قبل ايام حاولت حركة النهضة تلميع صورة ميليشيات فجر ليبيا حيث اعتبرتها الدرع الحامي لتونس من الارهاب, فاذا بالإرهاب يطاول البعثة الدبلوماسية في عقر دار الحكومة التي اضفت عليها تونس صفة الشرعية, حيث اقدمت ميليشيات بقلب العاصمة طرابلس على اختطاف بعض الموظفين في القنصلية التونسية بالمدينة, وكعادتها تجردت حكومة الامر الواقع من "مسؤولياتها" بشان الحفاظ على الدبلوماسيين لكنها حددت الجهة المسؤولة عن اقتحام القنصلية, عملية الاختطاف جاءت على خلفية رفض السلطات القضائية مطلب الافراج المقدم في حق احد قادة تنظيم الفجر الارهابي.  

انها ليست المرة الاولى التي يختطف فيها رعايا تونسيون في الغرب الليبي حيث تسيطر ميليشيات الفجر على مقاليد الامور, وللأسف فان الحكومة التونسية تتعامل معها وكأنها حكومة شرعية معترف بها,والانكى من ذلك ان وزارة الخارجية التونسية اعتبرت في بيان لها أن هذه الحادثة تعد بمثابة الاعتداء السافر على السيادة الوطنية التونسية، والانتهاك الصارخ للقوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية الضامنة لسلامة وأمن الموظفين والبعثات الدبلوماسية والقنصلية متجاهلة ان حكومة طرابلس جاءت عقب انقلاب على الشرعية بقوة السلاح الذي تمتلكه الأذرع العسكرية لتنظيم الاخوان في ليبيا, وأن هذه الحكومة غير معترف بها دوليا وبالتالي فهي لا تقيم وزنا للقوانين والاعراف الدولية بل هي حكومة مارقة.

اعتراف تونس بحكومة الامر الواقع لم يشفع لها, بل جعل الميلشيا تتمادى في غيها, محاولة الابتزاز, سواء بالتدخل في عمل القضاء التونسي, أو الحصول على بعض الاموال التي بدأت تنضب من الخزينة التي اشرفت على الافلاس وفي كلا الحالتين يعتبر ذلك خنوعا يقلل من هيبة الدولة التونسية الفتية التي تحاول ان تنهض بشعبها في محيط  به امواج عاتية, تسونامي الاخوان المسلمين الذي يسعى جاهدا الى فرض سيطرته بقوة السلاح ولا يعترف بالديمقراطية التي سوّق لها الغرب, بل نجد ان الغرب يدفع بكل ثقله في سبيل الابقاء على الاخوان في ليبيا ,حيث انهزموا في بقية المواطن الاخرى.          

ترى هل كل هذا الخنوع لمصلحة تونس؟ والى اي مدى يمكن ان تستمر الحكومة التونسية في غض الطرف عن افعال تنظيم الفجر؟, ام ان هناك مخطط لإحياء دور الاخوان وضرورة دعمهم في ليبيا خاصة عقب الزيارات المتكررة لزعماء دول تناصر الاخوان حيث تم الاعلان عن تقديم مساعدات وضخ مزيد من الاموال, ظاهره دعم الاقتصاد التونسي وباطنه السيطرة على مقدرات الشعب, وذلك عبر امتلاك العديد من المؤسسات الاقتصادية التي يمكن ان تؤثر في الاقتصاد التونسي في حال اقدام السلطات المانحة بوقف الانتاج او الخدمات التي تقدمها الشركات المعنية او تسريح العمال التونسيين في حال عدم رضا سلطات الدول المانحة عن توجهات الحكومة التونسية.

تبا لهكذا مصلحة تجعل من تونس ذليلة منصاعة لأوامر الغير, فبالإمكان الحصول على الاموال اللازمة لإحداث مشاريع تنموية من جهات اخرى يكون هدفها الربح المادي لكنها لن تجبر تونس على انتهاج مسارات فكرية ارهابية لا تحترم ادمية الانسان, هذا ما يريده ساستنا المنضوون تحت عباءة الاسلام السياسي فهم اشد كفرا ونفاقا من اولئك الذين كانوا يحكمون السيطرة على اوروبا   في القرون الوسطى الاوروبية حيث الحكم الديني(ثيوقراطي) الذي قضى على رموز التمدن والتطور العلمي.    

كاتب ليبي 

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البولبة