ميلاد عمر المزوغي

نقلت لنا كتب التاريخ الحرب التي فرضتها أمريكا مطلع القرن التاسع عشر الميلادي على الشعب الليبي,الذي كان يمتلك أسطولا بحريا قويا,استطاع أن يفرض سيطرته على حوض البحر المتوسط  ويفرض إتاوة على السفن العابرة,وقد رضخت للأسطول كل دول حوض المتوسط فشهدت البلاد انتعاشا اقتصاديا تجلى في حياة الرفاهية للسكان من حيث خفض الضرائب على الفلاحين وأصحاب الصناعات الصغرى,وان كان جل الدخل يذهب إلى خزانة السلطان العثماني في الآستانة.

لم يعجب ذلك أمريكا التي خرجت للتو من حروبها الأهلية,وبنت قوة بحرية جابت بها بحار ومحيطات العالم,دخلت البحر المتوسط لما يمثله من شريان رئيس للتجارة البينية بين الدول المطلة عليه,رفضت أمريكا دفع الإتاوة فأعلنت الحرب على طرابلس,لقد كانت حرب ضروس استمرت لأربع سنوات بدءا من العالم 1801 م,وتم اسر اكبر بارجة أمريكية "فيلادلفيا" المجهزة بأعتى وسائل الدمار واقتيدت إلى شواطئ طرابلس لتشهد على حقبة من سيطرة طرابلس وتحكمها في تجارة المتوسط.

إن ما تشهده ليبيا حاليا وعلى امتداد الأربع سنوات يذكرنا بتلك الحرب,إلا أنها تختلف من حيث أنها بالأمس كانت تعتبر حربا تخوضها أمريكا ومن معها من دول الغرب للسيطرة على البحر المتوسط ,بينما حرب اليوم تخوضها أمريكا ومعها عرب ومسلمون يدعون الحرص على العروبة والإسلام, قطر تقدم المال وتقوم بتدريب التكفيريين على نفقتها وجلب المرتزقة من كل حدب وصوب,علها تفوز بعقود لتنفيذ مشاريع البنى التحتية إن بقي إخوانهم في السلطة,السودان لم يقصّر من جانبه بل يرسل السلاح الأفكار الهدامة,أما تركيا التي كانت تحتل البلاد واعتبرها الليبيون دولة صديقة رغم تنكيل قادتها ببعض رموز الوطن وفرضها ضرائب مجحفة في حق الشعب الليبي,تركيا اليوم تقوم بتزويد الانقلابيين بمختلف أنواع الأسلحة وذلك عبر طائراتها التي لم  تتوقف يوما عن المجيء إلى ليبيا,بل اكتشف مؤخرا أنها تقوم بإرسال سفن محملة بالأسلحة إلى تلك العصابات الإجرامية,لأجل أن يتقاتل الليبيون ويدمر البلد وبالتالي يقوم هؤلاء من عرب وعجم  بالتدخل لصالح متبنيي الشرق الأوسط الجديد.لم نشاهد خلال الأربع سنوات زهورا متفتحة رغم هطول الأمطار الغزيرة,بل الدماء تسيل كل يوم ولم نحصد إلا القتل والتهجير والتدمير.

كنا نتمنى على المجتمع الدولي لو انه تدخل من بداية الأزمة,فالأمريكيون اليوم يدعمون الانقلابيين ولم يحركوا ساكنا عندما كان آلاف الأبرياء يقتّلون ويهجّرون وينكل بهم,واليوم عندما رجحت كفة الشعب بقيادة الشرفاء من أبناء المؤسسة العسكرية وأصبحت الميليشيا في تراجع وتفقد زمام المبادرة,نرى أمريكا والذين يدورون في فلكها وخاصة تلك التي لم تخرج يوما عن السياسة الأمريكية,يسعون إلى إيجاد موقع قدم للانقلابيين في الحياة السياسية المستقبلية والاجتماع بهم في دول الجوار من اجل تلقي الأوامر,فعن أية ديمقراطية يتحدث هؤلاء؟ لقد لفظتهم الصناديق ولكنهم متشبثون بالسلطة ولو أدى ذلك إلى قتل الشعب الليبي بأكمله.

على مجلس النواب الذي يمثل الشرعية والحكومة المنبثقة عنه,القيام بقطع العلاقات مع هذه الدول المجرمة وإمكانية ضرب طائراتها التي تحلق في أجوائنا وسفنها التي تدخل مياهنا الإقليمية,والتي تسعى جاهدة في إطالة أمد الأزمة,فالانقلابين إن لم يجدوا دعما خارجيا فإنهم حتما سيخضعون لإرادة الشعب وإلقاء ما بأيديهم من أسلحة,ولتتخذ العدالة مجراها وينال كل مجرم جزاء ما اقترف, ومن ثم تبنى دولة القانون وحرية التعبير,دولة الديمقراطية التي نأمل ألا يطول انتظارها.ونقول لاردوغان بأنه مهما يكن الأمر,فان ليبيا لن تكون تحت الوصاية وبها شرفاء غيورون على الوطن.وان إحياء دولة بني عثمان من سابع المستحيلات,لقد وعت الجماهير العربية الدرس.