لم تكن الحرب التي دارت بين جماعات مدينة مصراتة والجماعات المنضمة اليها وجماعات مدينة الزنتان والجماعات المنضمة اليها حرب مباشرة ، فلم يكن هناك اشتباك مباشر بينهما محدد الأهداف فكان كل طرف يرمي بنيرانه وقذائفه على الطرف الاخر رميا عشوائيا على سبيل الوجهة او الاتجاه دون رؤية او وضوح او تحديد للأهداف واذا تراجع طرف من الطرفين بتوقف نيرانه وقذائفه يتقدم الطرف الاخر اعتمادا على غزارة نارية في اتجاه متوقع لوجود الطرف الاخر ولم يكن اشتباكهما مباشر وجها لوجه او التحام قتالي مباشر الا بعض العمليات النوعية المحدودة  ، يرجع ذلك الى ان الجماعات المنتمية الى مدينة مصراتة والجماعات المنضمة اليها كانت تخطط اولا لحصار الجماعات المنتمية لمدينة الزنتان والجماعات المنضمة اليها  .

من السلوك القتالي الذي اتسم به الطرفان ان جماعات مدينة الزنتان والجماعات المنضمة اليها تقاتل بدافع حماسي عاطفي اندفاعي وجماعات مدينة مصراتة والجماعات المنضمة اليها تقاتل بدافع تفكيري تدبيري كيدي وهما سلوكان كانا واضحين في هذه الحرب لمن له دراية بعلم النفس

او لديه ثقافة نفسانية، هذان السلوكان القتاليان لو اجتمعا في قوة واحدة لكانت هذه القوة قوة قاهرة وليت هذه الجماعات  تجتمع للدفاع على ليبيا بدلا من الحرب عليها ، المهم من ذلك ان جماعات مدينة الزنتان والجماعات المنضمة اليها كانت تفتقد للتخطيط و التدبير وتفتقد جماعات مصراتة  والجماعات المنضمة اليها للحماس والعاطفة ، في هذه الحرب التى هى حربا بين الأخوة تراجعت وانسحبت جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها فجأة بعد ايام من الحرب وتقدمت وسيطرت جماعات  مصراتة والجماعات المنضمة اليها اي انتصرت ، وبرر قادة جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها ان  تراجعهم وانسحابهم  الى مناطقهم بانه انسحاب ( تكتيكي ) وهذا امر لايعرف عسكريا بانه انسحاب  ( تكتيكي ) هو يعرف تراجعا او انسحابا نهائيا ولن أقول هزيمة ، الطرفان مهزومان دينيا ودنيويا لقتالهما لبعضهما ، السيطرة الآن لجماعات  مصراتة  والجماعات المنضمة اليها وفقدت جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها السيطرة .

ويعرف عن الانسحاب  (التكتيكي ) بان تعقبه عملية عسكرية مباشرة بعد الانسحاب، كالانسحاب واستدراج الخصم الي مواقع خطيرة او الانسحاب ثم الالتفاف على الخصم او الانسحاب والعودة مباشرة الى الخصم بعملية عسكرية غير متوقعة ، مثل هذا هو الانسحاب  (التكتيكي ) المعروف في الحروب وانسحاب جماعات  الزنتان والجماعات المنضمة اليها هو تراجع عن المعركة وليس انسحاب  ( تكتيكي ) كما روج .

 السبب الحقيقي وراء تراجع وانسحاب جماعات  الزنتان والجماعات المنضمة اليها هو عملية الإرباك ثم الانهيار التنظيمي الذي حدث لهذه القوات نتيجة الحصار وقطع خطوط وطرق الإمداد حيث ان السلوك القتالي الذي اعتمدته جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها هو التدبير والتفكير كما أسلفت فقامت جماعات  مصراتة والجماعات المنضمة اليها  بحصار جماعات  الزنتان  والجماعات المنضمة اليها بقطع خطوط الإمداد عنها وقطعت اولا خطوط نقل الوقود والتي تنبع من غرب طرابلس في مدينة الزاوية ومن خزانات طريق المطار ومن ميناء طرابلس البحري فقطعت خط الوقود الاول بتكليف جماعات من الزاوية بمنع الإمداد من غرب طرابلس من مدينة الزاوية وقطعت خط الوقود الثاني من ميناء طرابلس البحري حيث الناقلات النفطية الراسية بالميناء  والتي مقرر ان تمد المدينة بالوقود وذلك بتكليف جماعات  متحالفة في قاعدة معيتيقة للسيطرة ومنع اي إمداد من هذه الناقلات بل ومنع الكثير من محطات الوقود بطرابلس من التزود من هذه الناقلات الا تحت سيطرة جماعات قاعدة معيتيقة وذلك حتى لايتسرب بعض الوقود الى جماعات  الزنتان والجماعات المنضمة اليها ثم قطع خط خزانات طريق المطار وذلك بقصد أودون قصد وحتى لا اظلم طرف من الطرفين بكلامي واتهمه بما فعل او لم يفعل في هذه الجزئية بالذات سوف أضع احتمالات لمن قام بتفجير خزانات الوقود بطريق المطار وللقارئ اختيار احد هذه الاحتمالات :-

 - الذي قام بتفجير خزانات الوقود قد تكون جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها  حتى تقطع هذا الخط الامدادي وذلك كما قطعت الخطين الامداديين في غرب طرابلس وخط ميناء طرابلس البحري .

 - وقد تكون إصابة خزانات الوقود من احد الطرفين وذلك لإرعاب وتشتيت القوة المتحصنة بجوار الخزانات اي تشتيتها وارعابها لتوقع انفجار خزانات الوقود ، وان كانت هذه الإصابة من طرف جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها فإنها قد أضرت قواها وقطعت اخر خط إمدادي لها وقد يحدث ذلك باستدراج من جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها  لجماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها  بقصف هذا الخط الامدادي ، وان كانت إصابة خزانات الوقود من جماعات  مصراتة والجماعات المنضمة اليها  فان مقصدها من ذلك  هدفين وهو ارعاب جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها وقطع هذا الخط الامدادي عنها .

 - قذائف عشوائية من احد الطرفين وقعت على خزانات الوقود وكان ذلك لصالح جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها  ولسوء جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها لانه قطع لإمدادات الوقود .

 وبذلك تم قطع إمداد الوقود وأعقبه قطع إمداد الذخيرة والتموين من الجبل وبعض المخازن وبدأ ان جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها تلقي بقذائفها على جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها ، من بعيد لتحريكها في منطقة حصارها وذلك لإهدار ذخائرها ووقودها وكانت جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها ترد بقذائفها على جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها المحاصرة لها حتى نفذت الذخائر ونفذ الوقود فحدث إرباك في قوات الزنتان والقوات المنضمة اليها ثم انهيار متسارع أدى الى تراجع هذه القوات . 

 ذات الامر يحدث في غرب مدينة طرابلس تحديدا في منطقة ورشفانة  حيث يتم محاصرة المنطقة  التي يتحصن فيها مايعرف بلواء ورشفانة  بقطع إمدادات الوقود والذخائر والأسلحة مع قصف داخل المنطقة من  مناطق الطريق الساحلي بالقذائف والصواريخ حيث تحاصر جماعات من منطقة الزاوية غرب وشمال غرب مدينة ورشفانة  وتقطع عنها الإمدادات وتحاصر جماعات من منطقة جنزور شرق وشمال شرق مدينة ورشفانة وتقطع عنها الإمدادات وتحاصر جماعات من منطقة مصراتة شرق مدينة ورشفانة وجنوب شرق ورشفانة ،و لم تدخل القوات المحاصرة الى داخل منطقة ورشفانة لصعوبة التوغل فيها بسبب الامتدادات الزراعية الواسعة وعدم وضوح مسالكها وتنتظر القوات المحاصرة لحظات الإرباك والانهيار التى قد تسود فيما يعرف بلواء ورشفانة بسبب انقطاع الإمدادات عنها وتواصل القصف على المنطقة من خارجها . 

 الهدف الاساسي لهذه الحرب غير المعلن :-

هدف هذه الحرب هو السيطرة على مدينة طرابلس سيطرة كاملة وذلك بسيطرة التيارات والتنظيمات الدينية على المدينة وإزالة المقابل المانع لهذه السيطرة وهى قوات الزنتان والقوات المنضمة اليها، لقد سيطرت التيارات والتنظيمات الدينية على اغلب مدن ليبيا وكان قادة هذه التيارات والتنظيمات حكاماً فعليين لهذه المدن وفي طرابلس كانت سيطرة هذه التيارات والتنظيمات الدينية  سيطرة جزئية لانها تواجه عقبة للسيطرة الكاملة وهذه العقبة هى قوات او جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها  ولتنحية هذه العقبة كان لا بد من شن الحرب عليها من قوات اوجماعات  من مدينة مصراتة  والجماعات المنضمة اليها والتي دفعت دفعا من تيارات  وتنظيمات دينية ، لذلك فان الهدف ليس مطار طرابلس او تصحيح ثورة فبراير كما هو معلن ، ان الهدف هو التمكين الكامل والسيطرة على مدينة طرابلس من اصحاب العقائد الدينية المنحرفة عن صحيح الاسلام وذلك بإزالة العقبة الاخيرة وهى جماعات الزنتان والجماعات المنضمة اليها ، علما ان هذه العملية التى تقودها جماعات مصراتة والجماعات المنضمة اليها والمسماة عملية فجر ليبيا لاتحظى باي دعم من مدن ليبيا والشعب الليبي ، وكل البيانات والتصريحات الاعلامية التي ظهرت من مدن ليبية والتي بدأت انها داعمة لعملية فجر ليبيا هى مدن أسيرة يحكمها الآن قادة التيارات والتنظيمات الدينية الذين سيروا  دعما إعلاميا لعملية فجر ليبيا لا يعبر حقيقة عن صوت الشعب الليبي وصوت هذه المدن التى لا تدعم عملية فجر ليبيا . ومن الواضح ان أهداف عملية فجر ليبيا او قسورة هى أهداف غير صادقة فيرفعون شعار تصحيح ثورة فبراير ويعيدون الى المشهد الليبي المؤتمر الوطني العام والذي كان من خطايا ثورة فبراير بما سببه من نكسات لليبيا والليبيين وهو من افرز كل التلوث الوطني الذي يقتل ليبيا يوما بعد يوم . 

 من صفات هذه الحرب :-  

 هى ابشع وأشنع انواع الحروب لانها حرب بين أبناء الشعب الواحد وابناء الدين الواحد ، مثل هذه الحروب بقدر ما تزيد الشعب الضعيف ضعفا فإنها تنحدر بالشعب القوي نحو الضعف لانها تقطع أبناء الشعب الواحد تقطيعا وتلهب النسيج المجتمعي بالاحقاد والعداوة والبغضاء فتحول النسيج المجتمعي الى أنسجة متقطعة مقددة متنافرة ملتهبة على نفسها وليس على غيرها. 

 تنشأ مثل هذه الحروب عندما يقطع حكام الشعوب الانتماء للوطن ويدعمون او يجاملون او يداهنون الانتماء للقبيلة او المنطقة او التيار او المذهب الديني ، عندها يصبح الوطن الواحد أوطان متعددة والدين الواحد ديانات متعددة وهذا مايحدث في ليبيا  وهذا منشأ من مناشئ الحروب .   

 سوف تبقى هذه الحروب في ليبيا الى ان يحكم ليبيا  حكام ،  احجام شخوصهم واسعة وليست شخوص ضيقة ، حكام لديهم تفكير أساسي لصهر هذه الانقسامات وتلحيم الأنسجة الاجتماعية المقددة المقطعة الى اجزاء . 

 

كاتب ليبي 

[email protected]