بين الدهشة والتهكم،تقبل الرأي العام التونسي تجربة الحج البيضاء،حج أعدت له كعبة ومسار للطواف وملعب رياضي وفريق يكابد من أجل توفير أدنى حالات الخشوع والتشوق المطلوب من حجيج دفعتهم اللهفة لاستباق الحضور بالاراضي المقدسة ، عبر اقبالهم على" تمارين" الطواف والتكبير والرجم ومختلف المناسك الخاصة بالحج.صور العملية تناقاتها وسائل الاعلام المحلية،وتداولت في شأنها ألسنة من تابعو المشهد... كابد المنظمون في اقناع الناس بجدوى ما دشنوه-جديدا-في اعداد الحجيج لآداء ما عزموا عليه،في حين تندر البعض بسابقة رأوا فيها بدعة ومساسا بقدسية الكعبة والمناسك.وبين هذا وذاك لانملك إلا القبول  "بمآثر"تونس جديدة،مادام الأمر بعيدا عن أمن الناس وحياتهم،فذاك عنوان المطالب في تونس اليوم،زد على ذلك سكوت الراسخين في مجالات الفقه والبيان عن التعليق والحكم. أما الأمر الثاني الذي تعلق "بالبياض"لدى شريحة واسعة من التونسيين،فهو أصوات الشماريخ الليلية أو"الفوشيك"كما يسميها التونسيون.لاتكاد تخلو قرية أو مدينة من أصوات الطلق الليلي،انطلاقا من العاشرة ليلا وحتى ساعات متأخرة من الليل.بانوراما من الاصوات يقرع المسامع،تعلق في مامضى- باحتشام -بمناسبات الاعراس أو النجاحات،ليتحول اليوم الى شكل من أشكال المزاج التونسي الباحث عن المتعة والترفيه المتصالح مع أصوات الرصاص،وإن كان أبيضا.التونسيون" الراسخون"في التحليل والتأويل باتت لهم قراءة مذعورة بعادات الطلق الليلي الابيض،مستنجدين بتجربة الشقيقية الجزائر ومؤشرات سبقت جحيم ماعاشته خلال عشرية الرعب  في صراعها مع الاسلام السياسي زمن التسعينات.يقولون أن الرعب الابيض-على شاكلة الحج الابيض-هو في الواقع تدريب للاحياء والمدن والقرى على قادم مخيف قد يعصف بالبلاد لما تتحول الشماريخ الى رصاص،والاضواء المنبعثة منها الى دم ينزف من أجساد التونسيين لاسمح الله.فائض الرعب هذا يتداوله التونسيون ويتسائلون عن عجز حكومتهم ومؤسسات أمنهم على ايقاف نزيف حول ليلهم الى كوابيس يختلط فيها سواد الليل ببياض أصوات الرصاص...تونس الخضراء عن لبعض من" متساكنيها"زمن تضاءل منسوب المواطنة فيها ، أن تكون بيضاء ،فانتظار خريف وشتاء قادمين يحملان أحلام غيث قد يعيد خضرتها...