بالأمس خرجت بعض التشكيلات المسلحة تستعرض قوتها امام جمهور العاصمة المنكوبة, التي تعاني لما يقرب من العام ويلات هذه العصابات الاجرامية, شردت الاهالي وهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها, واستعملت الاسلحة المحرمة دوليا, كممت الافواه (التي كانت السبب الرئيس لإسقاط النظام) والخطف والقتل على الهوية, كانت حجتهم استئصال الازلام ,لم يطل بهم المقام, استطاع المشردون ان يبنوا انفسهم ويحرروا مناطقهم من العصابات الاجرامية ,ضيق عليهم الخناق, لم يعودوا يسيطرون الا على بعض المدن.

لم يستطع تنظيم الفجر ان يحتفظ بمدينة سرت الاستراتيجية وقربها من الموانئ النفطية( حيث حاول العديد من المرات احتلالها دون جدوى),رغم امتلاكه لمختلف انواع الاسلحة وخاصة سلاح الطيران ,فسقطت المدينة في ايدي تنظيم الدولة, وأن ادعاء قادة الفجر بان الدواعش هم ازلام النظام السابق فان ذلك يدل على ان الازلام يشكلون كابوسا لهم, وبالتالي فان تنظيم الفجر يقف بإصرار ضد عودة المهجرين وعرقلة المصالحات.

ان تعلن تكوين جبهة صمود يعني انك فقدت زمام المبادرة واقرار بالهزيمة وان على "استحياء", وبدء عملية الدفاع عن ما تبقّى من اراض بحوزة الميلشيات وخاصة العاصمة, فتحرير المدن والقرى لم يكن بمساعدة الذين ترون انهم خانوا "الثورة" وانما لإدراك بعض هؤلاء "الخونة" بانهم لم يعودوا قادرين على مواصلة القتل والتدمير, المصالحات اعتراف بالأخطاء من قبل هؤلاء, وان كانت نواياهم غير صادقة فإن اصحاب الاراضي المغتصبة مصممين على تحريرها أيا تكن التضحيات ,فالظلم لن يستمر ولابد للمغبون ان ينتصر.   

في محاولة من الجبهة لاستمالة الراي العام الدولي أكدت الجبهة العمل على تفعيل المؤسسات الأمنية وبناء الجيش والشرطة والتصدي لتجار البشر والجريمة والهجرة غير الشرعية, يدرك العالم بأجمعه ان الاتجار بالبشر ازدهر لدى تولي هؤلاء زمام الامور في البلد حيث يسيطرون على غالبية الشاطئ الليبي, خاصة في الآونة الاخيرة مع نضوب الاموال وضيق ذات اليد, ربما تسعى بعض الدول المهتمة بالشأن الليبي ايجاد مكان لهؤلاء في المرحلة الانتقالية المقبلة نظير خدماتهم, التي جعلت البلد مرتهنا للغير .

الحديث عن ان جبهة الصمود ستتصدى لجميع المؤامرات والدفاع عن ثوابت فبراير وعدم خيانة دماء الشهداء لم يعد ينطلي على احد, فهذه الميليشيات هي من اوصلت البلاد الى هذه الحالة المأساوية بسبب تمسكها بالسلطة وعدم الاعتراف بما اسفرت عنه صناديق الانتخابات, بل تم استعمال صناديق الذخائر لفرض سلطة الامر الواقع, أما عن الثوابت فلا اعتقد ان هناك ثورة تسعى الى تهجير اكثر من ثلث السكان, أو الزج بالمواطنين في سجون ترتكب بها اشنع الجرائم, وإجراء محاكمات صورية  دونما انتداب محامين وفق رغبة السجناء, واستصدار احكام جائرة. إما عن دماء الشهداء فإنها تتخذ شماعة من قبل هؤلاء للإمعان في القتل والتشريد, فالذي استشهد يفترض انه قدم نفسه فداء للوطن ولا يريد ان يلحق به اخرون بسببه, وللأسف فهناك من تاجروا بدماء الشهداء.

جبهة الصمود التي تضم الميلشيات التي هالها الانتصارات التي حققها الجيش الليبي والقوى المساندة له, تدرك انها اصبحت محشورة في العاصمة ,قد لا تلفظ انفاسها قريبا ولكنها تضل جسما غير شرعي أوجدته تطابق مصالح جهات متعددة داخلية وخارجية, البيئة غير مهيأة لبقائه, فلا امكانية للصمود, الأفق مسدود والأمل مفقود, الجيش من سيحمي الدولة.