بالفعل تقدمت لجنة " يعاكوف بيري" المعنية بتجنيد طلاب المعاهد الدينية الحريديم او المتشددين دينيا بمشروع نص يفيد بتطبيق التجنيد الاجبارى على طلاب المعاهد الدينية الحريديم، ونص مشروع القانون الذي جاء بناء علي توصيات لجنة " يعاكوف بيري " الزام الحريديم  بالتحاقهم بالجيش او القيام بالخدمة المدنية بحلول عام 2017م، كما يهدف القانون الي أصلاح الوضع العام و السائد فى اسرائيل الذى يتم فيه أعفاء طلاب المعاهد الدينية من اداء الخدمة العسكرية بجيش الاحتلال الاسرائيلي، فمن المعلوم للجميع أن التجنيد فى أسرائيل أجبارى للرجال و للنساء، فيخدم الرجال لمدة ثلاث أعوام و النساء لمدة عامين، بينما كان يتهرب العديد من الطلاب من أداء الخدمة العسكرية بالالتحاق بالمعاهد و المداراس الدينية اليشيفوت .  

و قد سبب ذلك القرار حالة من القلق و التوتر داخل المجتمع الاسرائيلي، خاصة بعد أعلان مجموعات كبيرة من الطلاب الحريديم أعتزامهم تنظيم مظاهرات بالعاصمة تل ابيب لرفضهم قانون التحاقهم بالخدمة العسكرية و تجنيدهم الاجبارى، و هو الامر الذى جعل الشرطة الاسرائيلية ترفع وقتها حالة التأهب و الاستنفار القصوى للدرجة الثالثة ( و هى أقل من درجة الاستنفار القصوى بواحدة فقط ) كما قامت وقتها الشرطة الاسرائيلية بإغلاق عدد من الطرق الرئيسية في العاصمة تل أبيب، بعد أن أعلن الحريديم تنظميهم لمظاهرات حاشدة أطلقو عليها أسم " مليونية الحريديم " بالإضافة إلى إغلاق الشرطة للعديد من الشوارع المحيطة بمدخل العاصمة الغربي، و إغلاق محطة الحافلات المركزية في القدس، مع وقف رحلات القطار الخفيف في محيط أماكن التظاهرات، و ذادت الامور أشتعالا بعد اعتقال أحدى طلاب مدارس اليشيفوت على يد الشرطة العسكرية أثناء تنظيم تظاهرات لرفض قانون التجنيد الاجبارى خلال احتفالات عيد البوريم .

 

و قد اثني رئيس الوزراء الإسرائيلي"  بنيامين نيتانياهو " علي  تلك الخطوة التي تذهب لما هو أبعد من فرض الخدمة العسكرية علي الحريديم و المتشددين دينيا, مشيرا إلي أن أسرائيل تسعي إلي دمجهم في القوي العاملة. وأكد وزير الدفاع الاسرائيلي " موشيه يعالون " أن القانون هو الطريقة الوحيدة لتغيير الواقع غير العادل الذي استمر65 عاما .

فبالامس كان يخشى قادة جيش الاحتلال الاسرائيلي من تأثير الحريديم المتشددين دينيا و أفكارهم على كيان و ثقافة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، فما الذى سيحمله الغد للجيش الاسرائيلي و الحريديم معا، بعد التحاق الحريديم بالخدمة العسكرية، فهل تستطيع الخدمة العسكرية أحتواء الحريديم، أم نرى الحريديم يبتلعون جيش الدفاع بأفكارهم المتشددة، هل سنرى الطلاب الحريديم المتشددين دينيا و المنبوذين من بعض شرائح المجتمع العبرى المدنى يبسطون أفكارهم على الجيش الاسرائيلي من الداخل، أم تستطيع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية تحويل أفكار هولاء الطلاب . هذا ما سيقوله و يجيب علينا عام 2017م  عام بداية تطبيق القانون الذى أعتمده الكنيست بالتجنيد الاجبارى لطلاب المعاهد الدينية، و السؤال الذى يطرح نفسه بقوة الان هو ما الغرض الرئيسى من دمج هولاء المتشددين داخل جيش الدفاع الاسرائيلي الذى يتم فيه تجنيد الرجال و الفتيات أجباريا، و ما تأثير ذلك فى المرحلة الحالية من عمر الكيان الصهيونى، و ما تشهده المنطقة من تغيرات جذرية بل و خريطة العالم أجمع، و فى الوقت الذى يهتف فيه العديد من المغيبين فى الوطن العربى بأسقاط جيوشهم و تنحى الجيش عن المشهد السياسى، على أساس أن من يحكم و يدير الدول الكبرى ليس أجهزة أستخباراتها بل منظمات المجتمع المدنى التى تغذى هولاء المغيبين فى أوطاننا .

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]