معارك الجيش في بنغازي تجاوزت العام ولم تتحرر المدينة, مجلس نواب اندفاعته السريعة عند الانطلاق افرغت كل طاقته, فلم يعد قادرا على فعل شيء, دب الياس بين اعضائه,حلت الفرقة بينهم  اصبحوا ينظرون الى مصالحهم الخاصة, تفجير طبرق امام البرلمان, جعل من النواب يتركون ارض الوطن, فهم موزعون بين الاجتماعات المتعددة التي احدثها السيد ليون بحجة ايجاد حل, تعقد جلساتها في دول اتحاد المغرب العربي, البعض يمكن ان نطلق عليهم سفراء سامون لليبيا لدى هذه الدول, اضافة الى بعض الدول الاوروبية ,قلة اولئك الذين بقوا في البلاد, إما بدافع الغيرة وعدم ترك الوطن واما عدم الانضواء تحت اي تنظيم(مصلحي او عقائدي) وما اكثرها التي تعد اخطر من تنظيم الدولة, غالبية الجلسات تفتقد الى النصاب القانوني, الاجتماعات صارت مجرد روتين عادي لتناول بعض المواضيع, أشبه باجتماعات "المرابيع", لعب الورق,ودق الحنك.

تنظيم الفجر الارهابي الذي حمل على عاتقه مسؤولية تحرير البلد من الازلام وبقايا الجيش السابق, أحدث في البلاد القتل والتدمير فتساقطت المدن والقرى امامه,سيطر على غالبية مدن الغرب الليبي, مدن عمل على تهجير اهلها لعدة اشهر فاصبح هؤلاء مشردون يحملون امتعتهم على ظهورهم. أما الجنوب فانه يعتبرونه تبعا لهم (بالوراثة) ومن حاول الذود عن حياضه فإما قتيل واما اسير.

فجر ليبيا (هكذا يحلوا لمنتسبيه تسمية انفسهم) لم يستطيعوا الصمود امام تنظيم الدولة في سرت, فكان الانسحاب المهين من منطقة غنية بالنفط, عمل "فجر ليبيا " ما في وسعهم للسيطرة على المنابع والموانئ البترولية التي يتم عبرها تصدير ما يقرب من 80% من اجمالي الصادرات, بل اصبح الانقلابيون مستهدفون في معقلهم خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقونها في بعض مدن الغرب الليبي ,تحررت بعض المناطق من عبوديتهم, ضاقت الارض على الانقلابيين بما رحبت, شعروا بالهزيمة واصبحوا يتحسسون رؤوسهم, ردة الفعل من نفس جنس الفعل, بعضهم اراد ان يجنح الى السلم, فتمت بعض المصالحات وتبادل الاسرى,بل هناك انباء عن امكانية عودة من سبق تهجيرهم عنوة من ديارهم منذ بداية الازمة,وغض العالم "المتحضر" الطرف عن مآسيهم, و لم تفلح حينها كافة الوساطات المحلية, وعد رجوعهم الى ديارهم ضرب من الخيال.         

بعض زعماء الانقلاب لا يزالون يصرون على ان القوى التي اجبرتهم على الهروب من سرت هم ازلام النظام السابق ولو اخذنا بقولهم فذاك يعني انهم لم يستطيعوا الصمود امام الازلام الذين تكالبت عليهم بعض دول العالم على مدى ستة اشهر, استخدمت خلالها كافة انواع الاسلحة,اي ان الانقلابيين لم يستطيعوا احكام السيطرة على البلاد رغم امتلاكهم لكافة مقدرات الدولة اضافة الى الدعم المتواصل لهم من قبل دول لم تعد خافية على احد, همها الاكبر ان تنهار ليبيا وتستمر اعمال العنف بها.

لم يفلح تنظيم الفجر في اقامة الدولة المدنية التي حاول ايهام الشعب بها, لقد اسقط تنظيم الدولة "داعش" مشروع الدولة, لأنه وللأسف لم يكن هناك مشروع دولة بل مشروع سرقة ونهب وقتل وتشريد وتنكيل بشعب صدق يوما ان هؤلاء المجرمين سيحققون له حلمه في العيش الرغد وحرية التعبير والمعتقد. دوام الحال من المحال والنصر للشعوب المستضعفة.    

كاتب ليبي 

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة