القيم " المرجعية " تشكل مساحة رئيسية للخلاف بين أطراف النزاع الليبي وتمنع الاستقرار  ..!!

نتغافل عمداً عن حقيقة أن النزاع في ليبيا نزاع هويات ومصالح  .. والقيم المتبانية ونقاط الشك أو التعارض تحرك النزاع وتحكمه وتقف حجر عثرة أمام مساعي وجهود المصالحة وتحقيق الاستقرار ..!

لعل ميكانيك الصراع بدأ بتوزيع السلاح وصبغ أحداث فبراير " 2011 " بصبغة اجتماعية .. أدت إلي تكتل اجتماعي " مع أو ضد " ثورة فبراير .. التي امتلكت زخم اجتماعي في الاتجاهين وتحولت من تغيير سياسي محض في منظومة السلطة ومرادفاتها إلي تغيير اجتماعي – اقتصادي – أخلاقي .. ورغم البناء التمثيلي المناطقي للمجلس الانتقالي .. فقد تشكلت كتل سلطة أيدلوجية جزئية ذات مصالحة منهجية داخل كتلة السلطة الكلية التي مثلها المجلس الانتقالي , وعملت هذه الكتل " الاخوان والليبراليون / مجازاً " إلي إحداث إنحراف كلي في توجهات السلطة " المجلس الانتقالي " .. وكان " الاخوان والليبيراليون " عازمون على تفريغ السلطة واحتكارها وفق خرائط سلطوية متباينة .. وأسهم إتفاقهم في مصلحة " احتكار السلطة " في إقرار تكوين الأحزاب " منحهم الغطاء القانوني وصفة دخول حلبة صراع السلطة واحتكارها ومنع الجيش والثوار عنها " وعملوا سوياً على تكوين سلطة مشتركة بينهما " المؤتمر " تخلف المجلس الانتقالي وتعمل على ترسيم وتثبيت وجودهم كسلطة للبلاد والعبادحجة الديمقراطية الحزبية  .. وتشكل المؤتمر الوطني " بانتخابات صورية " ليبدأ الصراع بين الرفيقين  اللـذوذين " الاخوان والتحالف " على مكاسب السلطة .. فاتخذ الاخوان وجهتهم لحيازة المال ومراكز السلطة في المدن الليبية لإحكام الأغلال على رقاب العوام وحكمهم بالقسوة والقوة .. في حين اتجه التحالف إلي إحتواء النخب المتعلمة والمميزين وحصرهم وراء " محمود جبريل " لمنع معركة مستقبلية له ضد نخب وشخصيات توازي وتفوق " محمود جبريل " أراد طمسها وتهميشها ومنعها من المشاركة بحرية في أحداث التغيير وضمان داعم مستمر من مؤسسات العمل المدني التي يشكل أغلبها نخبة المتعلمين والمثقفين رغم الحظر القانوني ومنعها من العمل السياسي  ..!!

أمد المؤتمر الوطني ومراهقاته وصراعات السلطة بين الاخوان والتحالف كان منزوع الأخلاق ومنزوع القيم الإنسانية .. واتساع الهوة بين الطرفين وتحول الصراع السياسي بين الاخوان والتحالف إلي صراع مسلح يعتمد فيه الاخوان على المتدينين في ليبيا وخارجها وعلى دعم مباشر من قوى خارجية تتزعمها تركيا .. ويعتمد التحالف في معركته على الزج بكل المناهضين للاخوان والقبائل المتضررة من سلطة المؤتمر الوطني ومن  أخطاء سلطوية كان تحالف القوى شريك فيها ومصوتاً على أغلبها مثل القرار رقم " 7 " وقانون العزل السياسي وتشكيل المليشيات والدروع ومنحها الشرعية والدعم   .. فالتحالف بانتظار نتائج المعركة المسلحة بقسمي ليبيا " الشرقي والغربي " لقطف ثمارها وسرقتها ممن دفعوا الدماء في الجبهات وتنصيب نفسه سلطة وطنية لليبيا باستقطاب الزعامات القبلية ورجال الاعمال وفق استراتيجية احتواء وتجميد لكل من يهدد سلطة التحالف وسطوته ..!!

الحقيقة التي نراها في ليبيا اليوم هي تصدر الجيش الليبي وحرس المنشآت النفطية وتكتلات اجتماعية مسلحة بالمناطق الغربية للمشهد وتوليها مهمة دحر فيالق الاخوان بجميع اطيافها ومسمياتها .. واختفاء العمل السياسي مع عدم اعلان اعضاء التحالف في المؤتمر عن مقاطعته ورفض سلطته والامتناع عن تمثيله أو قبض مرتباتهم من إدارته أو تعليقهم على ما يجري داخله واعادة بعض ممن تمت إقالتهم سابقاً بحكم محكمة .. أو رفع قضايا ضده والطعن بشرعية قراراته كما حدث مع البرلمان ..!

التحالف يلعب مع الطرفين وضدهما .. وغايته السلطة واستناده على قانون الأحزاب الذي شرع عمله ومنع الجيش من المشاركة بأي سلطة مدنية وبعد غياب الاخوان لن يكون هنالك من لاعب سياسي ولا ممثل للسلطة المدنية عدا حزب تحالف القوى باعتباره مجمع لعدد كبير من الاحزاب الصغيره .. لذا يفترض أن يعمل البرلمان على حل الاحزاب وألغاء قانون الاحزاب بأسرع وقت ممكن لمنع الوقوع في فوضى جديدة أو الإنصياع لسلطة حزب سياسي كان ولازال شريك فيما حدث بليبيا أثناء فترة المؤتمر الوطني وله مجموعات مسلحة تحمي مصالحه وتدين بالولاء له قبل الوطن .. وكان عوناً بصمته وتصويته على جرائم القتل والتهجير والسرقة التي تمت تحت غطاء الشرعية ...!!!  

 

كاتب ليبي