لقراءة مشهد الانتخابات التركية بعمق و تأثيره على منطقة الشرق الاوسط و بالاخص دول الربيع العبري بعيدا عن مانشيتات الصحف التركية سواء كانت المحسوبة على حزب العدالة و التنمية او المعارضة علينا النظر أذا الى ثلاث مشاهد هامة الا و هى المشهد الاول و هو مشهد تحركات اردوغان و دعاية حزب العدالة و التنمية قبل أجراء الانتخابات، و المشهد الثانى فترة الصمت الانتخابى، و المشهد الثالث الا و هو مشهد نتيجة الانتخابات و تأثيرها على الداخل التركي و على سياستها الخارجية و ما يترتب عليه بمنطقة الشرق الاوسط .

 

المشهد الاول " مشهد تحركات اردوغان و دعاية حزب العدالة و التنمية قبل أجراء الانتخابات "

كثف أردوغان و رئيس وزرائه أحمد داوود اوغلو و جميع مرشحين الحزب الحاكم على مقاعد البرلمان جوالاتهم و لقائتهم الجماهيرية خلال الثلاث الاشهر الاخيرة بشكل ضخم جدا حتى بات حزب العدالة و التنمية هو الحزب الوحيد الذى عقد لقاءات جماهيرية بجميع ولايات تركية بلا أستثناء، و لكن دعونا من هذا الكم الهائل للمؤتمرات الجماهيرية التى عقدها حزب العدالة و التنمية و دعونا نتأمل حقيقة تلك المؤتمرات و أحاديث أردوغان، فأردوغان لم يترك مناسبة الا و تعمد سب القيادة السياسية للدولة المصرية و الجيش المصري، و عند أفتتاحه لمشاريع بشانلي اورفا بمنتصف شهر مايو كرر الهجوم ضد القيادة المصرية بسبب انحيازها لوحدة الاراضى السورية و دعمها للجيش الليبي ضد مليشيات داعش و فجر ليبيا ( أى أشقائه فى التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون ) و عندما سئله أحد الصحفيين عن قضايا فساد أبنائه سمية و بلال قال نصا " لا يستطيع أحد محاسبتى و بعد حصولى على 400 مقعد لن يستطيع يتكلم امامى احد "، أذا نحن أمام الخليفة العثمانى الجديد الذى يعتبر كل من يعارضه من الكفار و لما لا بعد أن قام نائب رئيس حزب العدالة و التنمية ياسين أقطاي بتحويل أناشيد مدح للرسول الى مدح لاردوغان و الثناء عليه، و بعد أن قام أردوغان نفسه بنعت رئيس حزب الشعوب الديمقراطية بالفاسق .

 

 المشهد الثانى " فترة الصمت الانتخابى "

و هو المشهد الذى لم تتوقف فيه التفجيرات ضد حشود المعارضين و بالاخص مقرات و حشود حزب الشعوب الديمقراطى الكردي، حتى أن هناك العديد من الاكراد الذين قررو مقاطعة الانتخابات خوفا على حياتهم و دشنو أكثر من هاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكدون فيه امتناعهم عن المشاركة فى العملية الانتخابية، و لكن المشهد الاهم هو أختراق موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك للصمت الانتخابى بالتفاف خبيث بعد أن اطلق خدمة " انا انتخب " لكي يستغلها اللجان الالكترونية لحزب العدالة و التنمية خلال فترة الصمت الانتخابى للترويج للحزب الحاكم، لكي تكون الانتخابات التركية هى رابع انتخابات يتم تفعيل لها تلك الخدمة بعد انتخابات الولايات المتحدة الامريكية و البرلمان الاوربى و الانفصال بين انجلترا و اسكتلندا، و هنا يتجلى الدور الحقيقى للاعلام الالكترونى و مواقع التواصل الاجتماعى منذ بداية شرارات الربيع العبري .

و بيوم 9 يونيو الجارى صرح زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديميرتاش إن سلسلة التفجيرات التي استهدفت الحزب خلال الحملة الانتخابية البرلمانية لها صلة بتنظيم الدولة الاسلامية بالعراق و الشام داعش الذى يتم أعداده بترتيب من الحزب الحاكم .

المشهد الثالث " مشهد نتيجة الانتخابات و تأثيرها على الداخل التركي و على سياستها الخارجية "

دعونا نبداء بالتأثير الداخلى و دخول حزب الشعوب الديمقراطية الى البرلمان و لماذا حالة التركيز العالية على ذلك الحزب بالتحديد و رئيسه فما لا يعلمه البعض أن حزب الشعوب الديمقراطية تم تأسيسي بالورق و الخطواط الروتينية الاولى منذ ثلاث اعوام اما العمل الحقيقي الفعل على الارض فكان منذ عام واحد فقط بعد أن نجح الحزب فى جذب العديد من العرقيات و الاقليات بتركيا بجانب الاهتمام بالمراءة فحزب الشعوب الديمقراطية هو الحزب الوحيد الذى له رئيسين رجل و امراءة صلاح الدين ديميرتاش و الصحفية و الناشطة السياسية فيجان يوكسال داغ، فكان تخطى الحزب لنسبة الـ 10% من مقاعد البرلمان مفاجئة للجميع و هى المفاجئة التى ستحول مشاكل الاكراد الى شبح يطارد أردوغان و لكن فى تلك المرة بشكل رسمي و تحت قبة البرلمان التركي و ليست فى الكواليس كما كان بالامس .

كما يجب أن نركز على خطوة فوز حزب الشعوب الديمقرطاي الكردى و انعاكسها على الوضع الكردي فى كلا من العراق و سوريا .

و بالشأن الداخلي فسيواجه حزب الاغلبية العدالة و التنمية مشكلة ضخمة أن لم يستطع تشكيل حكومة ائتلافية خلال 90 يوم من بعد اجراء الانتخابات و ان فشل فى ذلك يتم اجراء انتخابات مبكرة لكى تعود الكورة الى مربع صفر من جديد و لكن فى تلك الحالة قد نسمع لصوت جديد فى تلك المرة لن يكون صوت لحزب او قيادة سياسية بل سيكون الصوت للجيش التركي و الجنرال نجدت اوزال .

اما ما يخص الشأن الخارجي و تداعيات تلك الانتخابات على منطقة الشرق الاوسط و دول الربيع، فبكل تأكيد هناك هزة قوية ستضرب كل مخططات أنقرة التى أرادت تمزيق سوريا و ليبيا و الانتقام من مصر، و لذلك جائت أول رسالة خارجية لاردوغان لامير قطر بعد أن صرح بتأكيدة على استمرار التعاون العسكرى مع قطر و بعد أن المح ان تركيا لن تترك رئاسة ذلك المحور ( محور أنقرة الرياض الدوحة ) لاسرائيل، و هنا يجب أن نضع فى الحسبان مدة 90 يوما التى سينشغل بها رجال أردوغان و لو لبعض الشئ عن بث السموم فى سوريا عبر معسكرات داعش التى بشرق تركيا او بث السموم فى ليبيا عبر المتوسط من الشمال الليبي او غرب دار فور من جهة الجنوب الليبي، فهى فرصة أن نلتقط انفاسنا الذى ظل الاعداء يحبسها لكي نختنق و لكن وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ .

 

فادى عيد

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]