أمير الأمة,الخليفة البغدادي لم يأت في خطابه بشان انضمام الشمال الإفريقي إلى دولته على ذكر تونس التي تقع بين فكي كماشة الإرهابي الرسمي في ليبيا والجماعات التكفيرية بالجزائر,المتتبع للإحداث في تونس يدرك جيدا أن السلطات هناك لم تقضي على بؤر الإرهاب في الغرب التونسي, الآخذ في الاستفحال بسبب قلة خبرة الجيش التونسي على التعامل مع هكذا أمور,الشارع التونسي أعلن عدم رضائه عن أداء الترويكا فكانت النتائج مخيبة لأمال الثالوث الذي لم يعد مقدسا,فهو الذي حضن الإرهاب وقام بتصدير الآلاف من شباب تونس إلى جبهات القتال في سوريا,حيث أتت تونس في مقدمة الدول التي تصدر الإرهاب إلى بلاد الشام,أما عوائد التصدير فتمثلت في رجوع العديد منهم إلى البلاد وتشكيل خلايا إرهابية بتونس وقد تعلم هؤلاء فنون القتال,فأصبح الباب مفتوحا لهم على مصراعيه خاصة مع انخفاض عوائد القطاع السياحي الذي يمثل المحور الرئيس في توفير الأموال اللازمة للخزانة العامة, انتشار البطالة يؤدي إلى انخراط الشباب في الجماعات التكفيرية.

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية واشتداد أوار التنافس المشروع بين الأحزاب,لاحظنا أن حركة النهضة التي قال الجمهور التونسي فيها كلمته في الانتخابات البرلمانية تقوم عبر دعاتها وأئمتها المعينين رسميا بالدولة يقومون بالدعاية لأجل انتخاب هذا الشخص أو ذاك والتأثير على رأي الناخب ما يعتبر تدخل السلطات الدينية في أمور سياسية ينافي تطلع التونسيين بعدم تدخل رجال الدين في الشأن السياسي.

هناك العديد من القيادات المحسوبة على التيار الديني لها صلة وثيقة بزعماء الإرهاب ومثيري الشغب في ليبيا,والادل على ذلك احتضان تونس لاجتماع ضم بعض القيادات التكفيرية والانفصالية في ليبيا مع مهندس الربيع العربي ليفي,ما يعني أن الأمور في تونس قد تذهب إلى عدم الاستقرار في حال عدم قيام السلطات التونسية بالحد من تواجد رموز الإجرام في ليبيا الذين خربوا ولا يزالون ليبيا ويعبثون بمقرات شعبها.

نعتقد أن الشعب التونسي أخطأ مجددا في الانتخابات النيابية بتصويته لحركة النهضة الاخوانية, التي حاولت وتحاول جاهدة الظهور في ثوب ديمقراطي يلبي رغبات الشارع "ظهر الثعلب يوما في ثياب ألواعظينا..",حصولها على المرتبة الثانية في الانتخابات النيابية يؤهلها لان تكون عامل فرقة وحجر عثرة نحو التقدم والنهوض بالبلاد وجلب الاستثمارات والتعويض عما لحق بتونس خلال السنوات الماضية من دمار اجتماعي المتمثل في انخراط شبابه بالجماعات التكفيرية,لقد أصبح رعايا المغرب العربي وخاصة التونسيون منهم غير مرغوب فيهم بأوروبا,وبالتالي يكون التكفيريون قد أغلقوا على أنفسهم بابا من أبواب الرزق, وما الرزق إلا من عند الله.

نعود إلى القول بأن البغدادي لم يذكر إمارة تونس, إما لإدراكه بأنها لن تخرج عن محيطها الذي بايعه والذي يمتلك من أسباب القوة والقدرة على المجادلة والحوار ومن ثم الإقناع,وإما أن شعب تونس سيكون أهل ذمة في المنطقة ليقول البغدادي للعالم بأن دولته بها أناس يخالفونه في المعتقد الفكري ويعيشون في رحاب دولته الديمقراطية.وفي هذه الحالة فإن التونسيين الذين يريدون الاستمرار في نهج بورقيبة من حيث إقامة الدولة المدنية العصرية,مخيرون بين عدة أمور منها,دفع الجزية نظير الخدمات التي ستقدم لهم,أو إعلان التوبة والدخول في المعتقد البغدادي الجديد ومن ثم يصبحون مواطنين عاديين,أو القتال ولا اعتقد أن للتونسيين القدرة على ذلك في ظل الظروف القائمة.