ليس الحل في تغيير الحكومة وإنما الحل في إصلاح نظام الحكم، رئيس الحكومة الجديد في حال سحب الثقة من حكومة زيدان، سيجد نفسه يواجه نفس المشاكل التي واجهها زيدان، وستفرض عليه الكتل في البرلمان شروطها، أو تعرقل عمله.

يبدأ الحل برفض التمديد للمؤتمر الوطني، ويمكننا الاستفتاء حول ذلك في انتخابات لجنة الستين، فإذا أقرت الأغلبية برفض التمديد عندها لابد من إجراء انتخابات عامة في شهر يوليو القادم، أما إذا وافقت الأغلبية على التمديد فلا مناص من ذلك.

سأفترض أن أغلبية الشعب يرفض التمديد للمؤتمر، وأن انتخاب مؤتمر جديد لا مفر منه، ولكن هذه المرة سيكون الانتخاب وفقا للقائمة الفردية، وليس للقوائم الحزبية، والهدف من ذلك هو تجنب الصراعات الحزبية التي طغت على المؤتمر الوطني، وهي صراعات مدمرة؛ لأنها تقوم على أساس إيديولوجي، خاصة وأنه لا خبرة لليبيين بالأحزاب منذ الاستقلال، ولا يعرفون كيف يتوافقون، كما أن معظم الأزمات التي تمر بها البلاد ذات طابع قبلي وجهوي، والقائمة الفردية سوف تمثل القبائل والأقاليم الليبية، وهؤلاء يعرفون كيف يتوافقون وكيف يقدمون تنازلات متبادلة، أما الكيانات الحزبية فبعضها قد يفضل خدمة الجماعة التي يمثلها أكثر من خدمة الوطن، حتى ولو كانت هذه الجماعة أجنبية.

من المهم جدا أن توضع حصة محددة للنساء والأقليات، فطبيعة القائمة الفردية أنها تستبعد النساء، كما حدث في انتخابات الجبل الغربي حيث لم تنجح ولا امرأة واحدة، أما الأقليات، فيمكن مضاعفة حصتهم حتى يشعروا بالاطمئنان.

انتخاب المؤتمر وحده لا يكفي فقد تتعقد العلاقة بين المؤتمر وحكومته مثلما حدث مع حكومة زيدان، ولتحاشي هذا المنزلق أقترح انتخاب مجلس رئاسي يتكون من أربعة أشخاص- رئيس وثلاثة نوّاب- على أن يمثل الأربعة أقاليم ليبيا، شرق ووسط وغرب وجنوب، وأن يكونوا من المستقلين ومشهود لهم بالحكمة ورجاحة العقل والفهم السياسي العميق لما يجري في البلاد، ويتولى المؤتمر انتخاب أحدهم رئيسا، على أن يحظى الرئيس بحق النقض “الفيتو” ضد أي قرار يتخذه المؤتمر، كما يحظى المؤتمر بنفس الحق ضد قرارات الرئيس، وعندها سيجد المؤتمر والمجلس الرئاسي أنهما مجبران على التوافق والتشاور قبل اتخاذ أي قرار.

يكلف المجلس الرئاسي رئيس الحكومة الذي يختاره بتشكيل حكومته، على أن تكون حكومة أزمة صغيرة العدد، وتتكون من التكنوقراط غير المحسوبين على أي تيار سياسي، وبهذا الشكل ستكون الحكومة فنية غير معنية بالسياسة، التي سيهتم بها المجلس الرئاسي، لذلك لابد من أن يكون الأربعة في المجلس الرئاسي من السياسيين المحنكين، كما أن وزارة الدفاع ووزارة الداخلية تتبعان المجلس الرئاسي وليس الحكومة، إلا في النواحي المالية والتنسيق مع بقية الوزارات، وفي هذه الحالة يعتبر الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وللمؤسسة الأمنية.

لابد لحكومة الأزمة أن تقتصر على الوزرات الحيوية، وما عداها يتحول إلى هيآت مسؤولة أمام رئيس الحكومة، وفي هذه الحالة ستقتصر الحقائب الوزارية على الداخلية، الدفاع، الخارجية، النفط والغاز، والاقتصاد، والمالية، الزراعة والثروة الحيوانية والبحرية، والصناعة، والتربية والتعليم العالي، والصحة، والإسكان والمرافق، والعدل، وبقية الوزارات تتحول إلى هيآت، مثل الإعلام، الثقافة، رعاية أسر الشهداء والمفقودين، الأوقاف، السياحة، الكهرباء، والموارد المائية.

إذا تمكنت لجنة الستين من صياغة الدستور قبل 24 ديسمبر 2014، فلابد من الاستفتاء عليه قبل نهاية العام، وفي حالة إقراره تجرى الانتخابات العامة، التي ستنتخب البرلمان الدائم والحكومة غير المؤقتة، والتي قد تستمر أربع أو خمس سنوات قبل يوم 17 فبراير 2015، وفي هذا اليوم تسلم السلطة إلى الحكومة والبرلمان المنتخب، أما إذا أصرّ المؤتمر الوطني على التمديد دون الرجوع إلى الشعب، فأخشى أن الأسوأ قادمٌ لا محالة.