتخابات في جويلية /يونيو الماضي وبالتالي فان جلسة يوم الإثنين المقبل المزمع عقدها في المغرب و ما سيليها من جلسات لن تأتي بأي حل جديد .

الدعوة إلى إيجاد حل سياسي إذن لا يعدو أن يكون ضحكا على ذقون الليبيين فحتى المصالحة المصرية القطرية التي إستبشرنا بنتائجها على ليبيا كان عمرها قصيرا جدا وهذا ما لمسناه اثناء مناقشة البيان الصادر عن اجتماع جامعة الدول العربية قبل يومين على مستوى المندوبين، حيث تحفظ المندوب القطري على الفقرة التي “تقر بحق مصر في الدفاع الشرعي عن نفسها وتوجيه ضربات الى ليبيا”، وفقرة اخرى تطالب “برفع الحظر الدولي المفروض على ارسال اسلحة الى ليبيا”، الامر الذي اثار غضب المندوب المصري طارق عادل الذي رد على هذين التحفظين، والاول خاصة، باتهام دولة قطر “بدعم الارهاب” ما يؤكد تواصل  العبث القطري/التركي على أرض ليبيا ولربما ستزداد حدته خلال الأيام القادمة ما يشير بوضوح إلى إمكانية إفشال الحوار بضغط من قبل هذه الدول.

أما موقف الجزائر المحايد الذي مازال يصر على ضرورة حل الليبيين لمشاكلهم الداخلية سياسيا رافضة لتسليح الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر مواصلة تمسكها برفض أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا بات محل إستفهام كبير فالجزائر التي ذاقت مرارة الإرهاب وداست على جمره تقف موقفا كهذا منه في ليبيا أمر يدفعنا للتساؤل إذا ماكانت هذه الدولة ترغب جديا في إندثاره من هذا البلد أم أنها ترغب أن يبقى الحال على ماهو عليه خوفا في أن ينتقل المتشددون إليها إذا ما تم القضاء عليهم في ليبيا خاصة وأن عددا مهما منهم جزائريون.

الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن موقفها الرافض لتسليح الجيش بالصادم لأن من مصلحتها مزيد تدهور الأوضاع تحت مسمى" الحوار و الحل السياسي" لإيجاد ذريعة للتدخل بعد إحكام داعش السيطرة على كامل الدولة على رأسها المنشآت النفطية عن طريق الضربات الجوية التي لن تجدي نفعا حينها حيث ستتم إعادة كامل السيناريو العراقي السوري على ليبيا فيصبح التخلص من هذا الورم الخبيث أبعد من المستحيل.

كاتبة تونسية