مرت أكثر من ثلاثة أعوام سقطت بها أنظمة عربية و لن أبالغ لو قلت سقطت بتلك الاعوام الدول نفسها، و تبدلت أنظمة بأخرى، و تغيرت أستراتيجيات و سياسات بأخرى، حتى تبدل شكل و ملامح المنطقة اكثر من مرة سواء فى الخليج أو العراق أو الشام أو مصر أو المغرب العربى، و لكن لم تتغير سياسة الدوحة تجاه محيطها الاقليمي، و باتت تسير فى نفس الخط التى رسم لها منذ عام 1992م .   

فما لايعلمه الكثيرين ان بعد انقلاب حمد بن خليفة (حاكم قطر السابق ) على ابية فى يونيو 1995م، قام بعدها حمد بن خليفة فى اكتوبر 1996م بتعيين ابنة جاسم وليا للعهد، و تولى اغلب ادارة شئون الدولة و على راسها جهاز المخابرات فى ذلك الوقت، الى ان جائت زيارة الشيخة موزة و رئيس الوزراء حمد بن جاسم الى الولايات المتحدة فى 2003م فى اولى جولات التوطيد العسكرى و السياسى و النفطى بين الدوحة و واشنطن و تم بعدها  و لاسباب غامضة تنازل جاسم لشقيقة تميم عن ولاية العهد، اى ان اختيار تميم لحكم قطر بعد أبيه كان من برغبة و أرداة البيت الابيض قبل ان يكون اختيار ابية و امة حتى . ثم بدء تدريب تميم على تولى مهام السلطة و اكتمل ذلك بتقديم اوراق اعتمادة لدى كلا من سلمان شيخ ( مدير مركز بروكنجز الدوحة و منسق الشئون الاسرائيلية القطرية وهو عضو قطر الدائم في مؤتمر هرتزليا )، و حامل الجنسية الاسرائيلية عزمى بشارة ( نافذة حمد بن خليفة على تل ابيب ) . الى أن أصبح طالب أكاديمية ساند هيرست ( التحق بها أيضا والده حمد بن خليفة بعد ان تم فصلة من الاكاديمية بعد التحاقة بها بـ 9 شهور ) المراهق تميم بن حمد الرجل الاول فى دولة قناة الجزيرة و حقل غاز الشمال . و أذا كان الامير تميم بات الرجل الاول فى الصورة و امام الكاميرات فقد أستمر أيضا حمد بن جاسم الرجل الاول الذى يعمل فى الخفاء و يدير كل الملفات التى كلفت بها الدوحة من قبل واشنطن .

و بعد توقيع قطر على وثيقة الرياض أنتظر الجميع خطوات أيجابية من قطر تجاه مصر، حتى جائت زيارة مدير المخابرات القطرية احمد بن ناصر بن جاسم الى القاهرة فى الاسبوع الاخير للعام الماضى تمهيدا لعقد لقاء يجمع بين الرئيس المصرى و حاكم قطر، و جاء هذا بالتوازى مع تخفيف حدة هجوم قناة الجزيرة و تحريضها المستمر ضد الجيش و الشعب المصرى، الى ان حدثت تفجيرات شمال سيناء الاخيرة التى راح ضحيتها ما يقرب من ثلاثون جندى و اربعون جريحا و رأينا جميعا قناة الجزيرة القطرية التى كانت تنقل العمليات الارهابية بسيناء حصريا و بسرعة شديدة بدرجة قد تصل الى البث المباشر للحدث، مع سماع تكبير و تهليل مراسلي قناة الجزيرة و فرحتهم العارمة بسقوط ضحايا من الجيش المصرى .

فبعد أن أرسلت الدوحة جميع قادة جماعة الاخوان الارهابية و ملفاتهم الى أسطنبول لكى يكمل النظام العثمانى المسيرة التحريضية ضد مصر بعد فتح أستوديوهات و قنوات فضائية لقيادات جماعة الاخوان الوافدين من الدوحة، لكى تكون نافذة التنظيم الدولى على العالم. و لانغفل تصريحات الغزل التى أطلقتها الخارجية الامريكية على مدير المخابرات التركية هكان فيدان الذى لقبته واشنطن برجل الشرق الاوسط الجديد .

كما ان قطر لم تحترم تعاهدتها التى وعدت بها كلا من السعودية و البحرين و الامارات بخصوص مركز بروكنجز الدوحة و مؤسسة راند و بعض السياسيين الذين أعتادو الاساءة لباقى دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن احمد بن ناصر بن جاسم يسير على نفس نهج غانم الكبيسي مدير المخابرات القطرية الاسبق خاصة فى التعامل مع ملف التنظيمات الارهابية بليبيا و التى تدعمهم الدوحة من الالف الى الياء، من الاموال الى السلاح، بجانب تقديم ثروتها النفطية لكي تستخدمها واشنطن كسلاح ضد الاقتصاد الروسي .

حقيقة الامر لقد توقع الكثير أن تتغير سياسة الدوحة تجاه محيطها العربى و الدولة المصرية بعد التوقيع على وثيقة الرياض فى حضور المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، و لكن سياسة خادم القاعدتين الامريكتين لم و لن تتغير يوما، لان ببساطة شديدة النظام القطري ليس سيد قراره، و الدوحة لا تمثل سوى أحدى موكلي العم سام لاضرام نيران الفوضى بالمنطقة، و مكتب ادارة السياسات الامريكية بمنطقة الشرق الاوسط .

فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط
[email protected]